“أصفر” فيلم بلون بشرة المعتقلين في سوريا

مشهد من فيلم أصفر حيث يظهر عدد المعتقلين في غرفة مظلمة تضيق بهم

مشهد من فيلم أصفر حيث يظهر عدد المعتقلين في غرفة مظلمة تضيق بهم

""أصفر"، فيلم روائي قصير يتحدث المعتقلين داخل السجن. وهو يجسّد حالة المعتقل النفسية واضطراباتها والضغوط الهائلة نتيجة الصدمات المتكررة"

الحملة الدولية لإنقاذ المعتقلين والتي استمرت قرابة شهرين، اختتمت نشاطاتها بإنتاج فيلم يحمل إسم “أصفر”.

“أصفر”، فيلم روائي قصير يتحدث المعتقلين داخل السجن. وهو يجسّد حالة المعتقل النفسية واضطراباتها والضغوط الهائلة نتيجة الصدمات المتكررة.

يعرض الفيلم لمعاناة المعتقلين من المرض والعفن بسبب عدم تعرضهم للشمس والهواء النظيف وشروط الزنازين القاسية. كما يشير الفيلم الى نمط حياة الانسان بين الجدران القاسية والتي يفتقد فيها لأدنى معايير الانسانية.

يصور احد مشاهد الفيلم موت أحد المعتقلين من شدة الضغط النفسي، دون أي ردة فعل من زملائه وذلك خشية العقاب. حتى أن أحدهم جعل من الجثة مكاناً للاتكاء بسبب الازدحام وعدم القدرة على التفكير، فالمكان في واقع المعتقلات السورية لا يتاح فيه أكثر من سنتمترات مربعة للشخص الواحد.

تم تصوير الفيلم في غرفة أعدت خصيصاً على شكل زنزانة لتكون مناسبة لغرض الفيلم. كما أن أغلب الممثلين الذين شاركوا في التمثيل هم من المعتقلين الناجين من السجون، أو من ذوي المعتقلين حيث قاموا بالتعبير عن معاناة حقيقية عايشوها داخل المعتقلات.

فكرة الفيلم هي عن مشاهدات حقيقية عايشها المخرج وائل سعد الدين، الذي تم اعتقاله لثلاث سنوات في سجون النظام السوري، وتعرض فيها لشتى أنواع التعذيب والمرض.

يظهر الجهد الكبير في الفيلم الملقى على عاتق تقنية الألوان التي أكسبته طابعه في اللون الأصفر الطاغي على أجساد المعتقلين ومكان اعتقالهم.

مدة الفيلم حوالي 13 دقيقة، وهو صامت لكي يقوم قدر الإمكان بإيصال الرسالة المرادة منه إلى جميع المجتمعات. ويعمل فريق الحملة حالياً على إشراك الفيلم في عدة مهرجانات دولية ومحلية ليكون رسالة المعتقلين وصوتهم في جميع أنحاء العالم.

الحملة الدولية لإنقاذ المعتقلين في سوريا ومن خلال عملها تحاول أن تؤدي دورها قدر الإمكان في ايصال صوت المعتقلين وكسب ثقة ذويهم، الذين ازداد تواصلهم مع الفريق من أجل توثيق حالات اعتقال واختفاء أبنائهم.

المحامي سامر طلاس المقيم في فرنسا يؤكد على أهمية حملات المناصرة ودورها الكبير في إيصال مشكلة المعتقلين في سوريا، وتسليط الضوء عليها على اعتبار أن هذه الحملات تشكل سلاح سلمي فعال. كما أن الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي يُعتبر هاماً للوصول إلى الشريحة المؤثرة من المجتمع.

طلاس الذي قدّم للفريق عدة استشارات قانونية يقول أنّه كان يتابع فعاليات الحملة باهتمام، وقد ترجم العديد مما قدمته ثم قام بإرساله إلى بعض أصدقائه الحقوقيين والصحفيين الفرنسيين، الذين تأثروا بقضية المعتقلين السوريين وتفاعلوا مع الصور التي قدمت في المعرض. ونُشر القسم الأكبر منها على صفحات التواصل الاجتماعي.

المعتقلة السابقة هنادي الحسين والمقيمة في مدينة أورفا التركية تقول إلى أنها كانت تتابع نشاطات الحملة بترقب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شاركت أغلب النشاطات والصور والفيديوهات التي قدمتها الحملة خاصة الفيديو التوعوي الذي تحدث عن أهمية التوثيق كبداية في قضية المساءلة والمحاسبة. وأنّ جريمة تعذيب المعتقلين جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.

يذكر أن الحملة أعلنت في بيان صادر عنها إدانتها لقوائم ضحايا السجون، الذين قضوا تحت التعذيب، التي أرسلها النظام السوري إلى دوائر السجل المدني في المدن والمحافظات السورية.

وطالبت الحملة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالضغط على النظام السوري وروسيا للكشف عن مصير مئات آلاف المعتقلين والمخفيين قسراً في سوريا خلال فترة الثورة منذ انطلاقتها في مارس/ آذار من العام ٢٠١١.

وقدمت الحملة التي بدأت في الأول من نوفمبر فعاليات عدة أهمها ندوة قانونية حول أهمية توثيق الانتهاكات الحاصلة على المعتقلين والمخفيين قسراً، وندوة حوارية مع معتقلين ناجين، إضافة إلى معرض صور حول الاعتقال والاختفاء القسري في سوريا. كما قامت الحملة بنشر الفديوهات والصور على حساباتها على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وموقعها الالكتروني، ولاقت رواجاً واسعاً من خلال التفاعلات وعدد المشاركات والاعجابات والتعليقات.

وأكد فريق الحملة أنه وبالرغم من انتهاء المدة المحددة إلا أنهم سيستمرون في عملهم من خلال معرض متنقل في بعض المدن التركية للصور التي قدمتها الحملة الشهر الماضي في مدينة غازي عنتاب، على أن تكون المحطة التالية في 6 و 7 ديسمبر/كانون الأول 2018 في ولاية اسطنبول.

يذكر أن حملة ضحايا التعذيب، هي الجزء الثاني للحملة الدولية لإنقاذ المعتقلين التي انطلقت في العام ٢٠١٥ من أجل تسليط الضوء على قضايا المعتقلين والمعتقلات داخل السجون السورية.