مشروع لكفالة أُسر شهداء الكادر الصحي في إدلب
مبنى مديرية الصحة تصوير نسرين الأحمد
“كانَ يحمل همِّي وهمَّ والدته ويقدّم لنا راتبه الشهري. وها هو الآن بعد استشهاده، يستمر بتأمين معيشتنا من خلال كفالة مديرية صحة إدلب، والتي تبلغ 100 دولار أميركي”. بكلمات ممزوجة بالإمتنان والقهر، روى أبو خالد (62 عاماً) كيفية حصوله على كفالة أُسرة شهيد.
خالد قضى أثناء عمله ضمن مديرية الصحة في إدلب. فالمنشآت الصحية في سوريا، هي من أكثر الأماكن عرضةً للخطر. وكان وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة فراس الجندي، قد لفت في تصريح له إلى أنَّ 57% من المشافي في مناطق سيطرة المعارضة تمَّ تدميرها خلال السنوات الماضية، ما أدّى إلى قتل الكثير من الكوادر الطبية.
على ضوء ذلك، شكّلت مديرية الصحة في محافظة إدلب لجنة لإحصاء ضحايا الكادر الصحّي فيها، ممن قضوا إثر القصف أو ممن تمّ اعتقالهم من قوات النظام. وكان ذلك في تشرين الأول/أكتوبر 2016، من أجل كفالة الأُسر، ضمن إطلاق مشروع كفالة أُسر شهداء الكادر الصحي في المديرية.
الدكتور منذر خليل (43 عاماً) مدير الصحة في إدلب، يتحدّث لموقعنا عن مشروع الكفالة، ويقول: “يغطي المشروع جميع عوائل شهداء القطاع الصحي في محافظة إدلب وريفها. ويهدف لتعزيز صمود أسر الشهداء. بالإضافة لإعطاء ضمانة للكوادر الطبية العاملة في إدلب، بالتأكيد على أنّ أُسرهم هي في صلب اهتمامنا. وبالتالي تشجيعهم على البقاء في المناطق المحررة للقيام بواجبهم الإنساني”.
ويوضح خليل أنّ الكفالة غير مرتبطة بأي منظمة مُحدَّدة، بل تعتمد على صندوق يدعمه أشخاص وجهات متعددة. ويناشد المنظمات الطبية والمشافي العاملة في الداخل السوري لدعم الصندوق، من أجل استمرار كفالة أسر الشهداء والأيتام في قطاع الصحة في إدلب.
وتشترط الكفالة، أوَّلاً أن يكون الشهيد عاملاً في مديرية الصحة في إدلب أو المؤسسات الصحية المدنية التابعة لها… وأن يكون قد استشهد وهو على رأس عمله جراء قصف النظام وحلفائه، أو تمَّ اعتقاله. ثانياً ألا تكون عائلة الشهيد مكفولة من أي جهة أخرى بمبلغ أكبر أو يساوي مبلغ الكفالة المُقدَّمة من المديرية.
ويقول خليل: “تتراوح قيمة الكفالة بين 50 و200 دولار أميركي. وهناك معايير تحدِّد قيمة كل كفالة… فإن كان الشهيد أعزباً، تكون الكفالة للأب والأم، أو لأحدهما، بقيمة تصل إلى 100 دولار… أمّا إذا كان الشهيد متزوجاً ولديه أولاد، فتحصل عائلته على مبلغ، يختلف بحسب عدد أفرادها، ليصل أقصاه إلى 200 دولار أميركي”.
الدكتور مصطفى منّاع (35 عاماً) مدير مشروع الكفالة، يتحدّث لـِ حكايات سوريا عن بداية المشروع، بالقول: “قامت مديرية الصحة بنشر إعلان عن كفالة أيتام شهداء القطاع الصحي. وقمنا بالتواصل مع المشافي والنقاط الطبية والمراكز والمكاتب الصحية في المجالس المحلية، لتزويدنا بأسماء الشهداء الذين قضوا في مراكز عملهم. وبعد فترة وجيزة، قمنا بجمع المعلومات، ووضعنا عدة شروط لقبول أي عائلة شهيد ضمن خطة المديرية”.
ويشير منّاع إلى أنّ توزيع الكفالات، يتم من خلال لجنة مكلّفة من المديرية. حيث تقوم بتحويل العائلة إلى قسم المالية، الذي بدوره يقوم بإعطائها المنحة المالية المخصّصة لها.
زوجة أحد شهداء القطاع الصحي من مدينة كفرنبل، فضلت عدم الكشف عن هويتها تقول: “استشهدَ زوجي في 2 شباط/فبراير 2015 في غارة جوية من طيران النظام السوري، كانت قد استهدفت النقطة الطبية التي يعمل فيها في جبل الأكراد. المرتّب الشهري الذي كان يتقاضاه، حوالي 350 دولاراً أمريكياً، وكان يؤمّنِ المبلغ معيشتنا أنا وزوجي وأولادي. وبعد استشهاد زوجي، ضاقت بنا سبل الحياة”.
تضيف أرملة الشهيد “ما إن علمتُ بوجود كفالة مديرية الصحة، حتى سارعت للتسجيل فيها. وتمّ قبولي، لاستيفائي الشروط. فحصلتُ على الكفالة لمرة واحدة، بقيمة 150 دولاراً وأتمنى أن تستمر للأشهر القادمة، كي أتمكّن من إعالة أطفالي”.