رهان مخترعة سورية صغيرة
صورة من الأرشيف
فقدت رهان والدها ووالدتها جراء قذيفة وتركتها وحيدة تصارع الحياة. أمضت طفولتها تتنقل من منزل إلى آخر بسبب الأزمة وبسبب الأوضاع التي استوطنت الأرض والقلب..
في العام 2015 بدت حياتها شبه مستقرة مع جدتها التي كانت تعطف عليها وتلملم شتات المسار. قلبها تدريجياً عاد يشعر بالراحةز وهنا بدأت مرحلة التغيرات وتساؤلات ماذا بعد!
كانت رهان بعمر الـ 10 السنوات، وما تزال تسعى لمعرفة كيفية عمل الأشياء، وتسعى دائما لتخريب الأشياء وإعادة تركيبها لتتعرف أكثر على المادة. وكانت تقول: “في كل مرة أصلح شيئاً أشعر بشعور المخترع”.
حب الإكتشاف زاد من طموحها فواصلت المسير. وبدأ بحب الحواسيب، وحب التعلم يكبر في كل يوم أكثر وأكثر. أصيبت بالشغف المعلوماتي.. بداية تعلّمها كانت عبر الكتب الموجودة في مكتبة المدرسة، وبعدها أصبحت عبر الانترنت وضمن موسوعات تخص هذا المجال .
وأتيحت لها فرصة المشاركة في المسابقات المدرسية وهي بعمر 12 عاماً. كانت في الصف السابع بالمدرسة الإعدادية المعلوماتية. وكانت بكل مرة من الأوائل في المسابقات. بعد حصولها على المركز الاول على مستوى المحافظة، تأهلت للمسابقة بين المحافظات. ومع كل تقدم لمسابقة تلازمها صعوبات بسبب الازمة التي ما زالت قائمة من انقطاع تيار الكهرباء لساعات طويلة لانقطاع الأنترنت عنها..
كان شعورها يتراوح بين العناء وتحدي الوصول .تنهار أحياناً وتقاوم مرات كثيرة. سهرت وبحثت وسألت أساتذتها فكان شغفها يسابقها.
حاولت كثيراً أن تجد حلولاً لتلك الأزمة. في ليلة من الليالي خطرت لها فكرة وبدأت بالعمل عليها والكثير من البحث والاستفسارات. وبمساعدة من أستاذة المعلوماتية في مدرستها اخترعت جهاز طاقة الرياح. وهو جهاز لتشغيل الحاسوب وقت انقطاع الكهرباء.
أعدت رهان نفسها بقوة وبكل حماس للتقدم للمسابقة الجديدة على مستوى المحافظات. وقالت لنفسها: إسمي رهان وسوف أراهن على تجاوز هذا الطريق المتعرج المليء بالتحديات والصعوبات.
كانت المسابقة متعبة لها إلا أنها فازت. شاركت باختراعها وأهدت نجاحها لوالدتها ولوالدها اللذان ما زالا يسكنان أعماق قلبها. ولكن مأساتها بأنهما لم يشاركاها النجاح للاسف ..
ولحسن حظ رهان ان مدرّستها ثناء اهتمت لأمرها جداً وجعلتها في بالها دائماً، وكانت تدعمها في شغفها. عَلمت ثناء بمسابقة دولية تابعة للصليب الاحمر أخبرت رهان بها ورشحت اسمها. وقامت المنظمة بسبر معلومات رهان هل هي مهيأة لتلك المسابقة؟ كان السبر خلال فترة أسبوع فقط لتكون رهان على استعداد.
عادت رهان لاعداد نفسها واعداد ما درست وحققت من معرفة، حتى حان وقت السبر وكان السبر بمدة نصف ساعة بطريقة العصف الذهني والإجابه السريعة. ولله الحمد كانت نتيجة السبر رائعة وأهّلتها للدخول في المسابقة التي تسمى تكنولوجيا المعلومات. وحصلت فيها على درجة جيد جداً، وكانت جائزتها هي أن تتكفل بها المنظمة الداعمة بدوره تدريبية فى محافظة دمشق، لتتعلم أشياء جديدة وقيمة تدعم مستقبلها وميولها.
كانت الدورة التدريبية مدتها 3 أشهر. ولحسن حظ رهان مجدداً كانت الدورة بالعطلة الصيفية. طرحت رهان اختراعها للمنظمة وسُلط عليه الضوء ونال اعجاب المنظمة. مضت 3 أشهر على سفرها وعادت محملة بالعطاء والسعادة، لما تعلمته وشاركته وعاهدت نفسها بأن تقدم وتشارك الناس بالنفع. هذه المحطة من المعرفة والسفر كانت تنشئة جديدة لرهان وجعلها فتاة اقوى
جدة رهان المرأة الحكيمة التي كانت تسعى دوماً لإصلاح ما انكسر بقلب رهان .حاولت مساندتها ومشاركتها بما تعمل وتبحث. وأيضا كانت في البداية تجلس معها تشجعها على البحث على المواقع الالكترونية. جدة رهان جاهدت لتكون رهان بكل مكان مميزة وطموحة ..
تحلم الجدة بأن ترى رهان مخترعة عظيمة، وقد أصبح حلم رهان الاختراع، ونشر النفع وتمام الطموح. حكمة رهان بالحياة “أبحث عن المشكلة وأسعى لايجاد اختراع لحلها”.