ترميم المنازل لإيواء النازحين في إدلب وحلب
بناء في بلدة الدانا يستقبل النازحين تصوير هاديا منصور
لم تتوقع الأرملة الأربعينية صباح الزعتور أن تحصل على منزل مجاني يؤويها مع عائلتها بعد نزوحها من بلدتها الهبيط في ريف حماه الشمالي. المنزل الذي قدمه لها مشروع إيواء وفر لها الإقامة لمدة عام كامل وفق معايير المشروع .
مشروع “إيواء” لدعم ملّاك البيوت والنازحين في مناطق ريف حلب وإدلب، أطلقته منظمة بنيان. ويأتي المشروع بعدما تزايدت أعداد النازحين في الشمال الغربي في سوريا نتيجة الهجمة العسكرية الشرسة على كل من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي. وتجاوزت أعداد النازحين النصف مليون حسب إحصائيات فريق منسقي الإستجابة.
تقول صباح: “مضى على نزوحي إلى مخيمات الشمال أكثر من شهرين قضيتها في خيمة بالية لا تقي حر الصيف، عدا عن ضعف الخدمات ومشاكل النظافة والصرف الصحي. كنت قلقة من فكرة بقائي في هذا المخيم المنسي فترة أطول”.
وتضيف صباح: “فوجئت حين تم استدعائي للحصول على منزل مجاني من قبل إدارة مشروع إيواء وهو ما أنقذني وأولادي الستة من وضع مذري. توقعت أن يكون المنزل سيئ لكنه ليس كذلك إنه كبير ومريح ومجهز بكل ما يلزم. شعرنا بفرق كبير بينه وبين المخيم الذي كنا نعيش فيه”.
وتتمنى صباح ألا تنتهي مدة إقامتها في هذا المنزل قبل إنتهاء الهجمة وعودتها إلى منزلها. هذا إن بقي صامداً أمام ضربات صواريخ الطائرات الحربية إلى ذلك الحين.
مشروع إيواء يركز عمله في كل من مدينة سرمدا، قاح، صلوة، أطمة، الدانا وتلعادة في إدلب إضافة إلى الأتارب، الجبينة، أبين، ميزنا، كفر حلب وأورم الكبرى في حلب .
جابر الأسمر (35 عاماً) هو أحد النازحين المستفيدين من مشروع إيواءن يقول: “خرجنا من بيوتنا دون اصطحاب أي شيء، خرجنا بأرواحنا تحت وابل القصف الهمجي والصواريخ دون أن نعلم وجهتنا، سوى الإبتعاد وأولادنا قدر المستطاع عن تلك المناطق المشتعلة، ولأن أوضاعنا المادية سيئة للغاية، التجأنا إلى تحت الأشجار لمدة تجاوزت الشهر”.
ويضيف الأسمر: “استدعتنا منظمة بنيان لتسليمنا أحد المنازل بشكل مجاني”. يقولها الأسمر مسروراً بحصوله على المنزل الذي خلصه وعائلته من النوم في العراء .
مدير المشروع “إيواء” أحمد قطان (29 عاماً) يقول: “لم يكن النازحون وحدهم من استفاد من مشروع إيواء وإنما أصحاب البيوت أيضاً. فقد شاركت منظمة بنيان استمارات للتسجيل مع أصحاب مبان بحاجة لترميم في نيسان الماضي واختارت 62 مبنى مخصصاً لـ 262عائلة، عدد أفرادها يقارب الـ 1560 شخص. وأجرى الفريق الهندسي في بنيان جولات ميدانية وكشف على المباني ومطابقتها للمعايير المختارة”.
ويستمر عمل المشروع الذي انطلق في الول من أبريل/نيسان حتى الأول من أغسطس/آب 2019، بحسب قطان.
حسام العيدو (32 عاماً) أحد ملاك المباني المستفيدين من المشروع يقول: “عملت فترة طويلة على بناء منزلي المتواضع، ولأن أوضاعي المادية سيئة عجزت عن إكمال تجهيزه بما يلزم من تمديدات كهربائية ومائية ونوافذ وأبواب. حين علمت بمشروع إيواء سارعت لتسجيل بياناتي وكنت من المستفيدين بتجهيز منزلي وكسوته مقابل السماح لعائلة نازحة باستخدامه لمدة سنة كاملة”.
ويضيف العيدو: “راق لي الأمر ووافقت لا لكوني ساهمت بإيواء عائلة بائسة فحسب، وكذلك أنني لم أكن لأتمكن من تجهيز المنزل في هذه الأوقات الصعبة إن بقيت عشر سنوات على هذا الحال بسبب قلة فرص العمل”.
ويوضح العيدو بأن المشروع رجع عليه وعلى النازحين بفوائد كبيرة فهو تم تجهيز منزله بمبلغ لا يقل عن ألف دولار أمريكي من جهة، وأتاح للنازحين فرصة إيواء بشكل مجاني ولمدة عام كامل منجهةأخرى.
يتم اختيار العائلات المستفيدة من المشروع وفق معايير الاستضعاف، بمعنى الأفقر والأعوز والأسر التي تضم أفراداً من ذوي الاحتياجات الخاصة. ويستهدف المشروع بشكل رئيسي العائلات التي تعيش في العراء أو خيام يدوية الصنع أو في مبان مهجورة وغير منتهية .
أبو عبد الرحمن من بلدة الدانا يعيش في منزل أحد أقربائه منذ تهدم قسم من منزله، فقره منعه من ترميم منزله الذي ابتعد عنه لسنوات، إلى أن تم اختياره بين قائمة المستفيدين من مشروع إيواء. ها هو اليوم قد أتم ترميم المنزل ليصبح جاهزاً للسكن من قبل المنظمة الداعمة.
يقول أبو عبدالرحمن: “لم أفكر بترميمه سابقاً ليقيني بأني لست مستعداً لهذه الخطوة. فمواد البناء باهظة الثمن وأنا لا أستطيع تأمينها. وهو ما دفعني للعيش بعيداً عن منزلي كل تلك المدة. ولكن بعد ترميم بيتي من قبل المشروع بقي لدي أمل أن أعود إلى منزلي ذات يوم بعد إنقضاء مدة إقامة النازحين فيه”.
ثمة مجموعة من الشروط التي وضعتها المنظمة لاستحقاق الاستفادة من المشروع وهي ألا تسكن فيها إلا عوائل ذات قرابة من الدرجة الأولى مع بعضها في شقة واحدة، كما ويطلب من العوائل الالتزام بنظافة المباني مع منع جلب الحيوانات. وهي تؤمن بدورها مستلزماتهم من فرش المنزل والغذاء والماء والكهرباء. .
ويوقع العقد العائلة وصاحب المبنى والذي يضمن الإقامة المجانية مدة سنة إضافة إلى إجراء زيارات للمتابعة ونقل صورة عن احتياجات السكان للداعمين. فيما تترك أي تفاهمات مستقبلية بين ملاك المباني وسكانها حول استمرار الإقامة بعد انتهاء فترة العقد الخاص بهم .
أبو ياسر (45 عاماً) أحد أفراد المجلس المحلي بمدينة إدلب يثني على المشروع الذي من شأنه “رفع بعض الأعباء عن المجالس المحلية من خلال استيعاب الأعداد المتزايدة للنازحين من حيث الإيواء”. ويدعو أبو ياسر جميع منظمات المجتمع المدني المتواجدة في المنطقة لتنفيذ المزيد من تلك المشاريع التي من شأنها إعادة الإعمار وإيواء من حرمتهم الحرب من بيوتهم ومنازلهم .