مركز للتدريب وبناء القدرات في ريف إدلب
الأحلام تتحقق مع اتحاد المكاتب الثورية تصوير هاديا منصور
"يقدم المركز دورات عديدة أهمها الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية، بالإضافة إلى لتركيز على دورات الدعم النفسي للطفل"
شعرت نوران لوهلة أن حلمها الدراسي قد انتهى، وذلك بعد أن منعها أهلها من إكمال دراستها الجامعية في حلب خوفاً عليها من حواجز النظام الموزعة على طول الطريق. غير أن نوران استطاعت تدارك ما فاتها عندما خضعت لدورات مركز حقق حلمك في مدينة كفرنبل وبموجبها حصلت على وظيفة كإعلامية في راديو فرش المحلي.
مركز حقق حلمك للتدريب وبناء القدرات في ريف إدلب الجنوبي، هو أحد أهم المراكز الهادفة لتأهيل الشباب لسوق العمل، واختصار المسافة للراغبين بالتعلم والخضوع لدورات تدريبية، دون التعرض لمخاطر المرور على حواجز النظام، أو السفر الى تركيا ودفع مبالغ كبيرة للحصول على ذات التدريبات التي يقدمها المركز بشكل مجاني.
تقول نوران “قضيت عامين قابعة في المنزل أتحسر على دراستي التي ضاعت هباءً منثوراً. كنت مستعدة للالتحاق بأي فرصة دراسية سواء كانت معهد أو جامعة أو حتى في مركز تعليمي شرط أن يكون قريباً مني ولا يضطرني للسفر والمرور على حواجز الجيش”.
وفعلا قامت نوران بالالتحاق بمركز حقق حلمك ما إن تم الإعلان عن افتتاحه، وخضعت لدورة اعلامية من قبل مدربي المركز الذين وصفتهم نوران ب”الأكفاء”. ولأنها تميزت بهذه الدورة، تم اختيارها مع أخريات للعمل في إذاعة وموقع فرش، وتقول نوران” أنا اليوم أعمل وأنفق على نفسي ولن أتخلى عن حلمي الدراسي، سوف أتابع ما إن يسقط النظام أو تسمح لي الفرصة”.
عن مركز حقق حلمك وتاريخ تأسيسه يتحدث مديره أحمد السويد (35 عاماً) فيقول لحكايات سوريا ” تم إنشاء المركز في منتصف عام 2015 من قبل منظمة اتحاد المكاتب الثورية في مدينة كفرنبل والتي أرادت من افتتاحه منح فرصة للشباب للتدريب، وبالتالي إمكانية ايجادهم فرص عمل في ظل ما يواجهون من غلاء وبطالة”.
لا ينكر السويد أن الاقبال على المركز في البداية كان ضعيفا، ويعزو ذلك لأن المركز لم يكن معروفاً لعدد كبير من الشباب من جهة، ولأنهم لم يقتنعوا بإمكانية حصولهم على خبرة تؤهلهم للعمل ضمن وظيفة ما في غضون أشهر من جهة أخرى.
ومع مرور الوقت أثبت المركز أهميته من خلال تخريجه لدفعات عديدة من الشباب والشابات المتمكنين في دورات المركز، الأمر الذي زاد من إقبال المتدربين مع بداية عام 2017 والذين بلغ عددهم حتى اللحظة 300 متدرب من الشباب وبين 150 و200 متدربة من الشابات. أغلب هؤلاء المتدربين استطاعوا الحصول على فرص عمل.
ويلفت السويد إلى أن المركز والمنظمة الداعمة له غير ملزمين بتوظيف الخريجين إلا في حال وجود شواغر لديهما. وهنا يتم انتقاء المتفوقين في كل دورة وتوظيفهم. هذا ما يؤكده المتدرب عبد الرحمن الخطيب (22 عاماً) الذي اختير ليكون مدرب المونتاج، بعد أن صنف مستواه بدرجة ممتاز.
يقول الخطيب” استطعت بنتيحة عشرة أيام من التدريب على المونتاج أن أبدع في هذا المجال، أولا لأنني أحببت المجال الاعلامي وثانيا بسبب حاجتي لوظيفة ما”. ويردف” أنا اليوم أعمل كمدرب في المركز وأحاول جاهدا أن أفيد غيري من الشباب بما تعلمته من معلومات وخبرات”.
يقدم المركز دورات عديدة أهمها الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية، بالإضافة إلى لتركيز على دورات الدعم النفسي للطفل. وذلك نظراً للحاجة الماسة لكوادر قادرة على تأهيل الطفل نفسيا وسط ظروف الحرب الحالية.
علا البيوش (25 عاماً) احدى المتدربات في المركز في مجال الدعم النفسي، تعمل في مركز ألوان للأطفال تقول علا “لم أستطع أن أكمل دراستي في مجال التربية بسبب ظروف الحرب، ولكنني استطعت بموجب خبرتي التي اكتسبتها في مركز حقق حلمك أن أطبق هذه الخبرة بعملي الجديد بين الأطفال الذين لم يألفوا إلا الحرب وقسوتها”.
علا تقدم للأطفال نشاطات ترفيهيةـ وتستمع لمشاكلهم بطريقة يحبها الطفل ويتجاوب معها .
يهتم مركز حقق حلمك أيضا بدورات اللغة الانكليزية ودورات الحاسوب وإعداد المشاريع.
يضم المركز مدربين محترفين لا تقل خبرة بعضهم عن الخمس سنوات في مجال العمل، ومنهم مدرب الحاسوب أيمن التمر(32 عاماً) خريج جامعة حلب في قسم المعلوماتية، وأيضا خريج الكلية البريطانية الملكية في السعودية يقول أيمن “أعمل على تدريب الشباب على كل ما يتعلق بمهارات استخدام الكمبيوتر وبرامجه المتنوعة، ومنها الوورد والاكسل ومبادئ حماية البيانات الرقمية وغيرها”.
ويردف” لاشك أن استخدام الكمبيوتر أصبح أساسا بأي عمل ممكن أن يحظى به أي شاب أو شابة، ولهذا أحاول جاهداً أن أقدم لهم كل ما يمكن أن يفيدهم من معلومات”.
تختلف مدة الدورات في المركز بحسب كل دورة ، وهذه المدة تتراوح بين الأيام والستة أشهر.
هبة (26 عاماً) نازحة من ريف حماه الى مدينة كفرنبل، وهي كالكثيرين الذين اضطروا لترك دراستهم، التحقت هبة بالمركز وتدربت على مهارات استخدام الكمبيوتر وهي اليوم تعمل في هذا المجال ضمن منظمة سوريا للإغاثة والتنمية؟
تقول هبة ” استطعت من خلال ما تدربت عليه أن أجد وظيفة، وأساعد أهلي الفقراء الذين أرهقهم الفقر والنزوح ” وبدورها لا تنسى هبا أن تتوجه بالشكر للعاملين والداعمين لمركز حقق حلمك .
نزار البيوش(45 عاماً) من أهالي مدينة كفرنبل يشيد بعمل المركز قائلا “من الضروري جداً انشاء مثل هذه المراكز في وقتنا الراهن، وذلك ليستطيع الشباب تمكين أنفسهم رغم قلة عدد المعاهد والجامعات، التي وإن وجدت فهي مستهدفة من قبل الطيران الحربي من جهة، ومكلفة وغير معترف عليها من جهة أخرى”. ولذلك يرى البيوش بأن المركز يعمل على تمكين الشباب في وقت قصير ويمنحهم فرصة للتوظيف .
وأمام قلة عدد خريجي الجامعات في ريف إدلب، الذين هاجر معظمهم، يبقى مركز حقق حلمك الأمل للكثيرين من الراغبين في تطوير أنفسهم ليواكبوا حاجات العمل الجديدة التي أوجدتها ظروف الحرب.