المجالس المحلية والأعباء الكبيرة

بعض أعضاء المجلس المحلي في كفرنبل خلال جولة تفقدية تصوير هاديا المنصور

بسعادة كبيرة تستلم أم رواد (38 عاماً) البطاقة التي منحها إياها مندوب المجلس المحلي في كفرنبل، فبالنسبة لها هذا يعني الحصول على مواد غذائية تكفيها مع أولادها الأيتام لمدة شهرين.

تقول أم رواد “أصبحت معيلة لأولادي الثلاثة بعد وفاة زوجي جراء صواريخ ألقتها طائرات تابعة للنظام  على المدينة  في 12 أيلول / سبتمبر 2012، قمت بتسجيل إسمي في المجلس المحلي، وهم يحسبون حسابنا من المواد الإغاثية التي تصلهم”.

المجلس المحلي في كفرنبل تأسس بعد تحرير المدينة من الجيش النظامي في

17 آب/أغسطس 2012، ومنذ ذلك اليوم وهو بمثابة وزارة الإدارة المحلية للمدينة من خلال مايقدمه  من خدمات.

يتألف المجلس من 25 عضواً يتم انتدابهم من قبل أهالي المدينة بحسب الشهادات التي يملكونها والسمعة الاجتماعية التي يحظون بها. يتبع كل عضو تابع لإحدى العائلات الكبيرة في المدينة، وبعد اختيار الأعضاء يقوم هؤلاء بانتخاب رئيس المجلس من بينهم. عضوية الأعضاء والرئيس تستمر لمدة سنة كاملة.

رئيس المجلس نزيه البيوش المعروف بأبو عبدو (48عاما) يقول “نحن الأعضاء يتم اختيارنا من قبل الأهالي لأنهم يثقون بنا، ونحن نحاول أن نكون عند حسن ظنهم، نحن لا نحصل على رواتب شهرية وإنما هو عمل تطوعي لخدمة المدينة “. الكلفة التشغيلية السنوية للمجلس تبلغ نحو 125 ألف دولار أميركي هذا مع رواتب العاملين في المجلس ومكاتبه كلها، ولكن وبحسب البيوش لا يوجد في صندوق المجلس إلا القليل.  وعن خدمات المجلس يؤكد أبو عبدو “أن المجلس تقع عليه أعباء كبيرة، ومنها توزيع المواد الاغاثية والغذائية والألبسة على المحتاجين، الذين تضاعفت أعدادهم مرات كثيرة بعد قيام الثورة، فهناك الأرامل والفقراء والمحتاجين، وأسر المعتقلين والمنشقين”.

أبو أسامة (41 عاماً) أحد أعضاء المجلس يؤكد على كلام أبو عبدو ويقول “لا نتقاضى رواتب تذكر نحن الأعضاء، حيث يتم اختيارنا من ميسوري الحال من قبل الأهالي لنسير عمل المجلس تطوعا وخدمة للمدينة “.

بعض أعضاء المجلس المحلي في كفرنبل خلال جولة تفقدية تصوير هاديا المنصور

ولكن قصة التطوع من دون مقابل يشكك فيها بعض الأهالي في كفرنبل ومنهم أبو عبد الرحمن (41عاما) فهو يؤكد أنه رأى بعض الأعضاء يدخلون إلى منازلهم الكثير من المواد الإغاثية، ليس ذلك فحسب بل وكانوا يبيعونها للتجار بأبخس الأثمان

من جهته أبو عبود أحد الموظفين في المجلس (43عاماً) يقول “صحيح أن بعض الأعضاء والموظفين يحصلون على عدد إضافي من الحصص ولكن ذلك ليسدوا نفقات مواصلاتهم وأتعابهم من عملهم في المجلس”.

في المجلس يقومون بتسجيل أسماء جميع هؤلاء، بما فيهم النازحين، ليوزعوا على كل هؤلاء ما يصلهم من مساعدات، عن طريق بطاقات يتم منحها لهم وتصلهم الى منازلهم. وهم بدورهم يقومون بمراجعة المجلس المحلي في اليوم التالي للحصول على حصصهم من السلات الغذائية الموجودة .

أبو محمد (46عاما) أحد أعضاء المجلس يقول “تقع علينا مسؤولية كبيرة في توزيع المواد الإغاثية وعدم نسيان أحد من المحتاجين، ولكن دائماً يظهر أشخاص جدد متضررين يقصدون المجلس ويطالبوننا بحصصهم. الأعداد دائماً في تزايد مستمر، والمعونات في تراجع عن السابق”. ويشير أبو محمد إلى أن عمل المجلس لا يقتصر على توزيع المعونات، وانما يشمل أيضا  قسم البلدية والمياه. موظفو النظافة التابعين للمجلس يقومون يومياً بجمع النفايات والقمامة من أمام المنازل ومن الشوارع، ونقل ما تحويه حاويات النفايات في سيارة كبيرة ليتم التخلص منها خارج المدينة. موظفو المياه من جهتهم يشرفون على شبكة المياه وإصلاحها وفتح المياه على المنازل وإغلاقها، بالإضافة لوجود موظفين يحرسون المجلس على شكل ورديات صباحية ومسائية. ويلفت أبو محمد إلى أن موظفي المجلس يبلغ عددهم حوالي 150 موظفاً، ويتقاضون رواتب شهرية تتراوح بين  50 و 75 دولار أميركي .

عن المركبات التابعة للمجلس يتحدث أحد السائقين ويدعى أبو خالد (38عاما) “هناك عدة سيارات تابعة للمجلس، ومنها رافعة وسيارة نظافة وثلاث دوازر صغيرة وشاحنتين كبيرتين لنقل المعونات، إضافة لسيارة مدنية صغيرة”.

المجلس وبحسب أحد الأعضاء وهو أبو حمود (45 عاماً) “يتعاون مع مختلف القطاعات والمراكز في المدينة، على سبيل المثال قام بشراء المقاعد الخشبية لمركز سداد التعليمي ، أيضاً أشرف على امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية التابعة لوزارة التربية في الائتلاف السوري في مدينة كفرنبل ومعرة النعمان، هذا بالإضافة لمساعدة الدفاع المدني في المدينة أحيانا وبحسب الإمكانيات، وقيامه بتعبيد وتسهيل الطرقات بعد القصف”. وأشار أبو حمود إلى وجود مشروع لتعبيد كافة شوارع المدينة وهو قيد الدراسة حالياً. وعن الدعم الذي يصل المجلس يقول أبو حمود “هناك مساعدات تأتينا من الائتلاف السوري المعارض ومن  دول مختلفة، مثل قطر والسعودية والكويت وتركيا وأحيانا من أمريكا والدول الغربية ، ومن منظمات مثل منظمة غول العالمية وغيرها، وهي تتضمن مواد إغاثية وغذائية وملابس وسيارات ومساعدات نقدية”.

عن تمثيل المرأة في المجلس يتحدث رئيسه أبو عبدو قائلا “نحن في مجتمع محافظ، يمنع اختلاط الرجال بالنساء في العمل وخاصة بعد سيطرة جبهة النصرة على المنطقة، ولهذا السبب ترفض النساء العمل في المجلس، ولكن هذا لا يمنع من التعاون مع المرأة ومساعدتها، لذلك تم افتتاح مركز نسائي في كفرنبل بدعم من المجلس المحلي”. المركز تقام فيه دورات لتعليم مهنة الخياطة، ويضم العديد من الموظفات والمتدربات.

وعن مشاريع المجلس المستقبلية يقول أبو عبدو “هناك خطة لتزويد المدينة بالكهرباء بعد وصول 7 مولدات كهربائية للمجلس، سوف يتم تمديد خطوط الكهرباء لأكبر عدد ممكن من أحياء المدينة وبأسعار رمزية، والعائد سيساعد على سد النفقات ورواتب المشرفين على المولدات”.

تعرض مبنى المجلس بحسب أبو عبدو للقصف من طائرات النظام مرات عديدة، وأصيب بعض أعضائه وموظفيه نتيجة لذل، فكان يتم تغيير مكانه بين الحين والآخر. وهذا الأمر لم يحل دون متابعة أحد من المجلس لعمله وأداء المهام الموكلة إليه. المجلس وبحسب أبو عبدو هو الأول في المنطقة من حيث الخدمات التي يقدمها.

ويعد رئيس المجلس أبو عبدو في ختام اللقاء بـ”السعي الدائم لتقديم الخدمات للمدينة، وسنحاول بما يصلنا من دعم، وبمساعدة الأهالي أن نصنع لأنفسنا ولبلدنا بارقة أمل لحياة أفضل، ومستقبلا أكثر حرية وأمناً”.