باص العلوم والمعارف في ريف حلب
باص العلوم والمعارف يجول على المخيمات حيث ينتظره الأطفال بفارغ الصبر
ينطلق باص “العلوم والمعارف” صباح كل يوم، متنقلاً بين المخيمات المترامية على أطراف مدينة الباب في ريف حلب، لتقديم خدمة تعليمية، قل نظيرها في مناطق سيطرة المعارضة السورية في شمال سوريا، وتستهدف الأطفال.
عبر الطرق الترابية الوعرة يتنقل الباص بين مخيمات النازحين في ريفي دمشق وحمص، حيث تفتقر تلك المخيمات للمدارس والتعليم، في الوقت الذي ترسل الصور المرسومة على الباص رسائل البهجة والسرور في نفوس الأطفال المنقطعين عن المدارس.
باص العلوم والمعارف مبادرة تقف خلفها مؤسسة قيم الثقافية. ويقول مدير المؤسسة عبد الحسيب المعصراني: “إن الفكرة ولدت بالتعاون مع جمعية المهندسين السوريين الأمريكيين(سايا) في إطار مشروع محو الأمية وهي تستهدف الأطفال المتسربين من التعليم، على أن يكون الباص مزوداً بكل ما يمكن أن يهيّء البيئة التعليمية المناسبة للأطفال المتضررين من الحرب”.
ويضيف المعصراني: “الخطة تقضي بالتوجه لمكان إقامة الأطفال غير القادرين على الذهاب إلى لمدارس. وهي بطريقة جذابة ومحببة لهم، لا سيما للفتيات”. لافتاً إلى “أن الباص يحتوي على شاشة عرض، وأجهزة حاسوب، ولوح وايت بورد، وطابعة ليزرية، إضافة إلى طاولات ومقاعد للطلاب”.
وبحسب المعصراني “إن العمل يستهدف في الوقت الحالي مخيم الشرقية في ريف حلب، حيث تعتمد الخطة على تقديم 5 أشهر من الدروس، خلال 3 جلسات يومية تشمل اللغة العربية والرياضيات وبعضا من العلوم من خلال تعليم الحروف والأرقام. على أن يتم تحقيق مشروع محو أمية أطفال مخيم الشرقية الذي يتم تقديم الخدمات التعليمية الأساسية لأطفاله في الوقت الحالي”.
لا تقتصر مهمة الباص على العلم والتعليم، بل يمتلك وسائل الترفيه واللعب حتى خارجه للأطفال خلال الاستراحات بين الدروس التعليمية، وهو ما يشجع الكثير منهم على الإقبال على جلسات الدروس، وفق المعصراني.
ويؤكد المعصراني أن “إنجاز الباص تطلب كثيراً من الجهد والوقت، وذلك من أجل عمل يمكن أن يسهم ولو بالشيء القليل في إنقاذ الطفولة، كما يمكن لهذا الباص أن يكون له دور في إعادة الأمل والحياة للأطفال، وبمساهمة أهل الخير يمكن تفعيله بشكل أكبر وضمان استمراريته”.
نزح الطفل يزن أبو خليل (6 أعوام) مع أسرته من ريف حمص، إلى ريف حلب. وانقطع عن المدرسة حتى وصل الباص إلى مكان نزوحه. يعبّر يزن عن سعادته لمشاركته رفاقه في دروس الباص التعليمية، حيث ينتظر كل صباح بشوق كبير قدوم الباص للصعود على متنه وتلقي الدروس.
ويتمنى يزن أن يكمل تعليمه في المدرسة كي يصبح معلماً في إحدى المدارس لتعليم الأطفال الأحرف والأرقام والحساب، كما يقول.
أم حسان وهي من سكان مخيم الشرقية، تقول إنها للمرة الأولى ترى البسمة على وجهي طفليها الاثنين المشاركين في دروس الباص، فمنذ ولدا في قلب الحصار في ريف دمشق قبل خمس سنوات وهما يعيشان حالة حزن وخوف من أصوات القصف والمدافع.وتأمل أم حسان أن ترى ولديها في يوم من الأيام يتعلمان في الجامعة، مثل بقية أطفال العالم.
وكانت مؤسسة قيم الثقافية قد بدأت عملها عام 2013 في حي الوعر الحمصي المحاصر بهدف نشر الوعي والثقافة والتعليم عبر فعاليات ومعارض وندوات ثقافية.
واستمرت المؤسسة في عملها رغم تعرضها لقصفٍ متكرر خلال وجودها في حي الوعر، وانتقل نشاطها إلى مدينة الباب في ريف حلب لتؤسس مكتبة عامة ورياض أطفال، وتأمين فرص للتعليم الجامعي المفتوح للطلاب المنقطعين عن الدراسة.