ملجأي أصبح قبراً لأولادي

بدموع غزيرة تسترجع أمل ذكرياتها المؤلمة، حينما فقدت أربعة من أطفالها دفعة واحدة، جراء صاروخ ألقته إحدى طائرات النظام الحربية على المغارة حيث كانت تختبئ مع أولادها.

أمل (32 عاماً) ابنة مدينة خان شيخون التابعة لريف إدلب الجنوبي. واحدة من أمهات كثيرات فقدن أبنائهن في الحرب الدائرة في سوريا.

تقول أمل:”بعد تحرير مدينتي خان شيخون من قبضة نظام الأسد وجيشه على يد الثوار في شهر أيار/ مايو 2014، بدأت الطائرات الحربية بشن سلسلة غارات همجية على المدينة صباحاً ومساءً”. تذكر أمل أنها اعتادت وقت الغارات، الاختباء مع أبنائها في إحدى المغارات القريبة من منزلها، علّها تحافظ على سلامتها وسلامة أولادها ريثما تغادر الطائرة الحربية الأجواء.

أمرأة تحمل سيروم وتهرب بعد سقوط برميل متفجر بالقرب من منزلها في حلب. تصوير: براء الحلبي

تستعيد أمل تلك الذكرى بكثير من الألم وتقول:”في 6  تموز/ يوليو 2014 كانت الطائرة الحربية قد بدأت بالقصف، أسرعت مع الأولاد إلى المغارة. أبنتي سارة (9 سنوات) لم تكن معنا، كانت بصحبة والدها عند بيت جدها. وما إن دخلت المغارة مع أطفالي، حتى سقط صاروخ الطائرة اللعين مباشرة فوق المغارة التي نختبئ فيها”. وبغصة تشير أمل إلى أن المغارة تحولت إلى كومة من التراب والحجارة فوقها وفوق أطفالها الأربعة الذين فارقوا الحياة من فورهم. أما أمل فقد تم إسعافها بعد انتشالها من بين الأنقاض إلى المشفى في حالة خطرة وإصابات كبيرة.  أصيبت أمل بكسرين في ساقها وكسر ثالث في يدها. ،أجريت لها عمليات داخلية لاستخراج الحجارة والرمال من أحشائها، ولأكثر من ثلاثة أشهر استمرت أمل قابعة في المشافي.

تتنهد أمل وهي تقول بحزن: “لم يبق لي سوى ابنتي سارة التي لم تكن معنا أنذاك، استشهدت بناتي وهن حلا (8 أشهر)، رولا (3 سنوات)، سيدرا (7 سنوات) أيضا فقدت ولدي الوحيد عمر (5 سنوات). أكثر ما يؤلمني الآن بعد فقداني لأطفالي أنني لم أعد أستطيع الإنجاب بعد أن أصبت بالرحم إصابات بالغة “.

غسان زوج أمل ووالد الشهداء الأطفال (40 عاما) يقول: “لم يعد لدي ما أخسره بعد فقداني لأولادي. التحقت بصفوف الجيش الحر لقتال هذا النظام المجرم قاتل الأطفال والأبرياء “.

أم غسان والدته تقول: “مسكين ابني غسان وزوجته أمل فقدا أولادهما دفعة واحدة، أسأل الله العظيم أن يعوضهما خيراً ويساعدهما ليصبرا على مصابهما الكبير”. وتضيف أم غسان أن أمل فقدت أبناءها وأصيبت دون أن تجد أحداً من أهلها بقربها لمواساتها ومساعدتها، لأنهم جميعا لاجئون في الأردن منذ بداية الثورة.

أم علاء (35 عاماً) إحدى جارات أمل تقول: “كان حالنا حال أمل ما إن تأتي الطائرة الحربية حتى نهرع للاختباء مع أولادنا سواء بالمغارات أو بالطوابق الأرضية، ولكن ما أصاب أمل أكد لنا أنه لايوجد مكان آمن داخل سوريا مادام الطيران الحربي التابع للنظام في الأجواء”. وتتساءل أم علاء “ترى كم من الأطفال سيقتلون؟ وكم من الأهالي سيذرفون الدموع؟ وكم من الأحلام ستتلاشى ريثما تنتهي هذه الحرب؟”

الطبيب لؤي أحد الأخصائيين بالأمراض النسائية وهو من الذين أشرفوا على علاج أمل يقول: “أصيبت أمل بتمزقات داخل الرحم نتيجة إصابتها، وقد خضعت لعدة عمليات. لا يمكن القول أنها لم تعد تستطيع الانجاب، فهناك دائما فسحة أمل أن تشفى مع الزمن ومع استمرارها بالعلاج”.

 

تنهي أمل روايتها للأحداث قائلة: “أعرف أنني لست الوحيدة من فقدت أبناءها في هذه الحرب، ولكنني أتمنى من الله أن يعوضني خيراً، وأن ينهي آلام هذا الشعب ويحمي بقدرته ما تبقى من أبنائه “.

 

رزان السيد (28 عاماً) تحمل اجازة جامعية من كلية التربية أم لثلاثة أولاد ، تقيم في معرة النعمان بريف ادلب حيث تعمل كمدرسة.