مركز التدريب المهني والحرفي في سراقب… إنطلاقة ناجحة
“انقطعتُ عن الدراسة منذ سنتين بسبب الوضع الأمني المتردّي وخسرت فرصتي بدخول الجامعة، الأمر الذي جعلني ألتحق بمركز التدريب المهني. وأنوي من خلاله التخصص بالمحركات الكهربائية من أجل ضمان مستقبلي، واحتراف مهنة تسمح لي بتأسيس أسرة في المستقبل لتحمُّل أعباء الحياة الصعبة”. هكذا عبّر نادر (19 عاماً) عن تجربته في الدراسة في مركز التدريب المهني والحرفي في مدينة سراقب.
افتُتحَ المركز في سراقب في محافظة إدلب، بتاريخ 11 أيلول/سبتمبر 2016، بدعم من مؤسسة سمارت. ويُعتبر المركز واحد من البدائل للثانويات الصناعية في المناطق المحرَّرة، بعدما صار وصول الطلاب إليها صعباً، وطالها القصف العنيف. وطلاب المركز من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاماً، ممن يعانون البطالة أو لم تُتح لهم الفرصة لإكمال دراستهم. فيعمل المركز على بناء قدرات هؤلاء الشباب في تخصصات صيانة المحركات الكهربائية وروافع الجهد (الإنفرترات).
مدير المركز محمود هلال (51 عاماً) يقول: “كان ضرورياً إيجاد البديل عن الثانويات الصناعية التي غابت عن المناطق المحرَّرة، عبر مراكز بديلة هدفها التعليم المهني لشريحة واسعة من الشباب، لوضع المهن الصناعية والفنية بين أيديهم ورفد المجتمع بهذه المهن في المستقبل”.
ويضيف هلال: “يعمل المركز على سد الفجوة التي يعاني منها هؤلاء الشباب في مجال التعلم عبر إكسابهم خبرات ومهارات عملية، والتقليل من نسبة البطالة المتفشية في الوقت الذي تعاني منه البلاد من أزمة إقتصادية خانقة”.
ويلفت هلال إلى أنَّ المركز يستقبل كل مَن يريد التعلُّم دون وضع شروط، ويعتمد في كادره على أخصائيين من أصحاب الخبرات. ويقول: “بدأ المركز بورشتين الأولى لف المحركات الكهربائية والثانية صيانة ما يسمّى بروافع الجهد. وللمركز خطة مستقبلية تتمثّل في توسيعه وزيادة المجالات التخصصية، بالتوجه إلى الطاقة البديلة التي أصبحت ضرورة ملحة في المناطق المحررة لانقطاع الخدمات بسبب القصف والحصار”.
يشهد مركز التدريب المهني والحرفي إقبالاً كبيراً من الشباب في سراقب منذُ افتتاحه قبل ثلاثة شهور حتى الآن. ويبذل المدرّبون جهوداً كبيرة.
محمد شبيب (43 عاماً) وهو أحد المدرّبين، يتحدث عن فكرة تأسيس المركز بالقول: “بدأت الفكرة من مدير المركز محمود هلال، فاقترحها علينا كمتخصصين، وبدورنا قمنا بتشجيعه. وحصل بعد ذلك على تبني للمشروع من مؤسسة سمارت التي تدعم المركز مادياً. وها نحنُ نعمل مع محمود هلال كيد واحدة”.
ويتحدث شبيب عن تفاعل الطلاب مع المدرّبين، ويقول: ” تفاعل الطلاب جيد جداً لأنّهم يمتلكون النية بالتعلُّم. وكمدرّبين، ومن خلال الإمكانيات البسيطة المتوفرة لدينا، نقدم لهم كل ما نملك من خبرات بشكل مبسّط وعملي… كما نقدّم لهم ما نستطيع تأمينه من قطع إلكترونية وأجهزة مستعملة بشكل مجاني لإجراء التجارب العملية عليها”.
وعن الفعاليات وأصحاب المهن في سراقب، ورأيهم بالمركز ودوره، التقى موقعنا بمصطفى الخالد (44 عاماً) عضو المجلس المحلي لمدينة سراقب. حدّثنا الخالد عن دعم المجلس للمركز ومده ببعض المعدات كالمقاعد والطاولات. كما تحدّثَ عن تنسيق إداري بين المركز والمجلس للإطلاع على البرامج والدورات المُقامة.
ويقول الخالد: “المجلس على استعداد تام لتقديم أي خدمة تساهم في افتتاح مثل هذه المراكز الحرفية، باعتبار أنهُ هناك حاجة كبيرة إليها في سراقب والمناطق المحرّرة”.
بدوره ياسين العبدو (33 عاماً) وهو صاحب أحد محال لف المحركات الكهربائية في مدينة سراقب، يقول: “هناك قلة من العاملين الحرفيين في لف المحركات، وذلك يسبّب لنا مشكلة كبيرة كأصحاب مهن. فأنا ليست لدي المقدرة على إنجاز العمل لوحدي، وبالتالي فإنّ تعلم الشبّان هذه المهنة، يعني تجهيز كوادر ستفيد أصحاب العمل والمجتمع ككل”.
يوسف (22 عاماً) مقاتل سابق في الجيش الحر، فقد ساقه في معركة مع قوات النظام في مدينة حلب، يعبّر عن سعادته بالإنضمام إلى مركز التدريب المهني والحرفي، ويقول: “من خلال المركز سأتمكن من التعويض عن خسارة قدمي. ذلك لأني بعد تعلمي صيانة الإنفرترات الكهربائية، أنوي افتتاح محل في مدينتي بشكل يتناسب مع وضعي الجسدي”.
إنطلاقة ناجحة لمركز التدريب المهني والحرفي في سراقب، بعد ثلاثة أشهر من فتح أبوابه. بدأ بالتعويض عن خسارات يوسف وزملائه بسبب الحرب… ليُمسي نافذة نور وأمل نحو مستقبل واعد، لشبّان محترفين مهنياً.