الطلاب في سوريا ضحية المعلمين معدومي الخبرة

انسة سورية تعطي درساً لاطفال نازحين داخل خيمة أقيمت كمدرسة مؤقتة لتعليم الأطفال في بلدة الغارية الشرقية بريف درعا

انسة سورية تعطي درساً لاطفال نازحين داخل خيمة أقيمت كمدرسة مؤقتة لتعليم الأطفال في بلدة الغارية الشرقية بريف درعا

كنّا نعيش في قرية جميلة يعمّها الأمن والهدوء. تتوفر فيها جميع مستلزمات المعيشة التي كنّا نحتاجها كأناس بسطاء. أناس طيبون تملأهم المحبة لا سيما أن أغلب السكان من الأقرباء.
وفي القرية مدرسة جميلة… كان فيها معلمون متدربون يعطون التعليم حقه على أفضل وجه، إلا أن الأحداث التي وقعت أودت بحياة أجيال بكاملها. لم يتبق من المدرسة سوى هيكلها الخارجي، بينما الكادر التعليمي الذي كان يدرّس فيها هاجر. وللأسف لم يبق للأجيال القادمه سوى طلاب من مراحل تعليمية متقدمة نسبياً، هم من أصبحوا معلّمين بدلاً ممن كانوا مربين للأجيال.
ويا لتعاسة هذه الأجيال حيث يكاد بريق تعليمها ينطفئ بسبب بؤس هؤلاء المعلّمين الذين لم تتوفر عندهم مقومات التعليم، لا من حيث مستوى الثقافة ولا من حيث المعاملة. كل واحد منهم كأنه وزير أو دكتور. حتى انك لا تستطيع التكلّم مع احدهم بخصوص طفلك أو بخصوص كيفية التعليم أو أي شيء.
لا ادري كم من الأطفال ذهبوا ضحية لمثل هؤلاء الذين لايمتلكون أدنى المقومات ليقوموا بتربية الأجيال القادمة. ومن بين هؤلاء الأطفال ابني نصر ، الذي لم يكن قد تجاوز 6 سنوات من عمره عندما بدأت السنة الدراسيه في العام 2015، وهي السنة الدراسية الأولى في حياة طفلي.
كنت فرحة كثيراً، كنت أتخيل كيف سأعلمه وكيف سأتعامل مع حياته الجديدة. نصر طفلي الأول، كنت بغاية الحماس لأن أجعله أفضل طفل في صفه. وأفكر في ذلك كثيراً. دخل نصر في الصف الأول وتم تقسيم الطلاب على المعلمين.
وجاء اسم نصر عند معلمة من القرية كانت قد درست بكالوريا لسنتين، وفي السنة الثانية نجحت بتقدير ضعيف. ومن ثم تابعت دورة كمبيوتر لمدة 15 يوماً. وبفعل الأحداث التي نعيشها، تهيأت الفرصة لها ولأمثالها لاحتلال أماكن في ميدان التعليم. فأصبحت معلمة، ربما تكون من الدرجة العاشرة.
ومرّت الفترة الاولى من العام الدراسي بهدوء نسبي. كان ابني يذهب إلى المدرسة ويأتي بعدها لكتابة فروضه المدرسية. وسرعان ما أحسست بتغيير مفاجئ عند طفلي وبكرهه الشديد للمدرسة. فقررت أن أذهب إلى المعلمة، لاستفسر عن حالته.
بدأت أتردد على المدرسة لاطمئن على وضع ابني. فكانت المعلمة وفي كل مرة اذهب إليها تثور وتنزعج، وتقول بأنه لايحق لي أن أسأل عن وضعه. كيف وقد كان في ما مضى هناك اجتماع لأولياء الأمور لتفقد أحوال أطفالهم؟ كيف أترك إبني وحيداً، لا أعلم عنه شيئاً في مدرسته ولا في كيفية مشاركته في الصف؟
يا آلهي لقد أصبح هؤلاء هم المسؤولون عن تعليم أطفالنا! وبدأت تسوء حالة طفلي يوماً بعد يوم. ولم يعد يحب الذهاب إلى المدرسة وكنت كلما أيقظته ينهض باكياً. كان يخاف من المعلّمة، التي كان يجب أن تكون بمثابة أمّه.
وأصبح التوتر يخيم حتى علي أنا وعلى زوجي أيضا لأننا كنّا نحسّ بمعاناة طفلنا. وأصبحت المدرسة هي أكره شيء إلى نفسه. حتى أن هذا الأمر أصبح يشكّل ضغطاً نفسياً علينا فكيف بطفلي!
وبعد هذه المعاناة قررنا أن نضعه في صفّ معلّمة اخرى. لم تكن افضل منها من حيث مستوى التعليم، لكنها كانت لطيفة جداً مع الأطفال. واستطاعت بطريقتها اللطيفة أن تحبب الأطفال بها. فكانت دائما تشجعهم وتعطيهم الحافز ليكونوا أفضل.
كان ابني في حصة الإملاء لا يرضى أن يحصل على أقل من العلامة الكاملة. صرت ألاحظ ان نصر أصبح يرسم صوراً لمعلمته الجديدة، وأصبح في تحسن مستمر. كنت ألاحظ ذلك مع كل يوم يمرّ، وأحس بحبه للدراسة. وانه يريد أن يظهر لمعلمته أنه أفضل الأطفال في الصف.
كنت ألاحظ ذلك بوضوح مع مرور أول شهر على تغيير المعلمة. وأصبح نصر في تحسن مستمر ولله الحمد، أصبح كلامه عن المدرسة وطريقة اهتمامه بها رائعة جداً. وهو الآن في المستوى الممتاز وأصبح في حب شديد للمدرسة والتعليم وهو في تقدم مستمر.
نرجس الأحمد (29 عاماً) ربة منزل وأم لطفل تبحث عن فرصة عمل.