ندرة أطباء ووفرة إصابات في النقاط الطبية في حلب
بعد أربعة أعوام على بدء عملها، لا زالت النقاط الطبية في حلب تواجه صعوبات كبيرة، كانت كفيلة بإنهاء عمل بعضها. تعتمد النقاط الطبية على عدد قليل من الأطباء المختصين، وطلاب من كلية الطب لم ينهوا دراستهم بعد. بالإضافة إلى شباب متطوعين في هذ المجال خضعوا لعدة دورات تمريض.
حسن فتوح، مسعف في إحدى النقاط الطبية في حلب، ينبه إلى أن القطاع الصحي في سوريا بشكل عام يشهد انهياراً كبيراً. ويتحدث المسعف عن انخفاض نسبة الأطباء في المدينة إلى أكثر من 90% مما كانت عليه في العام 2010، ويلفت المسعف أيضا إلى أن الصناعة الدوائية المحلية تراجعت بنسبة 90% أيضا.
ويضاف إلى مشكلة ندرة الأطبّاء المختصين، قضية نقص التمويل واستهداف النقاط الطبية بالقصف الممنهج، إضافة إلى المضايقات من قبل بعض الكتائب المسلحة.
النقاط الطبية من أهم القطاعات في حالات الحرب تحديداً، حيث تتضاعف الإصابات. عن هذا الأمر يقول صافي وهو أحد المعالجين في إحدى النقاط الطبية: “هنا نعالج الإصابات الناتجة عن القصف بالبراميل المتفجرة، وحالات القنص والقذائف. يصلنا أحيانا يومياً 30 حالة طارئة. إضافة إلى المعاينات العامة والعمليات الجراحية”. صافي يلفت إلى “مشكلة نقص الكوادر المتخصصة، حيث لا يوجد أخصائي جراحة، ولا أخصائي أعصاب. فنضطر لنقل المصاب إلى مشفى باب الهوى على الحدود السورية التركية،أو إلى داخل الاراضي التركية لمعالجته”. بالنسبة للأدوية يشدد صافي على “النقص في أدوية التخدير ومعدات التخدير وأدوية الالتهاب وأدوية الأمراض الخبيثة”. ولا يغيب عنه الإشارة إلى النقص في أجهزة الأشعة وأجهزة الطبقي المحوري وأجهزة غسيل الكلى، وأجهزة التثبيت الداخلي والخارجي بالإضافة إلى النقص في معدات التنظير بشكل عام ومواد إعادة التأهيل كالعكازات والكراسي المتحركة.
وبحسب صافي يتم تحويل كافة إصابات الرأس إلى تركيا، ويعطي مثالاً المجزرة الأخيرة التي وقعت نتيجة القصف على مدرسة في حي سيف الدولة في2 أيار/مايو 2015 .
وبحسب تقرير أعده مركز توثيق الإنتهاكات في سوريا عن الوضع الطبي في مدينة حلب، فهناك 10 أطباء صحة عامة، 4 أطباء للأطفال، 3 أطباء تخصص جراحة عظام، طبيبين مسالك بولية، طبيب طوارئ، أخصائي تخدير، وطبيب عيون. هؤلاء يتوزعون على أكثر من عشرة نقاط طبية تغطي مدينة حلب وهي (الزرزور والقدس وعمر بن عبد العزيز و شوقي هلال والدقاق والبيان والحكيم والزهراء والصاخور والحياة الطبي) تتوزع في أحياء الأنصاري الشرقي والسكري والشعار وجسر الحج والصاخور وباب المقام بالإضافة لوجود مستوصفات صغيرة بمعدات بسيطة في كل حي من أحياء المدينة .
يشير الدكتور حمزة الخطيب إلى وجود منظمات عديدة تدعم القطاع الطبي في حلب عبر وسائل عدة، ومنها: الجمعية الطبية السورية الأميركية، إتحاد المنظمات الطبية الإغاثية السورية، منظمة الإغاثة الإسلامية، منظمة الإغاثة الطبية لسوريا، منظمة شفق، جمعية أطباء عبر القارات، جمعية إعانة المرضى الدولية.
وبحسب الخطيب “تدعم هذه المنظمات النقاط الطبية بالمعدات و المواد والأجور. لكن المشكلة الأكبر تكمن في تعرض بعض الأجهزة جراء القصف للتدمير، وضرورة تأمين الكهرباء والمحروقات لتشغيل المولدات. وهذا العبء الثقيل يتقاسمه العاملون في القطاع الطبي مع المنظمات الداعمة”.
ويؤكّد الخطيب إن النقص في الكادر الطبي والأدوات اللازمة للعلاج أدت إلى وفاة العديد من الجرحى الذين كان يمكن إنقاذهم.
محمد عرب (35 عاماً) يعمل كحلاق في حي الأنصاري في حلب يعاني الكثير مع والدته التي اضطر لنقلها أكثر من مرة إلى تركيا لإجراء فحوصات للكبد. ويقول محمد “لا يوجد أجهزة في مدينة حلب للكشف عن مثل هذه الأمراض، مما اضطرنا لنقلها إلى تركيا لإجراء التحاليل اللازمة، والعودة إلى حلب لاستكمال العلاج.”
مشكلة التجهيزات والكوادر الطبية يضاف إليها مشكلة من نوع آخر وهي القصف العنيف بالصواريخ والبراميل المتفجرة. وقد استهدف القصف في 29 نيسان/أبريل 2015، إحدى النقاط الطبية في حي الصاخور. ما أدى إلى توقف المركز عن الخدمة بشكل كامل، بعد تهدم المبنى وتدمير الأجهزة والمعدات. وفي اليوم التالي استهدف الطيران أيضاً سيارات الإسعاف، ما أدى لخروج كافة سيارات الاسعاف من الخدمة.
وعلى صعيد متصل يطالب مركز توثيق الانتهاكات في سوريا كافة الأطراف وعلى رأسهم النظام السوري تحييد المشافي والكوادر الطبّية، واحترام القوانين.