الشرطة الحرة في خدمة الشعب
يدخل يوسف التناري (39 عاماً) مركز الشرطة الحرة في معرة النعمان، ليقدم بلاغاً عن سرقة مخزنه المخصص لبيع الدراجات النارية في 2 نيسان/أبريل 2015. وتقدر قيمة المسروقات بثلاثة ملايين ليرة سورية حيث. قام عناصر الشرطة بتنظيم محضر في القضية، وبدأ التحقيق للبحث عن السارقين. وبجهود عناصر الشرطة تم إلقاء القبض على الفاعلين الذين اعترفوا بقيامهم بعدة عمليات سرقة. تم استرداد المسروقات وقدم الفاعلين إلى القضاء بحسب الأصول القاونية.
يعتبر رئيس مركز الشرطة الحرة في معرة النعمان المقدم أبو محمود (42 عاماً) “أن جهاز الشرطة الحرة في مدينة معرة النعمان بريف إدلب يشكل أحد النماذج الناجحة في سد الفراغ الأمني الذي خلفه النظام بعد تحرير المدينة”. ويشير إلى أن المركز تم إنشاءه عام 2014 ويتألف من أقسام التحقيق، الدوريات، الجنائية، السجن.
يقوم المركز بعمله على مدار الأربع وعشرين ساعة، ويتلقى شكاوى المواطنين من المدينة والقرى المجاورة. وقد تم تحرير مجموعة من المحاضر تشمل جرائم القتل والسرقة وتزوير العملات، الاغتصاب والخطف وغيرها.
ويضيف المقدم أبو محمود “في المرحلة السابقة لتأسيس هذا المركز لم يكن هناك من عمل منظم لجهاز الشرطة في معرة النعمان، واقتصر الأمر على مجموعة من التجارب الفردية التي توقف معظمها بسبب عدم توفر التمويل اللازم لاستمرار العمل، إلى أن تأسست قيادة شرطة إدلب الحرة عام 2014 بقيادة العميد فؤاد السويد. وبعدها تم تأسيس هذا المركز في معرة النعمان والذي يضم 75 عنصراً، موزعين بين شرطيين أفراد وضباط وصف ضباط، جميعهم منشقين عن جهاز الشرطة أو أمن الدولة أو الأمن العسكري أو الجيش ممن لديهم خبرة في العمل الأمني “.
النقيب محمد عبد السلام (35 عاماً) المسؤول عن قسم التحقيق داخل المركز يقول “تلقى عدد من أفراد شرطة المعرة دورات تدريبية في البحث الجنائي، ودراسة مسرح الجريمة، وحفظ الأدلة وفحصها في تركيا. ويتلقى المركز الدعم من مجموعة أصدقاء سوريا لدعم الشرطة في المناطق المحررة، وهي جهة منفذة تحصل على تمويلها من برنامج دعم الأمن المجتمعي المتكامل الذي تشرف عليه وزارات الخارجية في بريطانيا والولايات المتحدة والدنمارك”. ويلفت النقيب محمد إلى أن العناصر يتلقون رواتبهم شهريا على الشكل التالي 100 دولار أميركي لعنصر الشرطة
و150 دولار لصف الضباط و300 دولار للضباط. تم تجهير المركز بخمس سيارات حديثة ، وبمعدات للتحقيق الجنائي ضمنها أدوات رفع البصمات وغيرها، جهاز كمبيوتر بموصول بالأنترنت عبر الأقمار الاصطناعية، ، كاميرتي تصوير، مولد كهربائي. ويضيف النقيب عبدالسلام “أما الأسلحة فلم يتلق المركز أي سلاح، ونحن نعتمد على الأسلحة الفردية التي يملكها العناصر الذين يعملون معنا، وعندما نحتاج إلى سلاح نستعين بالفصائل الثورية في المدينة من أجل مؤازرتنا بالعناصر المسلحة عند الضرورة “.
تواجه الشرطة في معرّة النعمان تحديات كبيرة، يحدد الملازم أيمن ديوب (40عاما )المسؤول عن تسيير الدوريات بعضها على الشكل التالي “انتشار ظاهرة التسلح لدى المواطنين، تعرض المركز للقصف المستمر، الحاجة إلى المزيد من العناصر للقيام بأعمال الحواجز والتفتيش لكي تتفرغ فصائل الثوار للمعارك على الجبهات”.
ويشير الملازم الديوب إلى أن عمل المركز يتمتع بالاستقلالية وعدم التبعية لأي فصيل ثوري، وليس لدى عناصر المركز أي أهداف خارج نطاق تأدية مهامهم في حفظ الأمن في المجتمع وتطبيق القانون على الجميع.
أما عن طبيعة عمله في تسيير الدوريات يقول الملازم الديوب متحدثا عن نماذج من أرض الواقع “بتاريخ 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، وأثناء تسيير دورية ليلية تم الاشتباه بشخصين يقودان دراجة نارية وكانا ملثمين، قمنا بالإيعاذ لهما بالتوقف فلاذا بالفرار. تم اللحاق بهما والقبض عليهما واكتشفنا ان الدراجة النارية مسروقة، فتم التعميم عنها وسلمناها لصاحبها. وبتاريخ 9 أيار/مايو 2015، تم إبلاغنا عن وجود مجموعة تقوم بالتنقيب عن الآثار في
موقع مملكة ايبلا في قرية تل مرديخ، وحفاظا على إرثنا الحضاري من التخريب والضياع توجهت دورية إلى المكان المذكور، وتم الكشف ومصادرة المعدات واتخاذ الإجراءات اللازمة بحسب الأصول”.
مناف حاج أحمد (27 عاماً) المسؤول عن المكتب الإعلامي في مركز الشرطة يقول “أعباء كبيرة وتحديات صعبة تواجه عناصر الشرطة الحرة فرضتها عليهم ظروف الحرب، حيث يقع على عاتقهم تنظيم السير وتوفير حالة الأمن والأمان للمدنيين بالإضافة لضبط المسروقات وفض النزاعات. ورغم كل الصعوبات إلا أن عناصر الشرطة الحرة يعملون بطاقتهم الكاملة ويقومون بواجبهم على أكمل وجه، فكل مواطن شريف يجب أن يناضل بطريقته الخاصة حتى تتحرر سوريا”.
لم يحدث أن عجز المركز عن حل أي خلاف حتى الآن. يتم الاستعانة بالفصائل المحاربة في حال صعوبة المهمة. أما الشكاوى العائلية فيتم إحالتها على مركز التحكيم لحلها صلحياً، وإذا تعذر ذلك تحال إلى غرفة الأحوال الشخصية في المحكمة الشرعية. ويطبق القانون على جميع الناس بما فيهم الكتائب المسلحة حتى عناصر الشرطة الحرة أنفسهم. ويتحدث القيمون على جهاز الشرطة عن تنسيق عالي جدا مع الفصائل المسلحة، كونهم أبناء منطقة واحدة ويقفون في نفس الجهة، وليس لأحد سطوة على رجال الأمن حتى رجال الدين، لأن القانون فوق الجميع.
اكتشف أبو سليم (50 عاماً ) مواطن من قرية الدانا أن مبلغ الأربعة آلاف دولار أميركي ثمن سيارته التي باعها نقوداً مزورة. يقول أبو سليم “قدمت بلاغا إلى مركز الشرطة الحرة في معرة النعمان وبعد التحقيق والبحث الجنائي، قام عناصر الشرطة بإلقاء القبض على عصابة تعمل على ترويج أموال نقدية مزورة ، وتم تنظيم ضبط بحقهم ومصادرة الأموال النقدية المزورة التي كانت بحوزتهم والقيام باتلافها وتقديم اعضاء هذه الخلية إلى القضاء”. كانت فرحة أبو سليم لا توصف عندما استرد سيارته وعاد إليه حقه.
المقدم أبو محمود يقرّ بوجود “أعباء كبيرة وتحديات جمة تواجه عناصر للشرطة الحرة” ولكنه يتعهد بـ “محاربة الظالمين حربا لا هوادة فيها والأخذ بيد الضعفاء والمظلومين لاستعادة حقوقهم المسلوبة”. ويقول “لا فرق عندنا بين غني أو فقير فجميع أفراد المجتمع سواسية أمام تطبيق القانون وتحقيق العدالة”.
بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي