فيلم رعب سوري

"دمّرت الغارة محلّا كان يعتاش منه عدد من الأيتام، تركه لهم والدهم الذي قضى في إحدى المعارك ايضاً. سوريا أرض السلام والأمان غدت أرض حرب وطغيان ومطمع للطيران "

مساء 14 شباط/فبراير 2017، كنت جالسة مع عائلتي، قرع الباب بقوة وإذ بخالي وصديقه يلهثانـ اخبرانا بضرورة ان نخلي البيت سريعاً، لأن هناك أخباراً مؤكدة أن الطيران الروسي سيستهدف المقر التابع للجيش الحر والذي كان يقع على بعد 50 متراً فقط من منزلنا.

اصابتنا حالة من الرعب. أبي كان يخشى علينا كثيراً، فطلب منا أن نخرج من البيت. ولكن أمي رفضت أن تخرج ظنا منها أنه خبر كغيره من الأخبار، إشاعات كاذبة، كي يثيروا الخوف والرعب في قلوبنا.

لكن الخبر انتشر، وبدأت المراصد تنبه العائلات القريبة من المخفر بضرورة إخلاء بيوتهم. وخلال وقت قصير أصبحت الحارة خالية كلياً. إلّا أنّ أمي رفضت الخروج من البيت، وبدأت تتلو آيات قرآنية. ومن شدة خوفنا وتعلقنا بأمي بقينا معها بالبيت .

الهدوء الذي خيّم على المكان كان مخيفا أكثر من صوت الطائرات نفسها. وبعد دقائق معدودة ونحن صامتون والخوف يملأ قلوبنا، سمعنا صوت طائرة تحلق في سماء بلدتنا. ازداد خوفنا ودخلنا إلى غرفة بعيدة عن الطريق ظنا منا أنها ستحمينا .

وبعدها حلّقت الطائرة دورتين، وانقضت على الهدف الذي جاءت من أجله. ونحن نستمع لصوت سقوط الصواريخ ونردد كلمة الله أكبر، ونتلو الشهادة استعداداً للموت، لعلها تكون اللحظات الأخيرة لنا على قيد الحياة.

الطيران الروسي حقق هدفه برميه ثلاثة صواريخ على المقر التابع للجيش الحر، وكان بداخل المقر عنصران من عناصره، ولحسن حظهما لم يصبهما أذى. في بيتنا لم يسلم لوح زجاج. ولكن الأضرار بقيت مادية ولم يصب أحد اي أذى.

رفضنا أن نخرج من البيت. كنا كمن يصارع الموت. وبعد ساعات كنا قد توقعنا أن الطائرات المغيرة حققت غايتها. غفت اعيننا قليلاً من شدة التعب والخوف الذي عشناه. وما كدنا نعط في نوم عميق حتى جاءت الضربة الثانية أمام بيتنا في حدود الساعة الواحدة بعيد منتصف الليل، صوت انفجار الصاروخ لا يمكن أن ننساه ما حيينا.

دمّرت الغارة محلّا كان يعتاش منه عدد من الأيتام، تركه لهم والدهم الذي قضى في إحدى المعارك ايضاً. سوريا أرض السلام والأمان غدت أرض حرب وطغيان ومطمع للطيران . بعدما كنا نصحو على أصوات العصافير والطيور والهدوء الذي يبعث على الطمأنينة، أصبحنا نصحو على أصوات القصف والطائرات والرصاص. ليس بفيلم رعب أنه الرعب الحقيقي.

شهد العمري (21 عاماً) تقيم في ريف إدلب الجنوبي، كانت طالبة في كلية الآداب في جامعة إدلب – قسم التاريخ السنة الثانية، لكن لم تستطع إكمال دراستها بسبب الأوضاع الأمنية في البلد.