لجان شعبية لحماية المدنيين في ريف إدلب
"أعلن تجمع شباب حيش عن تشكيل قوة أمنية شعبية للحماية الذاتية، بهدف مساندة الجهات الأمنية لحماية أمن البلدة، والحد من التجاوزات التي تحصل في المنطقة"
تمكنت قوة الحماية الذاتية في بلدة حيش من إحباط محاولة سرقة متجر للمواد الغذائية. أبو محمد صاحب المتجر لم يصدق ما جرى من شدة فرحه لإنقاذ مصدر رزقه الوحيد.
بسبب الفلتان الأمني الحاصل في المناطق المحررة، والمتمثل بالتفجيرات والاغتيالات والسرقات أعلن تجمع شباب حيش عن تشكيل قوة أمنية شعبية للحماية الذاتية، بهدف مساندة الجهات الأمنية لحماية أمن البلدة، والحد من التجاوزات التي تحصل في المنطقة. وتم بناء نقاط حراسة عند مداخل البلدة وتقسيم الدوريات وتوزيع الأجهزة اللاسلكية .
ويبدي أبو محمد (50 عاماً) مشاعر الرضا والارتياح بعد قيام عناصر اللجان الشعبية بحماية متجره ويقول: “يساهم شبابنا بنشر الأمن داخل البلدة بروح عالية من الحس الجماعي، فهم العين الساهرة لينام الأهالي باطمئنان، لذلك أقدم لهم الشكر والتقدير وخاصة بعد تمكنهم من حماية متجري الذي يشكل مصدر الرزق لي ولأسرتي، ولحاقهم باللصوص الذين لاذوا بالفرار كخفافيش الليل المذعورة .”
أحمد العلي (45 عاماً) رئيس مكتب التحقيق في مركز شرطة حيش هو المشرف على عمل الدوريات يقول لحكايات سوريا: “تحت شعار الأمن مسؤولية الجميع قام تجمع شباب بلدة حيش في ريف إدلب بتشكيل قوة الحماية الذاتية لتكون العين الساهرة على أمن واستقرار البلدة .”
ويلفت العلي إلى أن التجمع تشكل من خلال غرفة على مواقع التواصل الاجتماعي ضمت العديد من شبان البلدة، يتم فيها طرح الآراء والأفكار التي من شأنها إفادة سكان البلدة بكافة المجالات والخدمات العامة، بالإضافة لمساعدة الأهالي في حال التعرض للقصف الجوي، والتواجد الفوري في المكان المستهدف لمساعدة رجال الإسعاف والدفاع المدني، وغيرها من الأعمال الإنسانية .
ويضيف العلي: “بعد تكرر حوادث السرقة والسطو المسلح والاغتيالات في المنطقة، تم طرح فكرة حماية البلدة من خلال تشكيل لجان شعبية، تكون مهمتها تسيير الدوريات الليلية. ووصل عدد المتطوعين لهذا العمل أكثر من 70 شاباً”.
ويتابع العلي: “قمنا بتقسيم البلدة لثلاثة قطاعات لتنظيم مساحة العمل من أسواق وشوارع وطرقات رئيسية، وقد تم وضع دورية مؤلفة من 8 عناصر في كل قطاع، يكون عملها المراقبة والإعلام بكل طارئ ليعمل عناصر الشرطة الحرة على الحضور الفوري إلى مكان الحادثة وإجراء ما يلزم .”
العلي وعن سبب الفلتان الأمني في المنطقة يقول: “رغم اختلاف التفسيرات لحالة الفلتان الأمني في إدلب وريفها، لكنه أصبح ظاهرة شبه عامة، ويرجع ذلك إلى وجود المحسوبيات وتعدد الفصائل وتبعثرها الذي أدى إلى عدم القدرة على توحيد القوى الأمنية، ناهيك عن وجود السلاح بأيدي عامة الشعب، وكثرة أصحاب النفوس الضعيفة الذين يغريهم المال بغض النظر عن طريقة الحصول عليه”.
أحمد الرداد (27 عاماً) أحد المتطوعين في قوة الحماية الذاتية يتحدث عن عمله قائلاً: “أصبح الأمن في حياتنا غاية بعيدة المنال، رغم كونه من أهم مطالب الحياة، لذلك عملنا على نشر الدوريات في جميع أحياء وشوارع البلدة لحمايتها والسهر على راحة أبنائها، الأمر الذي ساهم في الحد من الحوادث التي كانت منتشرة في البلدة، فمنذ تشكيل هذه القوة لم تسجل أي عملية سرقة أو قتل أو سطو مسلح .”
من جانب آخر لاقى عمل لجان الحماية الذاتية الشعبية ترحيباً ودعماً كبيرين من العامة واصفين إياها بالحل الأنسب لرد المخاطر وحماية أنفسهم .
أبو عمران (44 عاماً) أحد أهالي بلدة حيش يقول: “غياب السلطات التنفيذية عن المناطق المحررة شرع الباب واسعاً لتدهور الوضع الأمني، وانتشار مختلف عمليات السرقة والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة بلا رقيب أو حسيب، لذلك كان تشكيل اللجان الشعبية حلاً مناسباً وخطوة صحيحة جاءت في وقتها المناسب لمحاربة هذه الظواهر من خلال تأمين الشوارع وحماية الأرواح والممتلكات، مما بعث الطمأنينة في نفوسنا وحقق الهدوء والسكينة داخل البلدة .”
تشيد أم سامي (33 عاماً) بوجود اللجان الشعبية التي تحمي البلدة ليلاً وعن ذلك تقول: “غياب الأمن زرع الرعب في قلوبنا، حيث باتت فزاعات الموت والرعب لا تفارقنا أبداً، مما خلق الحاجة الملحة لوجود اللجان الشعبية التي تحاول ما أمكن تعويض هذا الغياب، في سعيها لحماية الأهالي والممتلكات من أعمال السلب والنهب وتأمين المنازل والشوارع والمحال التجارية .”
وفي نهاية حديثه لحكايات سوريا لا ينسى العلي أن يوجه نداءاً للأهالي الذين يعتبرون المتضرر الأكبر من تدهور الوضع الأمني الحاصل قائلاً: “لقد أصبحت العبوات الناسفة ورصاص الموت والغدر تترصد المدنيين والعسكريين على حد سواء، لذلك ينبغي على الجميع التعاون مع اللجان الشعبية ومراكز الشرطة الحرة، وضرورة الإبلاغ عن أي طارئ من أجل وضع حد للفلتان الأمني وتخطي هذه المرحلة الحرجة .”