من المصالحة الوطنية إلى الحصار
الطريق إلى كناكر مقطوعة
"تعيش بلدة كناكر في ظل حصار خانق فرضته قوات النظام عليها منذ ما يقارب الشهر، رغم الاتفاق الذي انضمت اليه تحت عنوان المصالحة الوطنية.
"
تعيش بلدة كناكر في ظل حصار خانق فرضته قوات النظام عليها منذ ما يقارب الشهر، رغم الاتفاق الذي انضمت اليه تحت عنوان المصالحة الوطنية.
بلدةَ كناكر في ريف دمشق كانت من ضمن البلدات الأولى التي تمرَّدَت على النظامِ الحاكم في دمشق. وكانت تضمُّ ما يزيدُ عن 1500 مسلَّحٍ قبلَ أن تلتزم بمبادرة المصالحةِ الوطنيةِ في بدايةِ العامَ الجاري. وبالرُّغمِ من التزامِ أهلِهَا بالإتفاقِ المُبرَمِ إلّا أنَّها تعيشُ و منذُ قرابةِ الشَّهرِ حصاراً خانقاً فرضَتهُ الحواجزَ المُتمركِزةَ على أطرافِ البلدةِ.
محمد الزّامل من أهالي بلدةِ كناكر يقول: “في يومِ الاثنين 4 أيلول/ سبتمبر قامَت قواتُ النِّظامَ بتسليمِ جثمان أحد أبناء البلدة وهو كان قد تطوعَ في صفوفِ اللِّجانِ الشعبيّةِ التَّابعةِ لإدارةِ الفرقةِ الرّابعةِ في دمشق، وقضى في المعاركِ الدائرةِ ضدَّ تنظيمِ داعش في دير الزّور”.
ويضيف الزامل: “قامَت العائلة بدفن ابنها في مقبرةِ شهداءَ الثَّورةِ السوريّة. وبعدِ أيامٍ قليلةٍ قامَ مجهولونَ بإخراجِ الجُّثمان من المقبرةِ و دفنهِ في مكانٍ آخرٍ. المَسؤولُ الأمني عن المِنطقةِ اتهم مَن رفضَ المصالحةَ الوطنيَّةَ من أبناءِ البلدةِ، بأنهم يقفون خلف هذا العمل مطالباً بتسليمِهم إلى الفرعِ، الأمرُ الذي قوبِلَ بالرَّفضِ”.
وبحسب الزامل هذا الرفض كان ذريعة لحصار البلدة فيما السبب الحقيقي هو الدخول إلى المنطقة. وهو ما يرفضه الأهالي الذين خرجوا بمظاهرة حاشدةٍ انطلقَت من الجامعِ العُمرِيِّ يوم الخميس في 28 أيلول / سبتمبر، رغم الحصارٍ المفروض على البلدةِ حيث تم منع المدنيين من الدخولِ و الخروجِ حتى الحالاتُ الإنسانيَّةُ، إضافةً لمنعِ إدخالِ الموادَ الغذائيةَ و الأدويَة إليها.
بعض الأهالي لديهم وجهةَ نظرٍ مختلفةٍ حيالَ هذا الموضوع، فمنهُم من يعتقدَ أنَّ المسؤولَ الأوَّلَ والأخير عمّا يجري هم الشّبانَ الذين رفضوا إجراءَ المُصالحةَ الوطنيةَ، وعارضوا الخروجَ من البلدة كما فعلَ أبناءُ المناطقِ المجاورةِ.
عبد الكريم رمضان موظفٌ في بلديةِ كناكر يقول: “بعدَ فرضِ الحصارِ على البلدةِ أصبحنا عالقِينَ بين قواتِ النّظامِ وعناصرِ المعارضةِ الرَّافضِينَ تنفيذَ طلباتِهِ المُقتصرَة على تسويةِ أوضاعِهِم، وقد تعلَّقَ مصيرُ بلدةٍ بأكمَلهِا بمُصالحهِم. فقرَّرَ آلافُ المدنيينَ الخروجَ بمسيرةٍ مواليةٍ للنِّظامِ، لتأكيدِ موقفِهِم الذي يرفضُ تصرفاتِ عناصرِ المعارضةِ والذينَ لم يتعامَلوا مع الموضوعِ بحكمةٍ، هذا ما ساهمَ بتخفيفِ الاحتقانِ لدى قواتُ النِّظامِ التي قرَّرت السماحَ فقط للحالاتِ الإنسانيَّةِ الضَّروريَّةِ بالخروجِ من البلدةِ، حتى حلِّ المشكلةِ”.
الحصار المفروض على بلدة كناكر أثار غضبَ أبناءِ مدينةِ الكسوة، وبلدَتي زاكية والطيبة التي وافقت على المصالحة. هذه البلدات كانت تحوي ما يقاربُ 5 آلاف مسلَّح، أصدر أهلها بيانات أعلنوا فيها تضامُنَهم مع أهالي كناكر المُحاصرة، محذِّرينَ قواتَ النِّظامِ من اقتحامِها. كما هدَّدوا بإعادةِ تشكيلِ كتائبَ الجَّيش السوري الحر في المنطقةِ، والعودة إلى القتال. و
أبو عبد الرحمن (31 عاما) من أهالي زاكية يقول: “هذه البياناتُ أصدرها بعضِ الشُّبانِ الذين رفضوا المصالحةَ والخروجَ من البلدةِ. ولا يتجاوزُ عددهُم 150 شاباً بالإضافةِ لبعضِ من خافوا أن تشهدَ بلداتُهُم ما تشهدهُ كناكر من حصار”.
وأضاف أبو عبدالرحمن: “هذه ليسَت بياناتٍ رسميةٍ أي أنَّها تمثِّلُ من أصدرَها فقط، أمَّا بالِّنسبةِ للوقوفِ في وجهِ قواتِ النظامِ والعودة إلى القتال فهوَ أمرٌ شبهُ مستحيلٍ لأن البياناتُ كما ذكَرتُ لا تُمثِّلُ سوى قلَّةٍ قليلةٍ غير قادرةٍ على فعلِ شيءٍ”.
وبحسب أبو عبدالرحمن فـ”إن التهديدات بإعادةِ تشكيلِ كتائبِ الجيش السوري الحر وإشعالِ المنطقةَ عير ممكنة لأن قادة الفصائلِ هم أوّلُ من أقبلوا على تلكَ المصالحةِ ومعظمَهم تطوَّعَ في صفوفِ الفرقةِ الرَّابعةِ واللِّجانِ الشَّعبيَّةِ، وبالوقتِ ذاته لا أتوقعُ إدخالَ المنطقةَ في صراعٍ من جديد من قبلِ قواتُ النِّظامِ لأنَّ العديدَ من أهالي البلداتِ المذكورةَ تطوَّعت في صفوفِهِم أمَّا الأعدادُ المتبقيَّةُ لا تشكلُ أدنى خطرٍ عليهم”.
ويستمر إغلاق الطرق المؤدية إلى بلدة كناكر حيث يتواجد نحو 24 ألف نسمة، يعانون من ظروف معيشية سيئة ويتخوفون من نفاذ المواد الغذائية من المخازن والمحال التجارية ما يستدعي معالجة سريعة ووضع حد للواقع الراهن.