حملة لتقدير عمال النظافة في ريف حلب

تكريم وهدايا لعمال النظافة في ريف حلب تصوير دارين الحسن

ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ أبو ابراهيم ﻳﻮﻣﻴﺎً مع ساعات الفجر، يتوجه إلى عمله في تنظيف ﺍﻷﺭﺻﻔﺔ ﻭﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ والتخلص ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ دون ملل أو تذمر. في الشتاء يعمل تحت المطر رغم برودة الطقس ليؤدي واجبه على أكمل وجه.

ﻛﺎﻥ عمل أبو ابراهيم وما يبذله من جهد مع الكثير من زملائه ﺩﺍفعاً للمركز المدني في مدينة الأتارب في ريف حلب لإطلاق ﺣﻤﻠﺔ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ “إنتو ع البال” لتكريم هؤلاء العمال الذين يشكلون عناصر مهمة وفعالة في المجتمع  .

ﺗﺮتسم ﺗﻌﺎﺑﻴﺮ السعادة والفخر على ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ أبو ابراهيم (33 عاماً) بمناسبة تكريمه، ﻭعن ذلك ﻳﻘﻮﻝ: “هي مبادرة جميلة ساهمت في ﺗﻌﺰيز ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟدﻳﻨﺎ، حيث شعرنا ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ لجهودنا .”

مدير المركز المدني في مدينة الأتارب محمد شاكردي (28 عاماً) يتحدث عن أهداف الحملة بقوله: “حاولنا من خلال المبادرة أن نقدم ﺷﻴﺌًﺎ ﺑﺴﻴﻄﺎً ﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ، لأن ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻭما ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻪ ﻭﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﻬﻢ ﻭﺗﻜﺮﻳﻤﻬﻢ، ﻳُﺸﻜّﻞ ﺣﺎﻓﺰﺍً ﻗﻮﻳﺎً ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻟﻼﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻷﻓﻀﻞ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻳُﺸﻌﺮﻫﻢ ﺑﺄﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻳﺤﺘﺮﻣﻮﻥ مهنتهم، وينظرون إليهم باﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﻟﺠﻬﻮﺩﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻓﺔ المدينة”. 

وبحسب شاكردي فأن “المبادرة تهدف إلى تسليط الضوء على الفئات التي تعمل بجد وجهد دون كلل أو ملل، في ظل غياب الدعم عنها وضعف التقدير لجهودهم. وجاءت فكرة الحملة من حرص المركز المدني على تناول القضايا التي تلامس المجتمع وتعنى بحاجات افراده، وقد شملت الحملة مدينة الأتارب، حيث قام أعضاء المركز المدني في الأتارب بزيارة عمال النظافة أثناء تأدية عملهم وشكرهم للتأكيد على أهمية دورهم”.

ويؤكد الشاكردي “أن فريق المركز اختار عمال النظافة كأولوية في المرحلة الأولى من المبادرة، على اعتبار أن هذه الفئة كانت و ما زالت الحلقة المستضعفة والمبعدة عن اهتمامات الرأي العام، على الرغم من أنها من أكثر الحلقات المهمة والأساسية في عجلة الحياة اليومية.”

أبو مصطفى (41 عاماً) يستيقظ فجراً، وينطلق إلى ﻣﻮﻗﻊ عمله، يجر العربة أمامه ليجمع القمامة، وما رماه الناس في الطرقات خلال يومهم. يقول أبو مصطفى: “يأخذ  ﻣﻨﻲ العمل وقتاً ﻭﺟﻬﺪاً ﻛﺒﻴﺮاً، فهو ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻃﺎﻗﺘﻲ ﻣﻌﻪ، ﻣﺎ ﻳﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﻗﺪﺭﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺃﻱ ﻋﻤﻞ ﺁﺧﺮ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺭﺍﺗﺒﻲ ﻛﻌﺎﻣﻞ ﻧﻈﺎﻓﺔ ﻻ ﻳﺴﺪ ﺭﻣﻖ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ .”

ويشير أبو مصطفى إلى أن ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮﻳﺔ لمبادرة التكريم ﻟﻬﺎ ﺃﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺪﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ، وقد عبر عن سعادته بالقول: “منحني التكريم الاعتزاز والثقة بالنفس،  لذلك أشكر القائمين على هذه المبادرة الكريمة”.

ﻣﻜﻨﺴﺔ ﻭﻋﺮﺑﺔ ﺟﺮ ﺻﻐﻴﺮﺓ، ﻫﻲ ﺃﺩﻭﺍﺕ أبو محمود (50 عاماً) ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺘﻪ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ بين المنازل، ﺑﺎحثاً ﻋﻦ ﻭﺭﻗﺔ ﺳﺎقتها ﺍﻟﺮﻳﺢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺃﻭ ﻧﻔﺎﻳﺎﺕ ﺃﻟﻘﻴﺖ ﻋﻤﺪاً ﺃﻭ ﺳﻘﻄﺖ ﺳﻬﻮﺍً ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺎﺭﺓ ﻟيعمل على ﺍﻧﺘﺸﺎﻟﻬﺎ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻐﻴﺐ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺭﺗﺴﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ ﻟﺘﺨﻔﻲ ﻭﺭﺍءها ﺁﺛﺎﺭ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ .

ويقول أبو محمود: “ﻣﻊ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺻﺒﺎﺡ كل يوم أباﺷﺮ عملي ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻒ ﺍﻟﻄﺮقات، وأستمر في عملي ﺳﻌﻴﺎً ﻣﻦﺃﺟﻞ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻟﺘﻮﻓﻴﺮ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﻷﺳﺮتي.”

ﻭيؤﻛﺪ أبو محمود ﺃﻧﻪ ﻳﻤﺘﻬﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻨﺬ ﺃﻛﺜﺮ خمس سنوات، فبعد بحث طويل ﻋﻦ ﻋﻤﻞ ﺛﺎﺑﺖ، ﺍﺳﺘﻘﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ التنظيف. “ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍلعيش الكريم له ﻭﻷﺳﺮﺗﻪ ﻫﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﻨﺎﻩ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ”. يختم أبو محمود.  

سناء الأكرم (29 عاماً) معلمة من مدينة الأتارب تبدي إعجابها بفكرة تكريم عمال النظافة وعن ذلك تقول: “لا شك أن غياﺏ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺳﻴﺆﺩﻱ ﺣﺘماً ﺇﻟﻰ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻷﻭﺑﺌﺔ والأمراض، فهم يتذوقون ﻗﺴﻮﺓ الحياة ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻟﻘﻤﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ، وهؤلاء العمال الذين ﻳﻨﻈﻔﻮﻥ ﺍﻟﻄﺮقات والشوارع ﻣﻘﺎﺑﻞ أجر محدود ﻻ يُسمن ﻭﻻ يُغني ﻣﻦ ﺟﻮﻉ يستحقون منا كل تقدير .”

وتعتبر الأكرم أن عملهم ﺍﺟﺘﻤﺎعي ﻭإنساني، لأنهم يؤدون عملاً شاقاً ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺳﻠﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺘﻬﻢ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ، ورغم ذلك ﻳﺆﺩﻭﻧﻪ ﺑﺮﺿﺎ ﻭﺗﺴﺎﻣﺢ .

وتشدد الأكرم على أنه من الضروري ﺗﻜﺮﻳﻢ ﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ، ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺒﺬﻟﻮﻧﻬﺎ ﺑﺼﻤﺖ في ظل هذه الأوضاع الصعبة ﻣﻦ ﺃﺟﻞ الحفاظ على النظافة. فضلاً ﻋﻦ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ تجاه العمال، وﺗﻐﻴﻴﺮ نظرة ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ نحو ﻣﻬﻨﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ، ﻭﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ.”

وتتمنى الأكرم على “ﺟﻤﻴﻊ الناس اﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ على ﻣﺪﻧﻨﺎ ﻧﻈﻴﻔﺔ ﺑﻌﺪﻡ إلقاء ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﻏﻴﺮﺍﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻬﺎ، ﺣﺮﺻﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، وﻟﻴﺘﻨﺎ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺃﻃﻔﺎﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ ﺃﻇﻔﺎﺭﻫﻢ، ﻭﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﻊ ﺃﻭﻻﺩﻧﺎ ﻭﺗﻌﻮﻳﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻭﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﺑﻌﺪﻡ ﺭﻣﻲ ﺍﻷﻭﺳﺎﺥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮقات .”

ﻧﺠﺤﺖ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩرة ﻓﻲ ﺭسم ﺑﺴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ، وﺗﺮﻙت ﺃﺛﺮاً ﻧﻔﺴﻴًّﺎ طيباً ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻪ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺑﺤﻔﺎﻭﺓ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ، ﻣﻊ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ معهم بما يليق بهم .