رؤى المستقبل للتمكين المجتمعي وبناء القدرات

الاهتمام بالأطفال يدخل ضمن نشاطات منظمة رؤى المستقبل

الحاجة الستينية خدوج أم عبدو المعيل الوحيد لسبعة أبناء 3 منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وابنين أحدهما خسر ساقه وآخر خسر يده جراء القصف على مدينتهم معرة النعمان وهو القصف الذي أودى بحياة زوجها وابنتها إضافة إلى ولدين آخرين. كما أدى القصف إلى تدمير منزل العائلة وتركها بدون مأوى.  

تحظى حالة الحاجة إم عبدو اليوم باهتمام منظمة رؤى المستقبل التي عملت على تأمين دعم وكفالات للأسر المتضررة والفقيرة. ويهتم بنشاط منظمة رؤى المستقبل كادر شبابي تطوعي يعمل على التمكين المجتمعي من خلال دعم المرأة والطفل، كما ومن خلال تدريباتها المتعددة على رفع القدرات واستثمار الكفاءات المحلية.

مسؤولة التواصل في منظمة رؤى المستقبل عائشة معترماوي (26 عاماً) تقول: “المنظمة تأسست في العام 2016 من قبل كادر إداري، يتألف من 7 أعضاء ذكور وإناث يشكلون المكتب التنفيذي. إضافة لما يقارب 10 متطوعين وآخرين. وتهدف المنظمة إضافة لبرامجها في التمكين ورفع القدرات إلى الحشد والمناصرة للقضايا التي تحتاج لكسب التأييد. والتعاون مع المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني بهدف التعاون والتشبيك وتكامل الأدوار، وحماية الطفل ودعمه نفسياً لتخليصه من آثار الحرب”.

وتلفت المعترماوي إلى “دور المنظمة في تعزيز دور الحوكمة والعمل المؤسساتي ضمن المناطق المحررة”. مؤكدةً أنه “وحتى الآن تم تقديم تدريبات بناء القدرات لأكثر من ألف و300 شخص بين مستفيد ومستفيدة بمجالات متعددة. ومنها إدارة المشاريع، الدورات الإعلامية، المراقبة والتقييم، وتدريب المدربين، وجميع تلك التدريبات هي مجانية وبشكل كامل”.

راما الخليل (23 عاماً) شاركت مؤخراً بدورة المونتاج التي أقامتها المنظمة في مركزها الرئيسي في معرة النعمان. وعن فوائد التدريب تقول راما: “التدريب عرّفنا على الكثير من الأمور التقنية التي كنا نجهلها في ما يخص العمل على برنامج أدوب برومير، وكيفية إضافة الملفات إليه وترتيب المواد داخله والتحكم بها. وكيفية معالجة اهتزاز العناصر في البرنامج وتسجيل الصوت الاحترافي والموسيقى، المؤثرات وطريقة صنعها وكيفية تجميد العنصر في البرنامج وتصحيح الألوان وصناعة الفيديو”.

وترى الخليل أن التدريب كان غنياً ومفيداً وخرّج أكثر من 20 متدرباً ومتدربة بفائدة عالية.

خضعت سلوى الحلو(32 عاماً) لتدريب إعداد المدربين في مركز منظمة رؤى المستقبل. وعن التدريب تقول الحلو: “لقد صقل التدريب خبراتنا ومعارفنا، وغدونا قادرات على أن نكون مدربات وبجدارة بعد أن أوضح لنا التدريب الكثير من الأمور الهامة”.  

وتضيف الحلو: “اطلعنا على الأهداف العامة للتدريب، العملية التدريبية، عناصر العملية التدريبية، خطواتها، أساليبها، مهارات التواصل مع المتدربين، ومن هو المدرب الناجح، موسوعة المدرب الناجح، الفرق بين المعلم والمدرب، صفات وخصائص المدرب الناجح والتدريب الفعال”.

وتضم منظمة رؤى المستقبل قسماً مخصصاً للحالات الإنسانية ومن خلاله تم مساعدة أكثر من 15 حالة إنسانية، ضمن حملاتها الإعلامية المتنوعة والتي من خلالها يتم عرض الحالة والظروف التي تواجهها فيعمد المتبرعين لمساعدتها.

إحياء تراث الأجداد أحد الأنشطة المميزة والنوعية لرؤى المستقبل. وعنه تقول معترماوي: “أقمنا النشاط في متحف معرة النعمان، الذي حاولت قوات النظام تدميره عشرات المرات لطمس تاريخ المنطقة وعراقتها لكنها لم تفلح بذلك. قمنا بإنشاء فعاليات تراثية قصدنا من خلالها توجيه رسالة للعالم بأننا شعب مسالم ونعمل دائماً من أجل السلام”.

“نفذت المنظمة العديد من البرامج التوعوية بالشراكة مع الدفاع المدني السوري، وأقامت أكثر من 25 عمل ترفيهي للأطفال المحليين والمهجرين قسرياً والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الفئة الأكثر تهميشاً في المجتمع وخاصة في الظروف القائمة” وفق ما أوضحت المعترماوي.

وأطلقت منظمة رؤى المستقبل فعالية المواهب. وعن الفعالية يقول أحد الحضور الذين تابعوا النشاط ويدعى هيثم شعيب (36 عاماً): “كانت فعالية مميزة وأكثر ما لفت انتباهي أحد الأطفال المشاركين وكان يمتلك طاقة مذهلة بالحساب الذهني، وطفل آخر اخترع دارة تتبع الألواح من الطاقة الشمسية، إضافة لعدد من الأطفال الموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة. وتم تكريم الأطفال بعد تقديم عروض أعمالهم على الحضور”.

عملت المنظمة على موضوع الندوات الحوارية والملتقيات الجماهيرية، ونفذت رؤى المستقبل مابين 30 و40 ندوة حوارية تطوعية تخص النساء والمجتمع المدني بشكل عام.

عضو المجلس المحلي مروان الصطيف (40 عاماً) يشيد بعمل المنظمة المستمرة ويقول: “الكثير من منظمات المجتمع المدني نزحت بعد الهجمة العسكرية الشرسة على الريف الجنوبي، لكن رؤى المستقبل لازالت صامدة، وهو أمر يدعو للفخر والاحترام لمنظمة تطوعية لا تتوانى عن تقديم خدماتها لفئات المجتمع كافة”.

على الرغم من استمرار القصف وعدم تلقي المنظمة أي دعم من أي جهة كانت، لا تزال رؤى المستقبل ماضية بتحقيق هدفها الأسمى بتحقيق التمكين المجتمعي القادر على بناء وطن أدمته الحرب بسواعد شبابية مؤهلة ومتدربة.