منظمة الهلال الأحمر السوري في إدلب بين المعارضة والنظام

صورة للأضرار التي لحقت بمبنى الهلال الأحمر العربي السوري فرع أدلب من صفحته على فايسبوك

صورة للأضرار التي لحقت بمبنى الهلال الأحمر العربي السوري فرع أدلب من صفحته على فايسبوك

تعمل منظمة الهلال الأحمر السوري في ظروف شديدة الخطورة والقسوة. وتزيد حساسية وصعوبة المهام الملقاة على عاتقها في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، حيث تتعرض للاتهامات حول مرجعيتها، إذ أن مركز إدارتها الرئيسي يقع في العاصمة دمشق.
وتضم منظمة الهلال أكثر من ست شعب بالإضافة إلى فرعها الأساسي في إدلب. وبعد سيطرة المعارضة المسلحة على إدلب في منتصف العام 2015، أصبح هذا الفرع موضع تشكيك ومحل اتهامات.
الرئيس السابق لفرع الهلال الأحمر السوري في محافظة إدلب مأمون خربوط يعتبر ان الفرع الذي كان مسؤولا عنه دفع ثمن موقفه الحياديز مشيراً إلى الغارة التي استهدفت مقر المنظمة في فندق الكارلتون في إدلب، وهو ما أدى إلى تدمير معظم المبنى وجرح ما يقارب 6 اشخاص كان هو من بينهم.
وأكد خربوط أن المبنى لا يتواجد فيه اي مظاهر عسكرية، وتم اتخاذ جميع الاحتياطات وخاصة الإشارات التوضيحية في كل مكان، وخاصة على سطح المبنى تفادياً لأي عملية أو ضربة عسكرية. لكن حيادية المنظمة لم تُنجها هذه المرة.
ومن المعروف أن الرئيس السابق لهلال الأحمر السوري في إدلب، عبد الرزاق جبيرو، اغتالته جهة مجهولة في منطقة خان شيخون عام 2012 حسب ما أفادت به وكالة رويترز.
وردا على سؤال عن سبب إقالته من رئاسة الفرع يجيب مأمون خربوط: “بعد القصف الذي الذي استهدف مقرنا تم اسعافي إلى مشافي تركية وعلاجي هناك، إلا إن إدارة الهلال الأحمر في دمشق اتخذت قراراً بإقالتي من منصبي، نتيجة للعلاقات السيئة بين النظام السوري والدولة التركية”.
ولم تقتصر العقبات التي تواجها منظمة الهلال الأحمر في إدلب على الإقالة والقصف والاتهامات من الأطراف المتصارعة، فسلطات الأمر الواقع في إدلب وريفها أصدرت سلسلة قرارات تتعلق بحركة متطوعات منظمة الهلال ولباسهن، وخاصة الاختلاط.
وعن هذا الأمر يقول خربوط: “المتطوعات التزمن باللباس الذي يحقق شروط الحشمة، رغم انه يختلف عن اللباس المعتمد من قبل منظمة الهلال الأحمر، بالإضافة إلى قرارات تحظر الاختلاط بين الجنسين، وخاصة في الدورات الاسعافية المقامة حديثاً”.
واجهت المنظمة صعوبة بالغة في تأمين المواد الطبية والأدوية للقيام بالمهام الموكلة إليها وايصال الاحتياجات لمستحقيها. كما عانت المنظمة كثيراً من سيطرة تلك الفصائل على بعض الشعب الطبية في مدن ريف ادلب، ما استدعى ممارسة بعض الضغوط على الفصائل من جهات سياسية لكف اليد.
أبو الوليد قائد إحدى الكتائب العاملة في إدلب، استنكر تلك الممارسات في حديث خص به حكايات سوريا، وإذ نفى التهمة عن فصيله أحرار الشام اتهم فصائل أخرى نافذة في إشارة واضحة إلى جبهة النصرة.
وأفضى أبو الوليد لحكايات سورية بأنهم لا يتعاملون مع منظمة الهلال الأحمر كمؤسسة ثورية ولا حتى مؤسسة حيادية باعتبارها أقرب للنظام من السلطة القائمة حالياً وهذا ما لمسناه من خلال تعامل بعض كوادر الهلال الأحمر مع جرحى ومرضى عناصر الفصائل بازدراء ولا مبالاة في بعض الحالات.
وأضاف أبو الوليد: “نحن نأخذ بعين الاعتبار دائماً أن منظمة الهلال الأحمر لا تزال تتبع ادارياً ومالياً للمركز الرئيسي في دمشق التي هي تحت سيطرة النظام السوري. وعلى الرغم من هذه التحفظات على المنظمة إلا انها مازالت تحافظ على الخدمات المقدمة لعناصر الفصائل في حال استقبالهم رغم بعض المنغصات”.
يقول أبو عبدو وهو أحد مواطني مدينة أريحا أنه كان بالأحرى على الفصائل العاملة محاسبة كوادر منظمة الهلال، فهم من استقبل جرحى جيش النظام، وعالجوهم وهي لا تزال إلى الآن تتبع للنظام الحاكم في دمشق.
أما أم زهير فتقول إنها توجهت إلى المنظمة اثناء سلطة النظام السوري واثناء سلطة الفصائل المعارضة ولم تجد أي فرق في المعاملة أبداً وتمت معالجتها من قبل منظمة الهلال الأحمر على أكمل وجه.
وترد نوال أحمد (إسم مستعار) إحدى المتطوعات في فرع إدلب أن هذا الأمر يعود إلى “نهج المنظمة في استقبال جميع الحالات الاسعافية والإنسانية دون النظر إلى انتمائها السياسي والعرقي والديني.
وبحسب نوال أحمد: “تعرضت االمنظمة لاتهامات بالتخوين والتشبيح من طرفي الصراع. ولا تزال الاتهامات بالتشبيح وخاصة من قبل الفصائل المسلحة مستمرة، ولكن وتيرتها أصبحت أخف”.
وتضيف المتطوعة أنه في ظل الأزمات الشديدة التي تتعرض لها إدلب وريفها، يخف التوتر مع الفصائل المسلحة نتيجة اسراع المنظمة لتقديم المساعدة للجميع”. وتلفت إلى “ازدياد التعاون والمناشدة والمطالبة من منظمة الهلال للتدخل العاجل في الأزمات”.
ساهمت منظمة الهلال الأحمر فرع إدلب بالعمل الإغاثي على المستوى الطبي والإسعافي بشكل كبير، رغم الضرر والتدمير الذي لحق بفرعها في إدلب وبقية الشُعب التابعة لها وخاصة شعبة أريحا، بالإضافة إلى النقص في الأجهزة الطبية والأدوية وحتى على المستوى الكادر الطبي كماً ونوعاً.
وتقر المتطوعة أحمد بأنه “أحياناً يتم العمل على حالات طارئة وحساسة رغم عدم وجود كادر طبي مختص بتلك الحالات، أكانت قلبية ام عصبية أو دماغية، لذلك في بعض الأحيان يتم تحويل الكثير من الحالات إلى تركيا للعلاج هناك.
المتطوع مالك فتحي (اسم مستعار) يعتقد “إن أكثر ما كان يغيظ الفصائل المسلحة هو الاستقلال الإداري والمالي للمنظمة وخاصة ان عملها لم يقتصر على الشق الطبي إنما دخلت في النشاط الإغاثي من توزيع للمواد الغذائية، وتقديم الدعم نفسي”.
ولفت فتحي إلى “بعض المهام التي تقوم بها المنظمة ومنها “تسيير أمور طلاب جامعة إدلب عبر نقلهم إلى جامعة حلب، بالإضافة لعمليات تبادل الأسرى بين طرفي الصراع، وتأمين وصول وإقامة المهجرين القادمين إلى إدلب من مختلف المناطق السورية.”
ويذكر فتحي أن منظمة الهلال الأحمر السوري منذ نشأتها عام 1942 وتأسيسها عام 1946 مستمرة في تقديم الدعم ضمن المبادئ التي تؤمن بها. وهذا كان السبب في استمراريتها وحيادها رغم كل التجاذبات السياسية والصراعات الموجودة، ورغم تلك المعوقات لم تتوقف المنظمة حتى اثناء الحملات العسكرية المتعاقبة على مدينة ادلب وهي مستمرة في عملها إلى الآن.