معرض للأشغال اليدوية النسائية في مخيمات أطمة

الأشغال اليدوية التي أنتجتها السيدات في المعرض

تبدو أم عمر فخورة بما نسجته من ملابس صوفية شاركتها في معرض الأشغال اليدوية الذي أقيم برعاية جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية في مخيم أطمة، بهدف دعم المرأة، وتسليط الضوء على دورها في المجتمع، وترويج المنتجات وبيعها.

تصف أم عمر (37 عاماً) تجربتها بالقول: “فكرة المعرض ضرورية لإبراز إبداع المرأة السورية في ظروف الحرب. وفك العزلة عن المخيمات وتمكين النساء القاطنات فيها. استطعنا بعد أيام من الجد أن نقطف ثمرة تعبنا حين شاهدنا إعجاب الحاضرين بأعمالنا والثناء عليها”.

وتضيف أم عمر: “تمكنت من خلال المعرض التعريف بمهنتي ومنسوجاتي، وأثبتت جدارتي من خلال أشياء بسيطة وإمكانيات محدودة، ولن أتوقف عند هذا الحد، لكني سأسعى باستمرار لتطوير مهارتي في العمل .”

مسؤولة الحماية في جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية هبا زكريا (30 عاماً) تقول: “أقمنا هذا المعرض لأول مرة بمنطقة أطمة في مخيمات الشمال السوري. وهو معرض للأشغال اليدوية، والأعمال الفنية النسوية الخاصة بنساء المخيمات، لإظهار الطاقات الكامنة عند بعض النساء .”

وبحسب زكريا فأن المعرض ضم منتجات الخياطة والصوف والتطريز ولوحات فنية وتشكيلية، إضافة لوجود قسم مخصص بالمنتجات الغذائية المصنعة منزلياً كمعلبات المونة، والفواكه المجففة، والمخللات وغيرها من المنتجات الطبيعية.

وتشير زكريا إلى “أن 12 امرأة شاركن في المعرض، دون أن يخضعن لدورات تدريبية، بل تم التحضير للمعرض قبل شهر واحد، وكانت كل الأعمال عبارة عن خبرات شخصية وتجارب ذاتية، وقد ساهم المعرض بإتاحة الفرصة للنساء في تخطي الواقع المرير بالعمل والإنتاج من داخل خيمهنَّ، في حين أن معظم المشاركات من الأرامل ونساء الشهداء، ويعتبرن معيلات لأسرهن”.

وتضيف زكريا: “كان افتتاح المعرض بمناسبة يوم المرأة الريفية الذي تحتفل فيه الأمم المتحدة كل عام في 15  أكتوبر/ تشرين الأول، للإشادة بجهود السيدات العاملات في الزراعة، لكننا ركزنا على النساء المقيمات في المخيمات، لإظهار الجانب المشرق في أعمالهن، وزيادة ثقتهن بأنفسهن، وبعث الأمل والتفاؤل في نفوسهن .”

عامرة الأحمد (29 عاماً) شاركت في المعرض من خلال عرض ما صنعته من مؤونة معلبة، وكلها أمل أن تجد منتجاتها رواجاً، وفرصة مناسبة للتسويق، لتخفف المعاناة المادية عن أبنائها. وعن ذلك تقول الأحمد: “بعد وفاة زوجي بدأت العمل في صناعة المؤونة لتأمين قوت أولادي، وقد أتاح لي المعرض فرصة مناسبة لتعريف الناس بما أعده خلال فصل الصيف من مؤونة معلبة .”

وتضيف الأحمد: “ﻃﻘﻮﺱ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺆﻭﻧة ﺍﻟﺸﺘﻮﻳّﺔ تغيب ﻟﺪﻯ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﺋﻞ ﺍﻟﻤﻬﺠّرة، ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﻨﺰﻭﺡ ﺍﻟﻤُﺘﻜﺮﺭ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺣﺎﻟﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻲ، ﻭﻳﻘﺘﺼﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲِّ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﻀﺮﻭﺭي، لكن ﺍﻟﺤﺮﺏ لم تستطع أن تغير ﻣﺬﺍﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺆﻭﻧﺔ ﺍﻟﺸﺘﻮﻳّﺔ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﺎ ﺣﻞّ ﻣﻦ ﺗﻐﻴّﺮﺍﺕ ﻭﺍﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺇﻋﺪﺍﺩﻫﺎ ﻭﻇﺮﻭﻓﻬﺎ .”

وتحاول الأجكد من خلال عملها أيضاً أن تتجاوز وجع الذكريات ومرارة الواقع، بعد أن أثقل النزوح كاهلها بالهموم التي باتت المشهد اليومي في حياة السوريين .

أما عدوية (39 عاماً) فقد شاركت في المعرض، وجذبت الأنظار بلوحاتها الفنية التي رسمتها على قماش الخيام البالية، لتعبّر من خلالها عن معاناة النساء بالمخيمات. ولاقت لوحات عدوية إستحساناً كبيرًا من الزوار، وعن ذلك تقول: “قدمت لوحات تعبر عن الطبيعة وجمالها، ومناظرها التي تبعث في النفس الأمل والتفاؤل، لألفت من خلالها الأنظار إلى أوضاعنا، وأننا هواة أمن وسلام، وكل ما نتمناه أن نعيش مع أطفالنا بأمان .”

أبو محمد (41 عاماً) أحد الأشخاص الذين حضروا المعرض، أثنى على الجهود المبذولة، وأبدى إعجابه بمهارة النساء، والتنوع الموجود في الأعمال الفنية. ويقول أبو محمد: “تضمن المعرض أعمالاً رائعة تدل على جدارة المرأة السورية وقدرتها على العطاء رغم ما تعيشه من مصاعب، لذلك اشتريت عدداً من المعروضات من ملابس صوفية، وقطع مطرزة لما فيها من حس إبداعي متميز يظهر فيها أثر الفن وبراعة الصانع .”

الممرضة سناء معمار(41 عاماً) من مدينة أطمة زارت المعرض وأشارت إلى أهميته بقولها: “وجود معارض كهذه أمر مهم في إطار تمكين المرأة السورية مهنياً واقتصادياً، وخاصة أن المرأة في المجتمع السوري أصبحت تعيل أسرتها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها العائلات السورية. كما يساعد النساء اللاتي فقدن أزواجهن في الحرب، وبدأن يعانين لتأمين لقمة العيش لأطفالهن، من خلال توفير فرصة عمل يواجهن بها الحياة  .”

وتشير معمار إلى “أن المعرض دعم الإنتاج النسائي، وفتح آفاق لأعمال النساء اليدوية، كما شجع المرأة العاملة التي تبدع وتبحث عن سوق لمنتوجاتها، لمزيد من الإبداع والاستمرار في الإنتاج” .

الكثير من النساء السوريات دفعتهن ظروف الحرب للنزوح إلى المخيمات ليعشن ظروفاً صعبة، ومنهن من تسعى لاستثمار وقتها وممارسة هواياتها وتحقيق عائد مادي، وكلها أمور تكسبها الشعور بالسعادة والإنجاز، وتملأ وقتها وتلبي حاجات أسرتها.

هذا المعرض مثّل فرصة للتأكيد على قدرة المرأة السورية على الإنتاج والعطاء في أصعب الظروف، ومساحة كريمة لإظهار بصمة أمل في الأشغال اليدوية النسائية، بعيداً عن قسوة الحياة التي تعيشها النساء في المخيمات .