صندوق التمويل الأصغر لإقراض الأسر السورية

قرض لمشروع المؤونة أيضاً تصوير أحمد العكلة

نزحت أمينة المعروفة بأم محمد مع أسرتها إلى مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، بحثاً عن مأوى وعمل تعتاش منه أسرتها في ظل الأوضاع المادية المزرية. استقرت العائلة في أحد منازل المدينة.

أمينة (45 عاماً) متزوجة وهي أم لأربعة أبناء صغار السن، أحدهم من ذوي الاحتياجات الخاصة وهو يعاني من ضمور وشلل دماغي منذ الولادة. ما يضطر العائلة لدفع بدل النفقات العلاجية المكلفة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية.

أمينة تعمل منذ سنوات عديدة، في الخياطة وأشغال يدوية للزينة والأكسسوارات في المنزل. بدأت بالعمل بمهنتها في مدينة الباب من جديد ولكن لم يكن لديها أي معدات لتستطيع العمل بشكل حقيقي.

تقول أمينة: “قررت العمل مع صديقتي التي تمتلك ماكينات خياطة وبعض الأقمشة. عملنا فترة مع بعض وكنا نتقاسم الدخل سوياً، لكن الدخل المادي الذي كنت أحصل عليه لم يكن يكفي لمساعدة زوجي في سد احتياجات المنزل”.

وأضافت أمينة: “بعد أن تركت العمل مع صديقتي قمت بشراء ماكينة حياكة قديمة لأعمل عليها، حيث أنني لا أحتاج الخروج من المنزل بسبب وضع طفلي الصحي. كنت أعاني من قلة العمل والزبائن بسبب عدم توفر الآلات والمعدات لأستطيع العمل بشكل أكبر”.

وتشير أمينة: “بعد فترة من التعب والعمل البسيط تعرفت من صديقاتي على مشروع صندوق كريم للتمويل الأصغر في مدينة الباب. حصلت منه على قرض ضمن النظام الجماعي، حيث قمنا بتكوين مجموعة وقدمنا طلب الحصول على قرض ووافقوا على إقراضنا المبلغ المطاوب”. 

 وتوضح أمينة: “استلمت المبلغ حيث قمت بشراء ماكينات خياطة والعديد من الاقمشة المتنوعة والمختلفة الأشكال والألوان.كما أنني اشتريت بعضاً من أنواع الاكسسوارات والريبان والزينة، وأقوم بأشغال يدوية يتم طلبها في بعض الأحيان. الآن ازداد رزقي ولم أعد بحاجة لطلب المساعدة من أحد، فقد اعتمدت على نفسي ومساعدة زوجي لي في العمل”.

وأكدت أمينة أن مشروعها نجح لدرجة أن منتجاتها أصبحت تشاركها مع العديد من تاجرات الألبسة في المدينة، إلى جانب طلب أصحاب المحلات التجارية لبعض منتجاتها، وهو ما أدى إلى تحسن مستوى معيشة أسرتها وخصوصاً أطفالها”.

وفي ظل تردي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسبة الفقراء، واعتماد هؤلاء على الجمعيات الإغاثية في تأمين قوتهم، سعت مؤسسة الشام الإنسانية إلى إيجاد آلية لمواجهة مشكلة البطالة والتخفيف من آثارها الكارثية، عن طريق مساعدة الطاقات الكامنة ودفعها للإنتاج. 

وأطلقت الجمعية مطلع العام 2019  مشروع صندوق كريم للتمويل الأصغر، الذي يقدم خدمات الإقراض للأسر السورية بشروط ميسرة، ويتيح الفرصة لمن يرغب في العمل الخاص الحصول علـى السيولـة اللازمة.

يتألف المشروع من 5 مراحل إقراضية، تشكل في مجموعها خطة متكاملة للانتقال بالأسر من الفقر المدقع إلى الطبقة متوسطة الدخل. ويستهدف الأشخاص الذين يمتلكون القدرة والرغبة في تأسيس عملهم الخاص، عبر تزويدهم بالسيولة اللازمة لدفع عجلة أنشطتهم الخاصة وتنميتها، مما يساعـد على خلق فرص عمل جديدة وزيادة دخل عملاء الإقراض.

يعتزم المشروع تقديم خدمات الشمول المالي لـ 150 عميلاً في المرحلة الأولى، على أن تتوسع شبكة العملاء لتشمل 195عميلاً بعد مرور عام على منح أول قرض. وسيتم العمل بنظام القروض الحسنة دون فوائد، الإنتاجية خدمية، تجارية،صناعية، المستردة بالكامل، بحيث تسهم مبالغ الاسترداد الشهرية في دعم أشخاص جدد”.

محمود العيسى (45 عاماً) مدير صندوق كريم في مدينة الباب يقول: “نتيجة الحرب الدائرة في سوريا تضررت عشرات المشاريع الصغيرة الصناعية والتجارية والخدمية. فقد أغلب أصحابها معداتهم ورأس المال ولم يتمكنوا من تعويضها نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، فتحول هؤلاء الأشخاص من منتجين إلى مستهلكين”.

وأضاف العيسى: “جميع هؤلاء الأشخاص لديهم الإرادة لإكمال مشاريعهم، ولكن ينقصهم الدعم. وفي سبيل ذلك بدأ تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع صندوق كريم للتمويل الأصغر، الذي يعتمد التمويل المتناهي الصغر، وفق نظام الضمان الجماعي ويقدم خدمات الإقراض للرجال والنساء المهجرين والمقيمين في مدينة الباب والذين لم تتوفر لهم القدرة على العمل الحر”.

الاحتياجات المعيشية المتفاقمة دفعت عبير (40 عاماً)، للعودة إلى مدينتها وبيتها المتضرر بشدة جراء الحرب من أجل استمرارها في عملها ومساندة زوجها، بسبب عدم قدرتهم على المعيشة في أماكن أخرى.

عبير من مدينة الباب في ريف حلب الشرقي تعيل أسرتها المكونة من 4 أفراد وتساعد زوجها المريض. بعد عودة العائلة إلى المدينة ومشاهدة منزلهم المدمر، استدانت عبير مبلغاً كبيراً من المال من إحدى صديقاتها، لتقوم بإعادة ترميم المنزل حيث أنه لا مأوى لديهم سواه.

وتقول عبير: “بعد الانتهاء من الترميم وإعادة السكن بمنزلي بدأت بالعمل من خلال شراء المزروعات من بندورة، فليفلة، وورق عنب وألبان وأجبانوتحويلها الى مؤونة ومن ثم بيعها بالسوق والجوار، وبسبب الأوضاع القاسية التي تعرضنا لها سابقاً لم يكن لدي رأس المال لأقوم بهذا العمل، وقد كنت أعمل حسب التوصيات من الزبائن لدي دون التخزين”.

وأضافت عبير: “الدخل المادي لم يكن في حال جيد حتى أستطيع سداد المبلغ الذي استدنته من أجل منزلي، ولا يساعدني على مساندة زوجي في سد احتياجات المنزل، حتى علمت من أحد اصدقائي في الجوار عن مشروع كريم الذي يوفر الفرص لتمويل مشاريع صغيرة، من خلال التقديم والحصول على قرض إنتاجي حسن مسترد بالكامل”.

وأشارت: “أخذت رأي زوجي وكانت الفكرة جيدة جداً، تقدمت مع صديقاتي بطلب قرض وبعد دراسة طلبنا واستكمال الأوراق والإجراءات تمت الموافقة، واستلمنا القرض. قمت بشراء جميع المواد التي تلزمني في صناعة المونة وبدأت بالعمل في منزلي، كما أن أصبح إقبال زبائن بشكل كبير لدي”.

وختمت عبير: “الآن بدأ الوضع المادي يتحسن بشكل كبير، وأقوم بتخزين المواد لبيعها في الشتاء، كما أنني وبفضل عملي واعتمادي على ذاتي استطعت تسديد الدين الذي كان متراكماً لصالح صديقتي”.