فريق تطوعي للتخفيف عن المهجرين في سرمين
فريق نور التطوعي يوزع مساعدات للمُهجرّين
وصلت أم سعد الأربعينية إلى مدينة سرمين التابعة لريف إدلب الشرقي بعد رحلة نزوح شاقة سادها الخوف من القصف الممنهج التي تتعرض له مختلف مناطق ريفي إدلب وحماه، وكانت تخشى من مصير مجهول ينتظرها وأولادهاالستة الأيتام.
تلاشى قلق أم سعدبعد الترحيب الكبير والمساعدة التي لاقتها من فريق نور المدينة التطوعي.
بجهود فردية تطوعية نشأ فريق نور المدينة التطوعي عام 2016 كاستجابة لأول قافلة مهجرين وصلت من مدينة داريا إلى ريف، وهو ما يزال حتى اليوم يسعى جاهدا لتأمين كل مايلزم لمساعدة المتضررين والمهجرينوالنازحين الوافدين إلى سرمين والمناطق المجاورة.
تشرح أم سعد مدى مساعدة الفريق لها ولأبنائها فتقول: غدوت أرملة بعد وفاة زوجي الذي قضى أثناء قصف النظام لمدينتي خان شيخون، شعرت بالعجز وسط كل هذه الظروف، وأكثر ما كان يؤرقني في رحلة النزوح هذه هو أن ينتهي بنا المطاف في خيمة مهترئة لا تقينا حر صيف أو برد شتاء”.
وتضيف غير أن فريق نور المدينة بدد مخاوفي تلك بعد أن أمن لنا جميع احتياجاتنا من أغذية وأغطية، ولا يسعني القول إلا أن الدنيا مازالت بخير بوجود مثل تلك الأيادي البيضاء”.
مدير فريق نور المدينة أبو عبيدة (45عاما) يتحدث عن بدايات تشكيل الفريق ونشاطاته لحكايات سوريا ويقول: “فكرة الفريق طرحها نشطاء متطوعون لا يتجاوز عددهم الثمانية أشخاص، وتتراوح أعمارهم بين 17 و25 عاما”.
وتابع أبو عبيدة: “حين وصلت إلى شوارع سرمين حوالي 120 عائلة من مهجري داريا دون أن يكون أحد بانتظار هؤلاء الذين افترشوا الشوارع بانتظار من يساعدهم، وحينها قام متطوعون وباجتهاد شخصي منهم بتأمين كل ما يلزم من سكن واحتياجات ضرورية للنازحين”.
سمي الفريق باسم فريق نور المدينة التطوعي كونه يعمل بشكل تطوعي ودون أي مقابل مادي، فكل ما يسعى إليه هو خدمة المتضررين والمهجرين والنازحين بالتنسيق مع مغتربين من أهالي المدينة ذاتها والذين يرسلون تبرعات مالية للمساعدة قدر الإمكان بحسب ما أوضح أبو عبيدة.
ليس للفريق برنامج عمل محدد ، فهو يتواجد حيث تتواجد الحاجة إليه، من خلال الاستجابات الإغاثية الطارئة، ومن نشاطات الفريق أنهم ساهموا باستقبال أعداد كبيرة من مهجري ريف حلب وريف دمشق وأقاموا نشاطات متنوعة.
وآقام الفريق حفلات للأطفال الأيتام خلال الأعياد ووزعوا الألعاب والهدايا عليهم، ومن تلك الفعاليات كان مهرجان “بسمة طفل”
كما وقام الفريق أيضا بالمساهمة بإعادة ترميم عدد من المدارس المهدمة، وساعد بتأمين تكاليف بعض العمليات الجراحية لعدد من المرضى الفقراء والمهجرين.
وكان من أوائل من قام بجمع تبرعات مالية لأهالي الغوطة الشرقية أثناء حصارهم، حيث تم جمع مبلغ 40 ألف ريال من مغتربي سرمين وعدد من الأهالي في الداخل، حيث تم بفضل تلك المبالغ توفير الوجبات للعائلات النازحة والهاربة من القصف.
وغداة تهجير أهالي الغوطة الشرقية إلى الشمال السوري برز فريق نور المدينة بسرعة استجابته لهؤلاء وفق ما يؤكده أحد أعضائه ويدعى عبد المهيمن (25 عاما).
ويقول المهيمن:”نظرا لقلة عدد المساكن المتوفرة في سرمين جراء احتوائها لأعداد كبيرة من النازحين من مختلف المناطق السورية٬عمدنا نحن أعضاء الفريق لصيانة عدد من البيوت المهجورة وأسكنا فيها عدد من العوائل”.
وأضاف المهيمن: “كذلك قمنا باستئجار منازل لمن تبقى من تلك العائلات، وهو مانفعله اليوم مع النازحين من ريفي إدلب وحماه”.وبحسب عبد المهيمن فأن بعض هذه المنازل كانت مجانية وبعضها الآخر تكفل الفريق بدفع إيجارها بما يتراوحبين خمسة آلاف و١٥ ألف ليرة سورية بحسب مساحة المنزل .
عوائل الغوطة الشرقية الوافدة إلى مدينة سرمين والذين بلغ عددهم وفق الإحصائيات35 عائلة، حصلوا على السلال الغذائية ووجبات الفطور والغداء وبعض المفروشات والأدوات المنزلية مع وسائل الطبخ من بوابير كاز وأنابيب غاز.
وفي ظل الهجمة العسكرية الشرسة على مناطق ريفي إدلب الجنوبي وحماه الشمالي يسعى الفريق بشكل مستمر لجمع التبرعات بغية مساعدة هؤلاء. ويشير عبد المهيمن بأن التبرعات لم تكن فقط من المغتربين وإنما أيضا من أهالي سرمين أنفسهم الذين قدم بعضهم مواد عينية وآخرين مساعدات نقدية، حتى إن بعضهم تبرع بمصاغ ذهبية.
النازح سليم العمر (35عاما) يثني على عمل الفريق وما قدمه من مساعدات وخدمات. ويقول العمر: “لقد أنستنا وجوههم الباسمة والمرحبة كل ما قاسيناه من قصف وظلم واجهناه في مناطقنا. تركنا بيوتنا بنفسية متعبة ويأس شديد مما تعرضنا له ومما قد نتعرض له. غير أن مساعدة فريق نور المدينة التطوعي٬واستقباله لنا جعلنا نستعيد الأمل من جديد بحياة كريمة”.
ويردف العمر بأنه شعر مع عائلته أبان نزوحهم بأنهم ليسوا نازحين وإنما من أفراد المنطقة الذين وصفهم بـ “الكرام الذين لم يبخلوا بتقديم كل ما يحتاجونه من مساعدات مادية ومعنوية”.
واجه الفريق ويواجه تحديات كبيرة ومنها صعوبة تأمين السكن ومراكز الإيواء في ظل الأعداد المتزايدة من النازحين وقلة الدعم .
ورغم الصعوبات التي تواجههم فهم يواصلون عملهم التطوعي والذي لا يبتغون من ورائه أي شهرة اعلامية أو منفعة مادية، وإنما يبقى هدفهم الأول والأخير هو رفع بعض الأعباء عن النازحين والمهجرين، ومحاولة رسم البسمة على شفاه من ظلمتهم الحرب وحرمتهم نعمة الأمان والاستقرار.