والتحقت بالمعهد التربوي الديني في حماه وكنت من الأوائل
شابة سورية تشارك في إحدى المظاهرات المناهضة للنظام السوري وتحمل لافتة في مدينة درعا جنوب سوريا
"كنا نتعلّم في المعهد الفقه والعقيدة والسيرة النبوية، إضافة إلى دروس التجويد. وأحبّ شيء على قلبي هو درس حفظ القرآن"
في شتاء 20017، وفي بداية هذا الفصل الجميل وهو الأفضل بالنسبة لي، والمحبب الى قلبي.
عاد زوجي إلى المنزل والفرح على محياه. قال لي بكل سرور ان هناك مشروع معهد تعليمي تربوي ديني في قريتنا. وقد اخبره المسؤول عن بداية العمل والتمهيد له، وأنه سيكون ناجحاً. وبأن القائمين على المعهد سيعملون بكل جهد حتى يعود بالنفع على الراغبين في التعلم من القرية سواء كانوا من الذكور أو الإناث.
كان زوجي قد عهد عندي الرغبة في تلك الأمور وحب العلم والتعلم. وكان يعرف في قرارة نفسه، أنني أحب أي مشروع تعليمي ديني، لأن هذه الأمور كانت مغيبة تماماً في ما مضى. وكان التعليم في هذا المجال مقتصرا على المدارس وبعض المعاهد البعيدة.
تمنيت الانتساب لهذا المعهد، وكنت في ما مضى أتسجل في حلقات صغيرة ضمن القرية. لكن الآن هذا المشروع مختلف قليلاً حيث أنه يهدف إلى إعداد داعيات، بعيداً عن الغلو والتطرف. يا له من مشروع محبب إلى قلبي. مع العلم اني احمل شهاده بكالوريا فقط، ولم أكمل دراستي بسبب ظروف خاصة لا أحب ذكرها لأنها تؤلمني.
والآن أنا منقطعه عن الدراسة منذ أعوام، ولكن بالرغم من كل هذا فأنا أحب العلم والتعليم وأحب الأمور الدينية كثيراً. وجدت في هذا المشروع حلمي الذي طالما بحثت عنه.
ها هو الإعلان عن المشروع، لم يتأخر كثيراً. فبعد أن علمت به بعدة أيام صدر بوست يعلن عن معهد عائشة لإعداد الداعيات. وكنت من أول من سجل للمتابعة، لأنني كنت متلهفة لمثل هذا المشروع. واكتمل العدد وفاق المتوقع. فكان عدد الطالبات اللواتي سجلن في المعهد يقارب 100 طالبة.
وكان العدد في ازدياد لانه لم يقتصر التسجيل على قريتنا التي تقع في ريف حماه الغربي فقط، بل امتد ايضا ليشمل القرى القريبة حولنا. بعض الطالبات كن يأتين من تلك القرى للدراسة في هذا المعهد ويعدن يومياً. وبدأت أيام الدراسة في المعهد.
اتخذ المعهد من مصلى المسجد مكاناً للتعليم، لأنه تعذّر على القائمين بالمشروع إيجاد مكان آخر. ولكثرة العدد انقسم الدوام إلى قسمين. واحد في أول النهار والآخرفي آخره. وكانت أيام المعهد من أجمل الأيام التي مررت بها، والتي سأبقى أتذكرها ماحييت.
كنا نتعلّم في المعهد الفقه والعقيدة والسيرة النبوية، إضافة إلى دروس التجويد. وأحبّ شيء على قلبي هو درس حفظ القرآن. كان معهدنا شاملاً، وفيه مدرسات متمكّنات. كانت دروسه وعبره ومفيدة وممتعة بالإضافة إلى الأجر والثواب.
كنت أشعر بالسعادة لأننا كنا نتعلم أمور ديننا بعيداً عن كل ما كان يحيط بنا من فصائل. إذ أن المعهد لا يتبع لأي فصيل من الفصائل. وقد كنت من المتفوقات في المعهد. وكنت بغاية النشاط والحب لما اقدّمه.
استكملنا في أول شهر حفظ أول جزء من القرآن، وهو جزء عم، ومن ثم جزء تبارك واستكملنا في الشهر الثالث جزء قد سمع وكانت علامتي في كل جزء أقدّمه لا تقلّ عن 97 في المئة. ومن ثم جاء موعد الامتحان حيث أجرينا امتحاناً تحريرياً شاملاً في كل المواد التي اخذناها. وكنت ولله الحمد راضية تماماً عن كل مادة أقدمها.
وانتهى الفحص وابتدأ الفصل الثاني، وحصل ما لم يكن في الحسبان، فقد تغيبت في اول يوم بالفصل الثاني لأنني لم أستطع الذهاب، وعند نهاية الدوام أتت زميلتي التي كانت في نفس الوقت ابنة عمي، وفاجئتني قائلة: مبروك المركز الثاني، لقد ابلغتنا المدرّسة المشرفة بالعلامات عن الفصل الاول وانتِ في المركز الثاني.
يا آلهي لقد صدمت من هذه الكلمة وقلت في نفسي: الحمدلله على كل حال لم أطمح في كل ما قدمته سوى لرضى الله، وها قد كافأني والحمدالله. لكن الفرحة لم تكتمل والمعهد لم يكتب له الاستمرار طويلاً، لأن القرية تعرضت للقصف الشديد.
وكان البعض يشيع أن القصف بسسبب وجود المعهد، وهكذا فإن أهل القرية لم يعودوا راضين عن بقاء المعهد واستمراره كي لا يتعرض الناس للخطر. ولم يجد القائمون على المعهد أي مكان بديل، وهكذا فقد تلاشى المعهد وتلاشت معه فرحتي التي لم يكتب لها الاستمرار. لكنني والحمدلله اكمل عملي الذي بدأت به في حفظ القرآن وسأستمر فيه إن شاء الله .
نرجس الأحمد (29 عاماً) ربة منزل وأم لطفل تبحث عن فرصة عمل.