نزاع على صاروخ لم ينفجر!
ويتحول الصاروخ الذي لم ينفجر إلى سلعة للبيع تصوير يزن الزيدان
"ندعو أن ينزل الصاروخ في أرضنا دون أن ينفجر، لنُرزَق بثمنه."
في بلدة الدار الكبيرة بالقرب من كفرنبل، وتحديداً في المخيم المُقام على الأراضي الزراعية في البلدة منذُ عامين، يتنازعون ملكية الصواريخ غير المنفجرة. فكلما سقط صاروخ ولم ينفجر يقع النزاع على خلفية من هو الطرف الذي له الأحقية فيه.
ما حصل في بلدة الدار الكبيرة في 12 كانون الثاني/يناير 2017، يحصل في مناطق أُخرى من سوريا. فالصاروخ يُعتبر ثروة من البارود والحديد! فمَن لهُ الأحقية ببيعه؟ اختصاصيو التفكيك؟ أم أهالي البلدة؟ أم أهالي المخيم؟ ويدخل على الخط، تجّار السلاح، والذين يمكن أن يكونوا أيضاً مقاتلين في فصائل المعارضة.
أبو محمد، وهو أحد سكَّان مخيم بلدة الدار الكبيرة يروي لحكايات سوريا، قصة صاروخ لم ينفجر. فيقول: “أسقطت طائرة النظام رزمة صواريخ في الأرضٍ الزراعية التابعة للمخيم، وأصابت بعض الأهالي، لكنَّ أحد الصواريخ، لم ينفجر! ربما بسبب الرطوبة أو لخللٍ في الصاعق”.
يتابع أبو محمد رواية القصة: “فوراً تحدَّثنا عبرَ اللاسلكي كي تأتي سيارة الإسعاف لتُسعف المُصابين، وفي آن أخبرنا عن الصاروخ المتبقّي. وفعلاً، جاءت سيارات الإسعاف لنقل الجرحى، كما جاءت لجنة تفكيك الألغام والصواعق من جبل الزاوية… وبعد تفكيك الصاروخ دارَ شجار، بين مجموعة من رجال المخيم واللجنة، مانعين اللجنة من أخذ الصاروخ بعد تفكيكه”.
أبو يوسف، أحد سكّان المخيم، ويتبع لإحدى فصائل المعارضة، كان من بين الأشخاص الذي منعوا اللجنة من أخذ الصاروخ، يقول لحكايات سوريا: “لا تمتلك لجنة التفكيك الحق بأخذ الصاروخ، فهي قامت بعملها بتفكيكه، فلترحل! الصاروخ نزل في أرضنا وبالتالي هو من حقنا. نحنُ لنا الأولوية بأخذ الصاروخ وبيعه”.
يُضيف أبو يوسف: “نعم نبيع البارود بالكيلو، ويساوي سعر الكيلو الواحد حوالي عشرة دولارات. كما نبيع باقي الصاروخ كمعدن، فكلما كانت مساحة القسم الذي كان يجب أن ينفجر سليمة على حالها، كلما زاد ثمن الصاروخ… وبالعادة يبلغ وزن الصاروخ الواحد 500 كيلوغرام”.
يتدخّل أحد الأشخاص من أهالي المخيم، شاتماً لجنة تفكيك الصواريخ، وواصفاً إياها بالمستغلة. ويتهمها بأخذ الصواريخ وبيعها بعد تفكيكها.
يزن الزيدان عنصر في الدفاع المدني، مُطلع على عمل لجنة تفكيك الصواريخ، يقول: “تقوم اللجنة بتفكيك الصواريخ الفراغية فقط، فالصواريخ العنقودية بعد نزولها من الحاضنة على شكل قنابل تشكّل حقل ألغام ومن الصعب تفكيكها لأنها تنفجر فورَ تحريكها، لذا يتم تلفها… أمَّا الصواريخ الفراغية فتكون أكثر أماناً بالنسبة لعاملي التفكيك”.
يقول يزن أنَّ تلك الصواريخ بعدَ تفكيكها، يتم بيعها على الأغلب للفصائل المقاتلة، وبشكل خاص لمختصي صناعة الألغام والقذائف اليدوية.
بالإضافة للشجار بين لجان التفكيك وأهالي المخيم أو أي أرض ينزل عليها الصاروخ سواء ملك عام أو خاص… يدخل على خط الشجار، أهالي البلدة أنفسهم.
أبو عماد وهو أحد سكان بلدة الدار الكبيرة، يقول لموقعنا: “يجب تقسيم سعر الصاروخ بالتساوي بيننا، لأنَّ مَن يقول أنَّ الصاروخ قد نزل في أرضه يجب ألا ينسى أن َّهذه الأرض تتبع للبلدة، وهو مَن أتى وأقامَ عليها مخيمه”!
بدوره أبو باسل وهو أحد وجهاء المنطقة يقول: “يجب أن نشتكي للقوة الأمنية لجبهة النصرة، كي تحل هذا الخلاف، الذي يحصل كل مرة”.
الصاروخ الذي لم ينفجر بقيَ مصيره عالقاً… بدلَ من أن يمزّق أجساد أطفال ونساء وشيوخ، صارَ محطَ شجار وتجاذب… بل يتخوف الأهالي من أن يتحول الخلاف على ملكية الصورة إلى صراع مسلّح. فالبارود الذي لم يقتل عند الإنفجار أصبح مصدرطمع قاتل… من أجل ثمنه، وتجارته المُربحة! في زمن صارت الأسلحة هي الأساس!
مخلفات الحرب تحولت منذ فترة إلى مصدر معيشة بالنسبة للعديد من السوريين التي كانت تستهدف قتلهم. فبراميل الموت مثلا تحوّلت إلى مراوح لتوليد الطاقة الكهربائية. كما أن لأطفال يجمعون الشظايا وبقايا الصواريخ لبيعها كمعادن قابلة لإعادة التدوير.
أم عبد الرحمن وهي زوجة أحد المتنافسين من البلدة على الصاروخ، لأنّهُ نزلَ بالقرب من أرضه، تقول: “كنا ندعو الله أن يصرف الطائرات الحربية عنا… الآن ندعو أن ينزل الصاروخ في أرضنا دون أن ينفجر، لنُرزَق بثمنه”.
تنصرف أم عبد الرحمن، قائلة: “أنا ذاهبة لأعرف ما مصير الصاروخ، وهل حصلَ زوجي على حصة منهُ؟”