الإذاعات الثّورية لا تغطي المناطق المحررة !

المذيع نورس يكن في استديو اذاعة نسائم سوريا في غازي عنتاب بعدسة أليبو أرت

أبو زهير (34 عاماً) يمضي 4 ساعات يومياً خلف مقوده, يتنقل بين أحياء حلب المحررة, يطرب أذنيه ببعض الاغاني الثورية والبرامج التي تبثها الإذاعات المعارضة في سوريا والتي اصطلح على تسميتها الإذاعات الثورية. ويقول أبو زهير “بسبب طبيعة عملي أدمنت منذ سنة الإستماع للراديو للتسلية والإستفادة من البرامج الثورية”. لكن أبو زهير يواجه مشكلة تتعلق بقوة إرسال وتغطية هذا الإذاعات حيث لا يمكنه التقاط سوى إذاعتي “راديو حارة” و”حلب اليوم”.

ويقول أبو زهير “باقي الإذاعات سرعان ما ينقطع إرسالها عند تجوالي وهناك إذاعات لا ألتقطها أبداً, مع العلم أنني شاهدت إعلانات لأكثر من 8 إذاعات تغطّي حلب وريفها كما تدعي “…

تعتبر الإذاعة من أهم وسائل الإتصال، خاصة في ظروف الحرب والثورة لصعوبة توافر باقي وسائل التواصل. فأصبح البث الإذاعي الوسيلة الأكثر استخداماً لسهولة الحصول عليه وتنوع برامجه. ولا زالت هناك شريحة واسعة تستمع للراديو بشغف، حيث أصبحت الإذاعات مصدر أخبار بالنسبة للبعض ومصدر تسلية لدى الآخرين. وأسهم ظهور الراديوهات المحمولة صغيرة الحجم بازدياد عدد المستخدمين لها لسهولة نقلها من مكان لآخر خاصة أثناء العمل.

أحمد العبد (54 عاماً) يقول لـ “دماسكوس بيورو” :  “أقضي أغلب وقتي بالإستماع لأخبار الثوار على الجبهات في كافة المدن السورية أثناء عملي كبائع كعك متجول. لكن يصعب علي التقاط بث بعض الاذاعات , فأغلب الأوقات استمع إلى “راديو حارة” لأنها الإذاعة الوحيدة التي التقطها في الأحياء التي اتنقل بينها، وهي الشعار وطريق الباب والصاخور. بالرغم من التقاط بعض الاذاعات الأخرى لكنها ضعيفة الإرسال سرعان ما تنقطع” ولدى سؤال أحمد عن إذاعة “نسائم سوريا” التي تبث على الموجة 98,5 Mhz، قال لنا إنّه لم يستمع إليها مطلقاً.

وللوقوف على واقع إذاعة “نسائم سوريا” التي دخلت عامها الثالث كان لنا لقاء مع مدير البث في مدينة حلب وريفها فاروق الحلبي الذي أوضح “أن سبب عدم وصول تغطية الإذاعة إلى بعض المناطق وخاصة القسم الشرقي هو أنّ أجهزة البث لدى أغلب الإذاعات تملك الطاقة ذاتها وهي 500-1000 واط , وبما أنّ مدينة حلب مدينة كبيرة قياساً بالأجهزة التي نمتلكها، فلكل إذاعة خطة استراتيجية في البث. نحن نقوم بتغطية أجزاء محددة في المدينة بإستخدام موجه وهذا الاستخدام يغطي 90 % من المناطق التي يسيطر عليها النظام كالمحافظة والسبيل وشارع النيل والجميلية، و 50% من المناطق التي يسيطر عليها الثوّار. أمّا سبب تقطّع البث مؤخراً في الجزء الغربي فكان بسبب تغيير وجهة أعمدة الإرسال بإتجاه مناطق سيطرة النظام.  وسيتم العمل على حل المشكلة وتعديل الوجهة من جديد”.

وأضاف الحلبي: “تم وضع خطّة مستقبلية سيبدأ تطبيقها من منتصف العام الجاري بهدف إيصال البث إلى كامل مدينة حلب وريفها، ولكن تأخّرنا بسبب مواجهة بعض المشاكل في المعدات و كادر العمل”. تجدر الإشارة إلى ان نسائم سوريا تضم نحو 40 موظفاً موزعين بين مدينتي حلب وغازي عنتاب.

ولا تعتمد إذاعة “نسائم سوريا” على الإعلانات كمصدر دخل وتمويل فهي تكتفي بالمساعدات التي تتلقاها من منظمات عدة مثل منظمة كرياتيف الأميركية ومنظمة (IMS) الأوروبية التي تدعم برمج تمكين المرأة في الإعلام إضافة إلى منظمة (MICT) الألمانية التي تعنى بدعم المشاريع الإعلامية.

طوني الطيب مدير “راديو حارة” تحدّث عن سبب تفوق إذاعته مقارنة بباقي الإذاعات معدِّداً بعض المشاكل التي تحول دون وصول البث لكافة المناطق المحرّرة. ويقول الطيب: “قمنا مؤخراً  بافتتاح مكتب في مدينة حلب، مجهّز بأحدث المعدات ممّا ساعدنا على تطوير العمل ورفع قدرتنا على البث وتغطية مناطق أكبر”.

وأضاف الطيب “أمّا عدم قدرتنا تغطية كامل محافظة حلب فيعود لعدّة أسباب، أهمها خطّة الإذاعة بالوصول بشكل أكبر إلى المستمعين في المناطق التي تسيطرعليها قوات النظام. مما اضطرنا إلى توجيه جهاز البث باتجاه القسم الغربي من المدينة وتغطية نسبة كبيرة من الأحياء الغربية منها الجميلية، الحمدانية, السبيل, الموكامبو, والإذاعة وبعض الأحياء التابعة للثوار.  بالإضافة إلى مشكلة توافر مادة المحروقات مما يؤدي إلى وقف البث لساعات وقد يمتد الإنقطاع ليوم كامل أحياناً لكننا نعمل على وضع خطة لمواجهة هذه المشكله وحلّها بشكل نهائي”.

أمّا بخصوص الريف الحلبي فيقول الطيب: “يصل البث إلى أجزاء صغيرة من الريف بسبب عدم قدرة جهاز البث على تغطية مساحات كبيرة مقارنة مع مساحة مدينة حلب لقد وضعنا خطة قريبة مدتها شهر كامل تبدأ ببداية الشهر السادس من العام الحالي الهدف منها هو تغطية محافظة حلب بشكل كامل بالإضافة إلى محافظة إدلب” .

يعتقد أحد المتابعين للواقع الإذاعي الثوري في سوريا فضل عدم الكشف عن اسمه أنه بالمقارنة بين التمويل متعدد المصادر الذي تحصل عليه الإذاعات وبين المناطق التي تقوم بتغطيتها يلاحظ وجود ضعف كبير على مستوى البث. ويزعم أن منظمات تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية تمول وحدها عشرة إذاعات تبث في الشمال السوري فقط !