مبادرة شبابية لدعم المواهب الشابة في إدلب

فن التجميل الخاص بالتمثيل أمام الجمهور تصوير أحمد عكلة

على خشبة المسرح في المركز الثقافي في مدينة إدلب وأمام حشد جماهيري من الفعاليات المدنية والأهالي والإعلاميين ينشد فهد الشامي أناشيد الراحل عبد الباسط الساروت وذلك تخليداً لذكراه وإظهار موهبته الغنائية.

فهد الشامي (33 عاماً) مهجر من الغوطة الشرقية، اكتشفت والدته صوته الشجي منذ طفولته. دأب على حضور الاحتفالات الدينية والمساهمة في الأعراس والعراضات الشامية وتلاوة القرآن الكريم منذ كان تلميذاً في مدرسته. تطورت موهبته مع حصوله على شهاد منشد وقارئ من قبل وزارة الأوقاف السورية منذ أكثر من 13 عاماً.

يقول الشامي لحكايات سوريا: “كنت أدرس في كلية الهندسة الكهربائية في جامعة دمشق. تخرجت منها ولكن هذا الأمر لم يحل دون متابعة الإنشاد والغناء في الاحتفالات الدينية والأعراس. وأصبحت في مراحل متطورة ضمن الفرق التي لها مكانة مرموقة على مستوى الوطن العربي كفرقة آل العسلي”.

ويضيف الشامي: “بعد تهجيرنا إلى الشمال السوري من الغوطة الشرقية، وجدت متسعاً من الحرية لممارسة موهبتي حيث قمت بافتتاح استديو، وبدأت بتسجيل الأناشيد الثورية والدينية والمشاركة بصوتي في الفعاليات والاحتفاليات. في حين أن فعالية دعم المواهب الشابة هذه أتاحت لي الفرصة ليسمع صوتي الآلاف من الحاضرين في القاعة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي”.

انطلقت مبادرة دعم المواهب الشابّة في مدينة إدلب على مستوى الشمال السوري وريف حلب أيضاً، وتعتبر المبادرة شبابية بامتياز وتطوعيّة أيضاً، وتهدف إلى تسليط الضوء على المواهب المنتشرة في الشمال السوري، وتقديم الدعم الإعلامي لها لتطفو على السطح في ظلّ عدم الاكتراث لما يحمله شباب هذا البلد من تنمية لمواهبهم ومهاراتهم.

تم التخطيط لهذه المبادرة بشكل جيد وانطلقت في 11 آب/أغسطس، وباتت تملك صفحة خاصة على موقع فايسبوك باسم مبادرة دعم المواهب الشابّة.

عبد الغني صيادي (21 عاماً) من مدينة أريحا في ريف إدلب، يدرس في المعهد التقاني للعلوم المادية والإدارية ويمتلك موهبة في فن المكياج السينمائي.

ويقول صيادي لحكايات سوريا: “بدأت بقدرات كثيرة منها التصوير والتصميم والمونتاج والتمثيل وانتقلت لمكان جديد بموهبة جديدة بشيء فريد من نوعه وهو المكياج السينمائي، حيث أتت الفكرة قبل فترة قصيرة خلال جلسة مع الأصدقاء الذين أعجبوا بعملي ومن أجل قضاء وقت الفراغ قمت بهذا العمل كمجرد تسلية في البداية”.

ويضيف صيادي: “عندما حصلت على الفرصة التي تمكنني من نشر هذا الفن تحت انظار أصدقائي وعائلتي التي كان رأيهم وتشجيعهم يساندني دائما، قررت إخراج موهبتي لكي يراها الناس من خلال نشر أعمالي على وسائل التواصل وأخيراً مبادرة دعم المواهب التي ساعدتنا كثيراً في نشرها على أوسع نطاق”.

‪ويشير صيادي إلى أنه “بدأ بترويج الأعمال الخاصة به واعتمد على نوع مبالغ فيه من المكياج لتغطية نقص المواد وسوء النوعية، لأن اغلبية المواد من صنع المنزل وليست مخصصة لهذا الأمر. في حين أن المكياج السينمائي لا يشمل فقط مشاهد دم وخوف ورعب، إنما يمكن أن يجمل ويعطي طابعاً مميزاً ويوصل صورة مرئية تكون غريبة وفريدة من نوعها”.

ومن الفرق التي ساهمت في تشكيل مبادرة دعم المواهب الشابة فريق مداد وفريق فيتشر وفريق إدلبيون حيث عمدت هذه المنصات التي تضم عشرات الكوادر الإعلامية على نشر أعمال هذه المواهب على وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى تنظيم فعالية ضمت المئات من رجال ونساء وشملت الفعاليات المدنية وطلاب الجامعات ومنظمات المجتمع المدني وذلك لعرض أعمال هذه المواهب.

إبراهيم زيدان وهو مسؤول في فريق إدلبيون الإعلامي الذي ساهم في دعم مبادرة المواهب يقول لحكايات سوريا: “كثير من هذه المواهب التي ضيعتها الحرب خلال سنوات كادت أن تندثر بسبب غياب المؤسسات أو المراكز التي تحتويها وتعمل على دعمها وتطويرها. وخصوصا الفئات الشابة التي باتت تبحث عن عمل لكسب لقمة العيش وتركت موهبتها طي الكتمان بسبب عدم وجود من يساندها ويحثهم على إبرازها للناس”.

ويضيف زيدان: “في سبيل دعم هذه المواهب وإظهار صوتها للناس وتسويق ما تقوم به، التقى فريق إدلبيون المواهب الشابة للاطلاع على أعمالها وتصويرها، من أجل نشرها وتسويقها إعلامياً وتعريف المشاهدين عليها بالإضافة إلى المواظبة على ملاحقة مثل هذه المواهب ومحاولة إعلاء صوت أصحابها”.

ويشير زيدان إلى أنه” من ضمن المواهب الذين تعرفنا عليها شبان متحمسون منهم من يتقن الشعر الحر والشعر الغزلي والنثر بالإضافة إلى الرسم بالمكياج السينمائي والتعليق الصوتي وتقليد الأصوات والغناء والتصوير الفوتوغرافي والأفلام الوثائقية”.

ويستضيف مركز فريق مداد في مدينة إدلب نشاطات مبادرة دعم المواهب حيث يحضر أصحاب المواهب كل فترة للتدرب داخل المركز في ظل وجود أجهزة تساعدهم على تطوير أنفسهم، وخصوصاً مهارات التعليق الصوتي والتصوير الفوتوغرافي في ظل وجود أجهزة إذاعية وصالات تدريبية.

من جهته يقول أحمد الأيمن (29 عاماً) وهو من كوادر ومؤسسي المبادرة لحكايات سوريا: “المرحلة المقبلة ستشمل تطوير مهارات المواهب الحالية، وهي 13 موهبة، من خلال تدريب أصحاب المواهب على أيدي متخصصين وتوفير الأجهزة اللازمة لهم ونشر مهاراتهم على أوسع نطاق”.

ويختم حديثه: “سيتم البحث عن أشخاص مبدعين في مختلف المجالات، في الصناعات اليدوية والحرفية والتكنولوجيا إضافة إلى المهارات الرياضية والحسابية والمعلوماتية، حيث أن أي شخص يملك نوعا من الحس الإبداعي يمكنه التواصل وعرض ما يملك أمام المبادرة من أجل مساعدته”.