مركز ثابت للقاحات لمواجهة الأمراض التي تفتك بأطفال سوريا
تلقيح الأطفال في كفرنبل لتحصينهم ضد الأمراض تصوير هاديا منصور
"أمجد واحد من آلاف الأطفال الذين استفادوا من مركز التلقيح الثابت في مدينة كفرنبل. والذي أمّن لهم كافة اللقاحات وبشكل يومي"
لم تعد روان الجنيد (24 عاماً) تخشى على طفلها أمجد ابن السنة، بعد أن توجهت به إلى مركز التلقيح الثابت في كفرنبل، والذي منحه لقاحاته الضرورية. تقول روان: “سيكون بإمكان ولدي اكتساب مناعة ضد مختلف الأمراض فحمداً لله”.
أمجد واحد من آلاف الأطفال الذين استفادوا من مركز التلقيح الثابت في مدينة كفرنبل. والذي أمّن لهم كافة اللقاحات وبشكل يومي، بعد أن حرموا منها على مدى ست سنوات من عمر الثورة والتي اقتصرت فيها اللقاحات على حملات جوالة وغير منتظمة.
افتتح مركز التلقيح الثابت في كفرنبل في الأسبوع الأول من شهر أيار/مايو 2017، بإشراف منظمة سوريا للإغاثة والتنمية وبالتعاون مع فريق لقاح سوريا ومديرية صحة ادلب الحرة. ويتميز المركز بحسب مديره الدكتور ذو الفقار الغزول (31 عاماً) بأنه يوفر لقاحات جديدة لم تكن تشملها حملات اللقاحات السابقة الجوالة، كلقاح السل الذي كان يصعب على المواطنين الحصول عليه.
ويقول الغزول: “برنامج التلقيح في المركز يشمل الأطفال من عمر يوم وحتى عمر الخمس سنوات، والأطفال الذين لم يأخذوا اللقاح بشكل كامل حتى عمر 12 عاماً. بالإضافة لتلقيح النساء في مرحلة الإنجاب من عمر 15 وحتى 49 سنة ضد مرض الكزاز”.
علياء السميح (30 عاماً) تقول لحكايات سوريا: “سابقا كنت أشتري لقاح الكزاز وغالبا لم يكن متوفراً في الصيدليات. ولكنني اليوم أصبحت أحصل عليه من مركز التلقيح وبشكل مجاني”.
جميع اللقاحات المشمولة في برنامج التلقيح الروتيني متوفرة في مركز كفرنبل الصحي. وهي لقاح السل، التهاب الكبد، خماسي، شلل أطفال فموي، الحصبة، الحصبة الألمانية، الكزاز وفيتامين أ. وهي جميعها آمنة وفعالة حسب معايير منظمة الصحة العالمية واليونيسيف وتستخدم في أغلب دول العالم.
حميدو الحمدو (29 عاماً) هو ممرض يعمل في المركز يوضح “أن الاقبال جيد جداً حيث يتردد على المركز أناس من جميع القرى والبلدات المجاورة. ومنها كنصفرة، كفرعويد، البارة، احسم، الفطيرة، سفوهن، جبالا، معرة ماتر، معرتزيتا، كفرومة، كرسعا وغيرها بالإضافة لسكان كفرنبل بين سكان مقيمين ووافدين نازحين”.
شهد المركز خلال الأسابيع الأولى على افتتاخه ازدحاماً كبيراً ما دفع العاملين في المركز بحسب الحمدو إلى تسجيل أدوار منتظمة من خلال إدخال طفل أو طفلين الى غرفة اللقاح. ويلفت الحمدو إلى أن المركز يضم فريقاً ثابتاً، وفريقاً جوالاً يستهدف القرى النائية والتي تخلو من المراكز والخدمات الصحية بما فيها خدمات اللقاح.
رويدة شعبان (27 عاماً) كانت تضطر لاصطحاب ولديها إلى مدينة حماة للحصول على اللقاح المناسب. مع ما يعنيه هذا الأمر من مشقة الطريق والحواجز وساعات الانتظار. وتقول رويدة: “حمداً لله أنه أصبح هناك مركز تلقيح ثابت يوفر علي وعلى سكان المنطقة كل هذا السفر والعناء”.
من جهتها أم خالد (35عاما) لم تكن تحبذ الذهاب إلى مناطق النظام للحصول على اللقاح لأبنائها، خوفاً من امكانية الاعتقال أو المضايقات على الحواجز الممتدة على طول الطريق. لذلك كانت أم خالد تقصد منطقة أطمه للحصول على اللقاح في رحلة يشوبها الارهاق والتعب نظرا لبعد الطريق المؤدي إليها.
تعبّر أم خالد عن شعورها: “وكأن جبلا من الهم قد أزيح عن كاهلي، لطالما كان يشغلني التفكير بكيفية الحصول على اللقاح لأطفالي. أما اليوم فقد أصبح الأمر سهلا وفي متناول الجميع”.
منظمة سوريا للإغاثة والتنمية هي الداعم الأساسي لمركز التلقيح الثابت في كفرنبل. وعن طبيعة هذا الدعم يتحدث المسؤول المالي في المنظمة عبيدة دندوش (29 عاماً) فيقول لحكايات سوريا: “المنظمة ملزمة بصرف رواتب للعاملين في المركز من مدير وممرضين. إضافة لنفقات شراء المولدات الكهربائية وتزويدها بالوقود بشكل مستمر من أجل حفظ اللقاحات من التلف”.
ويضيف دندوش: “عمدت المنظمة لتوفير ألواح طاقة شمسية من أجل تزويد المركز بالكهرباء 24 ساعة ، ألواح شمسية نهارا ومولدات كهربائية ليلاً. نحرص على الحفاظ على جودة اللقاح وتزويد المركز بكل ما ينقصه من لقاحات بشكل مستمر، وذلك من البرادات الرئيسية التي وضعتها الأمم المتحدة في ثلاثة مراكز وهي مركز إدلب المحافظة ومنطقة باب الهوا إضافة لمركز حاس، فتقوم المنظمة كل شهر بتقديم كتاب لإحدى هذه المراكز للحصول على الطلبية اللازمة من اللقاح “.
مركز اللقاح الثابت في كفرنبل واحد بين خمسة مراكز تدعمها منظمة سوريا للإغاثة والتنمية تقدم فيها اللقاح المجاني، هذه المراكز موجودة في معرة حرمة، جرجناز، سراقب وعزمارين.
الطبيب يمان اليوسف(45 عاما) يشيد بإنشاء مراكز التلقيح الثابت في المنطقة وذلك ليتدارك الأطفال ما فاتهم من لقاحات خلال الست سنوات الماضية “وهو ما كان سيشكل كارثة على صحة الأطفال إن استمروا دون حصولهم على لقاحات، حيث ستكون أجسامهم الصغيرة عرضة للكثير من الأمراض المزمنة والخطيرة والتي انتشر بعضها مؤخرا في منطقة إدلب، لاسيما السعال الديكي والتهاب الكبد والحصبة”.
ويؤكد اليوسف “أن منح اللقاحات للأطفال بانتظام من شأنه أن يقضي كليا على هذه الأمراض. واللقاح عبارة عن جرثومة تم اخضاعها لعوامل فيزيائية أو كيميائية بحيث أصبحت ضعيفة أو ميتة، فلا تقدر على إحداث المرض وإنما تحرض جسم الطفل على انتاج المواد المناعية اللازمة للتعرف على هذا العامل الممرض في المستقبل. بحيث لا يصاب الطفل بهذا المرض عند تعرضه لهذا العامل الممرض”.
نحو 2500 طفل تم تلقيحهم في مركز التلقيح الثابت بكفرنبل حتى الآن بالإضافة لتلقيح نحو 300 امرأة ضد فيروس الكزاز.
في غضون سنة ونصف يجب أن يكون الطفل قد انهى جميع لقاحاته. في حين نجد في ريف إدلب أطفالا تجاوزوا الست سنوات دون حصولهم على لقاح واحد. وهنا تبرز ضرورة افتتاح مراكز التلقيح الثابت لإنقاذ أطفال سوريا من عامل موت آخر يضاف الى القصف والحرب التي فتكت بهم.