حين تحولت معاناة اللجوء إلى نجاح

من أعمال صفاء التي تنشرها عى صفحات مجموعات فايسبوك

لم تتخيل صفاء معترماوي أن تحقق نجاحاً كالذي حققته في تركيا، ولم تكن لتحلم بأنها ستصبح صاحبة مشروع كبير في مجال غزل الصوف والمشغولات اليدوية، وتشرف على تدريب سيدات سوريات لمساعدتهن.

“جئنا إلى تركيا في العام2017. كان همنا إيجاد فرصة عمل تؤمن دخلًا مناسبًا لعائلتي المؤلفة من خمسة أبناء وزوج لا يكاد عمله في أحد المعامل يؤمن لنا ما يسد الرمق. حاولت أن أعمل بأكثر من مهنة ولكن لم أستطع المتابعة، لأنني كنت أشعر بأنه ليس مجالي الذي استطيع أن أبدع فيه” تقول صفاء.

صفاء معترماوي (32 عاماً) من مدينة معرة النعمان لاجئة سورية مقيمة في تركيا، وتحديدًا في مدينة غازي عنتاب. رأت صفاء على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك إعلانا عن مسابقة للمشغولات اليدوية، وأن الفائز هو الذي سيحصل على أكبر عدد من الإعجاب (لايكات). فقررت المشاركة، خاصة أنه لديها خبرة منذ أن كانت طفلة وهي تعمل في مجال المشغولات اليدوي، كما أنها تجيد العمل على آلة النول اليدوي لصناعة القطع التراثية.

ذهبت إلى لسوق واشترت ما يلزم من صوف وأدوات العمل، وصنعت أشياءً كثيرة ومتنوعة لكي تنال إعجاب القائمين على المسابقة، ثم أرسلت لهم صور المنتجات التي صنعتها، ولكن كان الرد بأن المسابقة انتهت، فتساءلت بحزن: “ماذا سأفعل بهذه المشغولات التي صنعتها؟”

خطر ببال صفاء أن تعرض ما صنعته من المشغولات اليدوية على فايسبوك، لكي تجد من يشتريها. “وفعلا عرضتها على الموقع، ولم أكن أتوقع أن تنتشر منتجاتي وتلاقي كل هذه الإعجاب، حتى أن الكثيرين اتصلوا بي وطلبوا مني أن أصنع لهم أشياءً كالتي عرضتها على فايسبوك، ومن هنا كانت نقطة البداية في صنع المشغولات اليدوية. وغدوت أتسوق الصوف بشكل يومي، لإنتاج ما يُطلب مني من المشغولات اليدوية، وبعد فترة من الزمن كبر حجم التسويق لدي، وأصبحت الكميات المطلوبة مني كبيرة”.

وتتابع صفاء رواية قصدة نجاحها: “ذات يوم وأنا أسير في الشارع رأيت تجمعاً كبيراً لنساء بانتظار صندوق إغاثة (كرتونة المعونة). وسمعت إحدى السيدات تقول إنها منتظرة لساعات، منذ الصباح الباكر، لكي تحصل على المعونة الشهرية الإغاثية”.

أثّر بها ذلك المشهد كثيراً، وتساءلت في نفسها كيف لسيدة سورية أن تنتظر ساعات طويلة للحصول على معونة؟ وماهو الحال الذي وصلت إليه السوريات اللاجئات.

تقول صفاء: “فكرت في أن التسويق لدي أصبح كبيراً وباستطاعتي أن أساعد أكثر من سيدة في مجال عملي، وبالتالي حصولهن على مردود مالي لسد بعض احتياجاتهن المعيشية، ومن هنا بدأت فكرة تدريب بعض السيدات للعمل على المشغولات اليدوية”.

 وتضيف: “كان لا بد أن أقوم بتدريب السيدات بطريقة احترافية على هذه المهنة لكي تلاقي منتجاتنا رواجاً واسعاً في معظم الدول التي صدّرنا إليها أعمالنا بعد ذلك. معظم السيدات كانت لديهن خبرة بسيطة جداً في المشغولات اليدوية، والبعض لم تكن لديهن أي فكرة عن المهنة، فقمت بتدريب السيدات بطريقة فنية وحديثة، فالعمل المطلوب منّا احترافي، وذلك لدخول سوق العمل والتوزيع”.

لاحظت صفاء إقبالاً كبيراً من السيدات على تعلّم هذه المهنة، لأسباب عديدة منها أن العمل في هذه المهنة لا يستدعي خروج المرأة من بيتها، بخاصة اللواتي لديهن أطفالا صغار ويحتاجون منها رعاية، أيضاً معظم السيدات كانت لديهن الرغبة في التعلم لإعالة أسرهن في النفقات والمصاريف، ومنهن من أردن التعلم حباً بهذه المهنة التي تعتبر فناً .

هكذا أسست صفاء لمشروعها التنموي الذي نجح وبجدارة، ولا زالت تردد: “لطالما كانت النجاحات في النهاية تبدأ بفكرة صغيرة وتكبر ويكبر معها الأمل”.