مشروع لدعم مزارعي الزيتون في ريف إدلب
خلال العمل على أشجار الزيتون تصوير دارين الحسن
"جمعية رحمة أطلقت مشروع "زيت سوريا الذهبي" لدعم مزارعي الزيتون في مدينة أرمناز في بريف إدلب بهدف تحسين مستوى الإنتاج ونوعيته."
لطالما اشتهرت إدلب بزيتونها. وهي شهرة وصلت إلى البلدان المجاورة حيث يمكن بسهولة سماع تسمية الزيتون الإدلبي عند الحديث عن الزيتون الجيد. وكان لزراعة الزيتون مكانة هامة في إدلب، لكن هذا القطاع شهد خلال سنوات الحرب جملة من الصعوبات وانتكاسة واضحة أدت لتدهور الإنتاج.
جمعية رحمة أطلقت مشروع “زيت سوريا الذهبي” لدعم مزارعي الزيتون في مدينة أرمناز في بريف إدلب بهدف تحسين مستوى الإنتاج ونوعيته.
مدير المشروع عمار جنيد (44 عاماً) يقول: “الحرب أثرت على كافة مناحي الحياة. أنهكت زراعة الزيتون في إدلب بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم استقرار أسعار المحروقات اللازمة للري وقلة الخدمات المقدمة، ومن هنا جاءت فكرة دعم شجرة الزيتون في إدلب من خلال قطاف المحصول ونقله وعصره مجاناً لحوالي ٥٠٠ مزارع من مدينة أرمناز، ثم تبدأ عملية توزيع الأسمدة وتقليم الأشجار ومكافحة آفات الزيتون وحراثة الأراضي”.
ويلفت الجنيد إلى “أن المشروع تضمن دورات تدريب نظرية وعملية لتنمية مهارات المزارعين بهدف تغيير المفاهيم الخاطئة لديهم، كالقطاف المبكر الذي يؤثر على نسبة الزيوت في الثمار كما يؤثر على نمو الأشجار، إضافة لدورات تدريب للنساء على طرق تخليل وحفظ زيتون المائدة مع تقديم عبوات وأدوات وكمية من الزيتون لكل منهن”.
ويضيف جنيد: “المشروع بدأ حالياً بتشكيل نواة جمعية في مناطق أرمناز، وقد تم اختيار المستفيدين وفق معايير معينة وهي أن تكون ملكية المستفيد بين ٥٠ – ٧٠ شجرة زيتون مع دراسة أوضاعهم المادية ومستوى معيشتهم لانتقاء الأكثر احتياجاً”.
أبو حسين من مدينة أرمناز يملك حقل زيتون يتحدث لحكايات سوريا عن معاناته وأسباب تدهور إنتاج أشجاره قائلاً: “أشجار الزيتون التي أملكها تشكل مصدر رزق لي، لكن إنتاجها تراجع بسبب الغلاء الذي منعني من ري الأشجار صيفاً، وتقليمها في نهاية موسم القطاف، مما أثر على كمية المحصول، كما انتشرت أمراض الزيتون نتيجة ارتفاع أسعار المبيدات الحشرية. إضافة إلى القصف الذي سبب أضراراً كبيرة بالأشجار وصولاً للعوامل المناخية كالجفاف وقلة الأمطار والصقيع”.
ويؤكد أبو حسين تسجيل انخفاض في الإنتاج حيث باتت كمية الزيت المستخرجة من الثمار غير كافية لسد حاجات الاستهلاك، مما دفع أبو حسين لشراء زيت الزيتون الذي ارتفع ثمنه حتى قارب سعر الكيلوغرام الواحد الألفي ليرة سورية .
أبو أسامة (29 عاماً) من مدينة أرمناز يعمل في المشروع ويتحدث عن آلية العمل قائلاً: “تم تشكيل ورشات خاصة بالقطاف اليدوي الذي يشكل الحل الأمثل لضمان سلامة الأشجار والمحصول، ثم نقوم بنقل المحاصيل إلى المعاصر لعصرها”.
وأضاف أبو أسامة: “بعد عملية العصر، تبدأ عملية تقليم الأشجار بهدف إزالة الأغصان اليابسة وبعض الأغصان الحية، إفساحاً في المجال أمام أشعة الشمس للدخول إلى قلب الشجرة كي تتمكن البراعم الجديدة من النمو وإعطاء إنتاج ذا نوعية وجودة عالية، ليتم بعدها رش الأشجار بالمبيدات للتخلص من الحشرات والأمراض التي تصيب أشجار الزيتون، ثم تبدأ عمليات حراثة الأراضي وتسميد الأشجار.”
ويحذر أبو أسامة من “التقليم الجائر الذي يجعل الشجرة تخسر جزءاً كبيراً من أغصانها ويؤدي لقلة الثمار في الموسم الذي يتم فيه التقليم.”
عامر الأحمد (49 عاماً) يمتلك معصرة زيتون يتحدث لحكايات سوريا قائلاً:” تأثر عمل الكثير من المعاصر بسبب تراجع الإنتاج في الحقول، وتكاليف التشغيل المرتفعة نتيجة غلاء المحروقات وارتفاع تكاليف صيانة الآلات. ولكن في ظل هذا المشروع أصبحنا نعمل بنظام ٢٤ ساعة خلال فترة القطاف، كما وفر فرص عمل لعدد كبير من الشبان .”
ويردف الأحمد شارحاً رحلة الزيتون داخل المعصرة: “نقوم أولاً بعملية فرز الزيتون لتنظيفه من الأوراق ثم يتم غسيل الزيتون وعصره وتعبئة الزيوت في صفائح، وطرح البقايا او ما يعرف بالبيرين.
أبو عدنان (33 عاماً) من مدينة أرمناز استفاد من المشروع وعن ذلك قال لحكايات سوريا: “عاد إلى نفوسنا الأمل بموسم وفير في ظل العناية الكبيرة التي قدمها المشروع للأشجار، وبأن إدلب ستظل خضراء كما أحب السوريون أن يطلقوا عليها.”
ويوضح أبو عدنان أن أنواعاً عديدة من الزيتون تزرع في إدلب منها: المعري، الحنبلاسي، الصوراني، الحميصي وغيرها. لكنها تتميز بصنف يدعى أنصاصي نظراً لاحتوائه على نسبة عالية من الزيوت.
أم علاء (28 عاماً) استفادت أيضاً من المشروع وخضعت لدورة التدريب على إعداد زيتون المائدة، وعن ذلك تقول: “الزيتون من أشهر الثمار وأكثرها فائدة، ويعتبر من الأطعمة الأساسية التي تقدم مع الوجبات لكونه من المقبلات التي تؤكل بصورة يومية نظراً لما يقدمه للجسم من فوائد كثيرة وامتلاكه من الخصائص ما يجعله في قمة الأغذية الصحية. ”
الطبيب عادل الشيخ (45 عاماً) من ريف إدلب يوضح فوائد زيت الزيتون قائلاً: “تعتبر شجرة الزيتون من الأشجار المعمرة دائمة الخضرة، ولزيت ثمارها فوائد كثيرة منها الحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية، وخفض نسبة الكولسترول الضار في الدم، وتنشيط الدورة الدموية، كما يعزز عمل جهاز المناعة ويعتبر مسكناً جيداً للآلام، ويفيد بعلاج الأكزيما والجفاف الذي يصيب البشرة.”
مدير المشروع عمار جنيد يختم قائلاً: “كان للحرب آثارها السلبية على المحاصيل الزراعية ومنها الزيتون، لذلك أردنا من خلال المشروع الاهتمام بهذه الشجرة المباركة والمعمرة لمساعدة الأهالي في تأمين لقمة العيش، وتلبية احتياجاتهم من زيت الزيتون وثماره .”