بدل الهجرة واليأس في الحسكة يتم إحياءالتراث والفولكلور

نجح اتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكُردستاني- روج افا في التخفيف من قتامة الواقع الراهن في سوريا، وذلك عبر تأسيس مجموعة من الفرق الفولكلورية التي شاركت في إحياء العديد من المناسبات، في كل من قامشلو، عامودا، الحسكة، اليان، ديرك. وكان من المدهش متابعة تلك المجموعة من الرقصات والدبكات والأغاني، والتي كان لها وقع طيب الأثر على النفوس.

هذا الإنجاز التحدّي بحسب سكرتير اتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكُردستاني، الدكتور هجار حسن، “يأتي في ظل الظروف التي نمر بها، سواء الأمنية، أو هجرة الشباب والشابات، أو حالة القلق، وعلى الرغم من كل ذلك فإننا نحاول كل ما في وسعنا لتحقيق طموحات وتطلعات هؤلاء الشباب، خاصة وأن سبب تأسيس الاتحاد إنما هو لتلبية ما يصبون إليه، ونجد أنفُسنا في الفروع التابعة للإتحاد، ملزمين بتحقيق هواياتهم على اختلافها”.

تكتسب هذه التجربة أهمية خاصة بفعل استهدافها شرائح عمرية مختلفة، “براعم ديرك أو كوليكن ديركي” فرقة خاصة بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 15 سنة. هذه الفرقة التي كان تأسيسها مطلع العام الجاري تلبية لطلب الأطفال يقول عنها لـ “دماسكوس بيورو” مسؤول فرع ديرك دهام عثمان: “اليوم لدينا 18 متدرب ومتدربة وكلهم من اليافعين في العمر، وسنستمر في تأهيلهم وتطوير أدائهم ليكونوا جاهزين لأي مناسبة وطنية أو قومية”. ويتوجه السيد عثمان بالشكر إلى الأهالي الذين أرسلوا أولادهم إلى الفرقة الفلكلورية. ويشير عثمان إلى أن الأطفال يتدربون في مكتب إتحاد نساء كوردستان سوريا، بمعدل 3 تمارين في الأسبوع، ويتم استئجار سيارة خاصة لنقلهم من بيوتهم وإلى مكان التدريب وإعادتهم حفاظاً على سلامتهم”.

يؤدون رقصة فلوكلورية في عامودا

جفين أحد الأطفال المنتسبين للفرقة يقول: “نحن نستفيد كثيراً من مثل هذه الأنشطة والفرق، نتعرف على بعضنا أكثر، نزور بيوت بعضنا، نجتمع معاً نشعر بقيمة وهم يصفقون لنا، بابا وماما كانا سعيدان جداً بعملي، وأخبراني حين اكبر ستكون هذه الصور للذكرى”.

فرع آليان في اتحاد الطلبة والشباب أسس في 15 شباط/فبراير 2016، فرقة “فيان” في بلدة تربسبي وهي وبحسب ما صرح هوزان شيخموس:  “موزعة بين 6 فتيات و7 شباب، تختص بالمسرح والرقص الفلكلوري، بإشراف المدرب فايز رفاعي” ويوضح سيخموس “أن أغلب التمرينات تتم في أماكن مختلفة، وقدمت الفرقة مسرحية صامدة حول الأوضاع العامة زكانت محط تقدير الحضور”.

أما فرقة أوركيش فقد تأسست بحسب مسؤول فرع قامشلو في اتحاد الطلبة والشباب شكري عبد الرحمن في شهر شباط/فبراير 2016. ويبلغ عدد منتسبيها 17 منتسبا، موزعين بين ذكور وإناث. يتوزعون على المسرح والغناء والرقص. ويقول عبد الرحمن: “نعاني من غياب الزيّ الموحد، لذا أعتمدنا على ثياب عناصر الفريق الخاصة،  ومع ذلك شاركنا في بعض المناسبات. وتشهد الفرقة منافسة كبيرة بين المنتسبين للحصول على عضوية دائمة في أحد الأقسام. ما يميز فرقتنا وجود خامات صوتية كبيرة على الرغم من صغر السن، خاصة الأختين التوأم شيرين ونسرين عبد الباقي، وأخيهم شفكر”.

فرقة “سيوان” في عامودا حديثة السنّ أيضاً، تأسست في 20 شباط/فبراير 2016 . بلغ عدد المنتسبين إلى سيوان بحسب مسؤول فرع عامودا بنكبن تتر “أكثر من 29 متدرب ومتدربة، موزعين على الشكل التالي 15 رقص فلكلوري، 9 مسرح، 5 غناء”. ويقول تتر “تم تخصيص مدرب ليشرف على تدريب وتأهيل أعضاء كل فرقة بحسب تخصصها، ويتم التدريب في مقر فرع الاتحاد في عامودا” السيد تتر نفى وجود أي معوقات أو مصاعب تمنع مشاركة الفتيات أو الأطفال في الفرقة، موضحاً “أن مشاركتهم تتم بناء على رغبة الأهالي بإخراج أبنائهم من الجو الكئيب الذي يعيشونه، وقناعة من الأهالي بضرورة تواجد أبنائهم في الفرق الموسيقية والفلكلورية المتنوعة”.

“وعلى الرغم من الظروف الأمنية الصعبة، واندلاع نزاعات مسلحة بين الفينة والأخرى، فإن أعضاء فرع الحسكة أصروا على تأسيس فرقة خاصة بهم”. صرّحت المدرّبة لين نعمت لـ “داماسكوس ييورو” وأردفت “أن الفرقة التي تحمل إسم “كوما جين” تتألف من 10 أعضاء، أشرف على تدريبهم على الرقصات الفلكلورية ورقصات الهيب هوب، ونقوم بالتحضيرات للعرض في يوم عيد النوروز”. من جهتها قالت مسؤولة المسرح مهاباد خليل “أن الفرقة تجهّر لعرض مسرحي يُجسد مأساة مجزرة الحسكة عشية عيد النوروز في العام الماضي.

السيدة هدى صالح من قرى عامودا تقول: “كنت أشجع أحفادي دوماً على الالتحاق بالفرق الفنية الكوردية، لكن بعد تأسيس اتحاد الطلبة والشباب أصبحت أنصحهم بالالتحاق بفرق الإتحاد، خاصة وانه يخص الطلبة والشباب فقط، وهم سيتمكنون من تأهيل مواهبهم وقدراتهم ضمن جيلهم أكثر”.  وتضيف السيدة صالح “لقد أثبت الجيل الكوردي الجديد قدرته على التأقلم مع الظروف والمعطيات الجديدة وأشكر الاتحاد على ما يقدمه”.

مسؤول قسم الأنشطة الفنية في منظمة اتحاد الطلبة والشباب روني محمد (32 عاماً) يقول لـ “داماسكوس بيورو”  “منذ بداية تأسيس الإتحاد وجدنا هامشاً من الفراغ وضياع الشباب، قررنا أن نقدم ما يمكن أن يجذبهم إلى ما ينمّي مواهبهم وتطلعاتهم، فقمنا بإنشاء مجموعة من الفرق الفنية والفلكلورية والمسرحية، ووجدنا إقبالا جيدا وشغفاً منقطع النظير. نرغب أن يكون لهؤلاء الدور في القرار والتفكير الجماعي، ونرغب أن نساهم في خلق شخصية قيادية وإدارية ناجحة. أمنيتنا وهدفنا في الاتحاد تشكيل فرق فلكلورية تضم العرب والسريان والاشور والكورد. ما يميز فرقنا أن الأطفال والشباب والصبايا يتشاركون في كل شيء، في الحوارات، الإدارة، القيادة، واختيار أنواع الرقصات والدبكات والأغاني. ونقوم بنشر كل الرقصات والدبكات والمشاركات على  صفحة الاتحاد على الفيس بوك. أعضاء الاتحاد يشعرون بالفرح حين يجدون التفاعل الاجتماعي معهم ومع ما يقدمونه”.

وبحسب بعض المراقبين والمختصين بالفولكلور الكردي فهذه هي المرة الأولى التي يتم تأسيس فرق فنية فلكلورية مستقلّة، ولأول مرة الشباب والشابات وعلى اختلاف أعمارهم ومواهبهم ودرجاتهم العلمية هم من يتابعون ويقررون ويخططون ويقودون أعمالهم وفرقهم. وإذ يأخذ بعض الأهالي والحضور على الفرق عدم اعتمادها الزي الموحّد، إلّا أنها تجد تعويضاً عن ذلك في حضور الشال الأحمر “جمدان” الذي يرمز إلى الكفاح والنضال الكردي، كما اعتماد البنطال الأسود والقميص الأحمر كإشارة على الهوية والإنتماء.

بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي