رحلة عذاب للوصول إلى خطيبي
اطفال يلعبون في الشارع
"صعدت إلى الباص الذي نقلنا باتجاه الشمال السوري المحرر. لكي اعبر إلى تركيا. إلى خطيبي وحبيبي سامي. ولم افكر حينها إلا بلقائه، ونسيت كل شيء. "
تقدم سامي بطلب يدي وهو في تركيا. كنت ما أزال في قريتنا الصغيرة في حمص. أرسل أهله ليطلبوا يدي من أهلي. كان ذلك في 10 كانون الثاني/يناير 2016.
تردد أبي في إعطاء الجواب بالموافقة او الرفض. كنت أتعذب خوفاً من أن يرفض ويضيع حلمي بالزواج من حبيبي. وإن وافق أبي فهذا يعني أنني سأترك أهلي وأمي وسوريا وبلدتي وأسافر إلى تركيا.
كنت في حيرة وخوف من أمري. وبعد مشاورات أبي وسؤاله عن سامي تمت الموافقة على هذه الخطبة. ولله الحمد يوم الخميس 21 كانون الثاني/يناير 2016، كان أجمل أيام حياتي.
وبدأت التحضيرات. شراء الملابس والذهب والتجهيزات المطلوبة للسفر. وأوراق كتب الكتاب في المحكمة الشرعية ولله الحمد بعد أقل من شهرين تم كل شيء على ما يرام.
كان سامي يسعى لإيجاد طريقة لإدخالي إلى تركيا. وبعد العناء استدل إلى موضوع لم الشمل عن طريق تقديم الأوراق إلى المعبر التركي على اني زوجته. تم تقديم الاوراق وتمت الموافقة. اتصل سامي وكلمني وانه يجب أن اكون على استعداد للسفر خلال أيام قليلة.
أخبرت والدي بالذي حصل. لكني لاحظت عليه التردد والخوف لأنه كان يتوقع اني سأسافر عن طريق الجو لا عن طريق البر. وبدأ الخوف يظهر عليه. سامي في تركيا بدأ بالتجهيزات والتحضيرات لاستقبالي.
أبي اعترض على ذهابي برّاً إلى لشمال السوري، خوفاً علي من الطريق وماهو غامض هناك. حينها اتصل سامي بأبي وأخبره بموعد مغادرتي باتجاه تركيا. طلب أبي أن يرافقني أجد إخوة سامي في هذه الرحلة.
جاء الخبر مثل الصاعقة على سامي. ولم يعد يعلم كيف يتصرف. فهو لا يستطيع المجازفة بأي أخ من اخوته للذهاب عن طريق حواجز النظام وتعريضهم للخطر.
ضاعت افكار سامي وتشتت ذهنه، وبدأت الأيام تمضي بسرعة وأبي متشدد في رأيه. واصبح سامي يكلمني انه سيفسخ الخطبة أو سيعود الى سوريا من اجل أخذي معه. وانا كنت أتعذب من الطرفين.
مرت الايام وانتهت مدة لم الشمل التي كانت ثلاثة اشهر. سامي توقف عن التكلم معي لفترة. وبعدها كلمني واخبرني ان اسمي مازال على المعبر وهذه فرصتنا الأخيرة لكي نجتمع مع بعضنا البعض. وقرر ارسال خالته معي كي ترافقني في هذه الرحلة.
اتصل سامي بأبي وأخبره أن هذه هي الفرصة الاخيرة لنا. تردد أبي قليلاً، ولكنه وافق اخيراً بعد سنه على خطبتنا، أن أذهب برفقة خالة سامي عن طريق البر بواسطة الباص الكبير.
بعد توديعي لأهلي صعدت إلى الباص الذي نقلنا باتجاه الشمال السوري المحرر. لكي اعبر إلى تركيا. إلى خطيبي وحبيبي سامي. ولم افكر حينها إلا بلقائه، ونسيت كل شيء.
على الطريق استوقفنا حاجز للنظام وبدأ بترويع ركاب الباص الذين كان معظمهم من النساء والأطفال. وخالة سامي كانت تقويني وتساعدني. كان سامي قد دفع لسائق الباص مبلغاً من المال حتى لا يتعرّض لي أحدهم.
مرّ الوقت ونحن في هذا الباص، كنا ما إن نشعر بالأمان حتى يستوقفنا حاجز آخر. مرّ الوقت ببطئ. وبعد مرورنا بما يقارب 30 حاجزاً كان الحاجز الأخير بانتظارنا. حاجز المليون الذي يقوم بسلب كل شيء من اجل السماح للناس بالعبور.
وبعد توقيفنا لأكثر من ساعتين على هذا الحاجز اللعين، أخرج السائق مبلغاً من المال وأعطاه لمسؤول الحاجز لكي نستمر بالمسير ولله الحمد قطعنا هذا الحاجز اللعين.
وأخيرا جاءنا صوت السائق يقول: بشرى لكم لقد وصلنا إلى المنطقة المحررة، ولم يعد هناك من حواجز تابعة للنظام. وبدأت أبكي مجدداً من الفرح. لم يعد هناك ما يخيفنا.
وبعد مسيرنا بالأراضي المحررة وصلنا المحطة الاخيرة وتوقف الباص وبدأت الناس باستقبال أقاربها، إلا نحن وقفنا بجانب الباص منتظرين. وبعد نصف ساعة أتى شاب يسأل عنّا، وهو صديق لسامي. ذهبنا إلى منزله وكانت زوجته بانتظارنا. هناك ارتحت كثيراً بانتظار الدخول الى تركيا.
فاطمة سامي (20 عاماً) متزوجة وتعيش في تركيا