مركز رؤية في كفرنبل نافذة على المستقبل
تنطلق صفاء (17عاماً) من بيتها في الساعة التاسعة صباحا بهمة عالية وسعادة كبيرة، متجهة نحو “مركز رؤية” لتعليم اللغات والحاسوب في كفرنبل. صفاء واحدة من مئات الطالبات والطلاب الذين لم تتح لهم ظروف الحرب الدائرة في سوريا إكمال تعليمهم، فكان “مركز رؤية” بارقة أمل لصفاء وغيرها لتعلّم ما منعتهم الحرب من تعلّمه .
تقول صفاء :”لطالما أحببت تعلم اللغات ومهارات الحاسوب ولكنني لم استطع ذلك نظرا لانهيار التعليم في ظل الأوضاع الراهنة. هذا المركز بعث فيّ الأمل من جديد بتعلم ماكنت أرغب بتعلمه “. وتوضح صفاء أن ما أحبته في المركز هو المنهاج المتبع، فهو سهل وسلس ويعتمد على المحادثة بشكل مباشر وهو للتمكين في اللغة.
فادي الشاكر (29 عاماً) مجاز في الأدب العربي، يشغل حاليا منصب مدير المركز، وهو يقول في هذا المجال: “بعد التشاور بين مجموعة من الأصدقاء والمعارف أنشانا مركز رؤية، وذلك بنظرا للحاجة والرغبة الموجودة لدى نسبة كبيرة من فئة الشباب بتعلم اللغات وتقنيات الحاسوب. وتم افتتاح المشروع التعليمي في بداية شهر أيار/مايو 2015”.
وشهد المركز منذ افتتاحه إقبالاً كبيراً على التسجيل، حيث يضم أكثر من 200 شخص بين ذكور وإناث، فوق سن الـ 15 يستفيدون بشكل مباشر. المركز يقوم بتعليم اللغات الإنكليزية والفرنسية والتركية، إضافة لوجود نشاطات أخرى داخل المركز، مثل ورشات إعلامية وورشات إعداد مدربين، ودورات لتنمية المواهب الأدبية الشابة، بالإضافة إلى المحاضرات التوعوية، وخاصة للفتيات في عدة مجالات بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني التي تعمل في المجال التوعوي والثقافي.
وعن الدعم الذي يتلقاه المركز يقول الشاكر: “حصل المركز على منحة تشغيلية أو تأسيسية بدائية من منظمة ارك، ولم يحصل على غيرها حتى الآن ونحن بصدد البحث عن داعم آخر”. ويقدر الشاكر الكلفة التشغيلية للمركز شهريا بحو ألف و 500 دولار أميركي.
تشرف أمية الشاكر (40 عاماً) المجازة في الحقوق على عمل الدورات، تقول: “ينقسم العمل على دوامين، صباحي (9:00-12:00) للإناث، ومسائي (18:00-22:00) للذكور”. وتوضح الشاكر أن مدة الدورة 6 أشهر تنتهي بامتحانات في نهاية الدورة. وتشير إلى أن الطلاب ضعيفي المستوى تعاد لهم الدورة مجددا ثم يخضعون للامتحان. أما الشهادات التي يتم منحها للناجحين فمتعارف عليها بحسب الشاكر محلياً وفي تركيا.
جميل قنطار ( 35عاماً) مدير الأنشطة في المركز ومجاز في التربية يلفت إلى أن “كادر المركز مؤلف من 15 شخصاً، منهم 10 مدرسين، و 5 إداريين، وجميعهم يعملون بشكل تطوعي” . وعن نشاطات المركز يوضح قنطار “أن هناك مادة تدعى أنشطة، تعطى أسبوعيا للإناث حصراً، وتحمل مواضيع تخص التربية الذكية، وهي فن التعامل مع الطفل، ومن عناوينها النزاع، الطريق الى النجاح، الذكاء، الثقة بالنفس، قوة الشخصية، الطريق إلى السعادة”. كما وينوه القنطار الى وجود لوحة في المركز وهي عبارة عن مجلة ثقافية يتم تحديث معلوماتها اسبوعيا.
عبد اللطيف (28 عاماً) مهندس معلوماتية وهو أحد أعضاء الكادر التدريسي يقول: “في المركز أربعة أجهزة كمبيوتر محمول، موزعة على قاعتين حيث يتم تدريب الطلاب عليها، ورغم ضعف الإمكانيات فإن هناك تطور ملحوظ في مستوى الطلاب”. ويضيف “إننا نحاول رفع مستوى الطلاب عن طريق إعطائهم فرصة بتطبيق كل مايتعلمونه نظريا على الحاسوب”. ويؤكد عبد اللطيف أن مركز رؤية هو الوحيد من نوعه في ريف إدلب، وهذا سبب الإقبال الكبير عليه من قبل الطلاب. ويحوي المركز مستويات عديدة، فهناك المبتدئين وهناك الجامعيين وصولاً لوجود عدد من الأطباء والمهندسين، ممن يرغبون بتعلم اللغة التركية، تمهيداً لسفرهم أو نزوحهم.
المركز وبحسب عبد اللطيف متعاون مع جميع المراكز الأخرى في المنطقة، سواء كان تعاون مهني أو ثقافي. والهدف هو نشر الفكر الثقافي والتوعوي. ليس للمركز موقع الكتروني ولكن تم استحداث صفحة له على موقع فايس بوك.
إحدى المتدربات وتدعى سمر(30 عاماً) تقول :”أقصد المركز بهدف تعلم اللغات وتطوير معارفي، وما شدني للمركز أن كادره ممتاز، والمنهاج المتبع واسع وشامل”. وائل البيوش (18عاماً) أحد طلاب المركز يقول :”نحن الطلاب بحاجة لوجود هذا المركز لتعليم اللغات بهدف إكمال دراستنا في تركيا، في ظل الحرب الدائرة وانعدام الدراسة المحلية”. ويؤكد وائل أن معظم المتدربين في المركز يهدفون من وراء ذلك إكمال دراستهم في الخارج، والبعض لإيجاد فرص عمل.
أبو محمد (48 عاماً) أحد أهالي مدينة كفرنبل يقول: “ولدي محمد في الصف العاشر وهو يحب تعلم اللغات، كما يحب دراسته كثيراً، وما كان له تحقيق طموحه بتعلم اللغات في ظل الظروف التعليمية المتردية، لولا افتتاح هذا المركز. لاسيما وأن المدرسين أكفاء والتعليم به مجاني”. وينوه أبومحمد أن وجود هذا المركز أتاح الفرصة للكثيرين من الطلاب ذوي الإمكانيات المادية الضعيفة بأن يرتادوه ويستفيدوا من علومه .
أخصائية طب الأطفال إيثار اليوسف (32عاما) انتسبت إلى المركز، وهي تقول: “سمعت عن عمل المركز وأهميته وجدارته، كما أنه الوحيد لتعلم اللغات في المنطقة، فقصدته وقمت بالتسجيل به. هدفي من ذلك تعلم اللغة التركية لأنني أفكر إذا اشتدت أوضاع الحرب بالنزوح إلى تركيا والعمل هناك ريثما تنتهي الأزمة”.
“سنسعى جاهدين رغم ضعف الإمكانيات، وبكل الوسائل المتاحة لدينا لتطوير عمل المركز، آخذين بيد جميع الطلاب نحو العلم والتقدم والنجاح والله ولي التوفيق” بهذه الكلمات أنهى مدير المركز فادي الشاكر حديثه.