صالونات ثقافية وسياسية في الغوطة السورية
"رغم الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة من قصف وحصار ووضع أمني متردي وانشغال الموطنين بتأمين اساسيات المعيشة إلا أنه مازالت هناك رغبة في نهل الثقافة وممارسة الحوار."
مركز حرمون للدراسات وفي بادرة فريدة في الداخل السوري، افتتح منتدى زيتون للحوار أمام جميع الأطياف والتوجهات السياسية، دون أية حواجز إيديولوجية او فصائلية، شرط أن تكون تحت سقف الوطن.
هذه الروحية التي أرادها فادي كحلوس الذي يشغل منصب مدير منتديات مركز حرمون للدراسات المعاصرة الآن والذي درس في كلية الاعلام في جامعة دمشق من تولد دوما عام 1979.
يقول كحلوس لموقع حكايات سوريا: “إن منصة منتدى زيتون موجهة للجميع، وبشكل رئيسي للشباب من الجنسين كونهم أكبر مكون اجتماعي في الغوطة، وهم من سنعتمد عليهم لتغيير المستقبل، وهم من سيتحمل المسؤولية لبناء جيل جديد”.
وقدا أتى افتتاح المنتدى في الغوطة الشرقية على ما تشهده الغوطة من انقسامات مذهبية وكيانات و وفصائل، وهو ما ألقى بظلاله على الجميع، لهذا سعى المنتدى أن يكون جسر للتواصل بين الجميع، لخلق بيئة اجتماعية صلبة، وبناء الثقة، والتفاهم بين جميع أطياف المجتمع السوري، بحسب كلحوس.
ويشدد المنتدى على ضرورة إعطاء المرأة دوراً في بناء المجتمع، لذلك خصص احتفالية للنساء السوريات باسم نون الثورة في عموم سوريا وفي بلدان اللجوء حيث تم تكريم بعض النسوة المشهود لهن بالعمل والإنجازات.
السيدة ميادة عطايا إحدى المكرمات تقول في لقاء سابق مع شبكة جيرون “أن الاحتفالية أعطت حافزاً وتشجيعاً للمرأة السورية لمواصلة العمل، ودعماً للنساء لمتابعة أدوارهن وكل في مجالها.”
نعمات محسن منسقة مكتب المرأة في محافظة ريف دمشق والطالبة الجامعية في كلية الإدارة الحكومية من تولد عام 1992. وفي حوار اجريناه معها، اكدت على “وجوب تشجيع النساء في مثل هكذا محافل ثقافية من خلال العمل على ايصال مطالبهن للجهات المعنية، ومساعدة المنتدى لوضع وتطبيق الحلول الممكن العمل عليها على ارض الواقع”.
وتلفت محسن إلى “أن المجتمع أصبح منفتحاً على عمل المرأة مما ادخلها الحياة الاجتماعية، ليتضاءل التعصب المجتمعي تجاه النساء، فكل سيدة وكل فرد على علم بمشاكل المرأة، ولكن لم يكن هناك أعمال لتوحيد الجهود لأجل العمل على وضع آلية لطرحها وايجاد حلول لمعالجتها”.
وتشير محسن إلى “أن هذا الدور الذي اخذه المنتدى على عاتقه من خلال عمله، فساعدنا على امتلاك وثيقة فعلية وواضحة لمشاكل المرأة لنعمل جميعاً على حلها”.
كرّم المنتدى عناصر الدفاع المدني لعملهم الإنساني ولمجهودهم الكبير، كما عرض سلسة من الأفلام الوثائقية والمسرحيات والمحاضرات الثقافية والسياسية والتاريخية السياسية.
الأستاذ عزو فليطاني عضو الهيئة السياسية في الغوطة الشرقية والعضو السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي ومدرس الفيزياء من تولد دوما عام 1947، أكد أنه من أكثر المشجعين على الندوات والمحاضرات الفكرية والتاريخية والسياسية بهدف العمل على تشكيل مكون (جسم) سياسي مدني ثوري للثورة بالتوازي مع المكون العسكري وليس بديلا عنه”.
ويشدد فليطاني على “ضرورة العمل على خلق قوة مدنية منظمة وفاعلة يكون لها دورا رقابياً على عمل المؤسسات المدنية التنفيذية، وان يكون لها دوراً بارزاً في الحراك الثوري والمظاهرات الغير مؤدلجة، وتكون بدرجة عالية من التنظيم ، وان تحمل رسائل على المستوى الوطني والخارجي”.
وكان مركز حرمون للدراسات المعاصرة قام سابقاً بافتتاح منتدى القوتلي في مدينة اعزاز، ومنتدى العاصي في منطقة الغاب، وبهذا يستطيعون عمل مقاربات للأفكار والاطروحات الثقافية والسياسية بين مكونات المجتمع السوري ما أمكن ومشاركتها مع أي جهة تعمل على النسق ذاته.
وتهدف هذه المراكز لإنتاج مقاربات ومقترحات وحلول ملائمة والعمل على الاستفادة من جهد الآخرين والمراكمة فوق أعمالهم. إلا أن عمل هذه المراكز واجه العوائق وتعرض لمضايقات.
وأبرز هذه المضايقات حصلت من بعض الجهات المحسوبة على بعض الفصائل، على خلفية احتفالية نون الثورة والحضور الكبير لتلك الاحتفالية من نساء الغوطة الشرقية.
ويقول كحلوس: “المضايقات كانت متوقعة وكنا قدا استطعنا تجاوزها بالحوار. نحن اصرينا على افتتاح المنتدى في احدى بلدات الغوطة حيث سلطات الامر الواقع متقبلة لمشروع ثقافي سياسي حواري من هذا النوع مما يكسبه حرية في طرح مواضيعه ويكون متاحاً للجميع دون عقبات”.
رغم الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة من قصف وحصار ووضع أمني متردي وانشغال الموطنين بتأمين اساسيات المعيشة إلا أنه مازالت هناك رغبة في نهل الثقافة وممارسة الحوار.