الجيش سرقَ سيارة أبي!
سيدة تحمل ربطة خبز _ حي الفردوس _ حسام كويفاتية
أذكرُ ذاك اليوم وكأنه وقع بالأمس رغم مرور 6 سنوات، يوم استيقظنا على نبأٍ مرعبٍ وهو دخول جيش النظام إلى بلدتنا معرّة حرمة. كنا لمجرد سماع كلمة الجيش أو الأمن نُصاب بالرعب، فما بالكم إن صار هذا الجيش في بلدتنا؟!
بفعل الخوف اتفق أهل البلدة على أن يغادرها الرجال، ويبقى فيها النساء والأطفال، وذلك كي لا يخرج الجميع. وإن خرجَ الرجال فقد يغض الجيش النظر عن النساء والأطفال ولا تكون مداهماته قاسية…
هذا ما اعتقدناه!
أذكر أننا كنا نجلس في بيتنا أنا وأمي وأخواتي وأخي الصغير والخوف ينهش قلوبنا. سمعنا أصوات الرصاص الكثيف وصوت المدافع الثقيلة التي كانت تتنقّل في شوارع البلدة… وقد أخذ جنود النظام وضبّاطه بالتمركز في عدّة نقاط في البلدة.
بعدها بدأوا بمداهمة البيوت وتفتيشها…
وأثناء المداهمة كانوا يحملون لوائح بأسماء مطلوبين. يخربون المنازل ويعبثون بحرماتها بحجة ملاحقة هؤلاء “الإرهابيين”، الذين كانت جريمتهم… المطالبة بالحرية! ويرافق هؤلاء الجنود، أشخاص من البلدة أثناء المداهمة، أي مُخبرين وهذه المرة كانوا يظهرون أمام الجميع في وضح النهار!
وصلَ الدور بالتفتيش إلى منزلنا، ودخلوا بطريقة وحشية، ونحنُ لا نجرؤ على ردّهم… عبثوا بمحتويات المنزل، وكان والدي من بين المطلوبين على لوائحهم، لكن كغيره كان قد هربَ من البلدة… والذنب واحد، التظاهر من أجل المطالبة بالحرية وبتداول السلطة!
صار الضابط يصرخ كي يخيفنا، وبدأ بالسؤال: “مَن تعرفون من البلدة أشخاصاً يخرجون في المظاهرات؟ أتريدون الحرية مثلهم؟!” التزمنا الصمت…
بعدَ أن قاموا بتفتيش البيت، ولم يجدوا والدي، وجدوا سيارته المركونة في المحل! تلكَ السيارة كانت باب رزقنا، يعمل عليها والدي كي يؤمّن لنا ما نحتاج… حين رأوها أخذوا يتشاورون في ما بينهم، ويبدو أنّ السيارة أعجبتهم وبدأوا يخطّطون لسرقتها!
طلبوا من أمي مفتاح السيارة، لكنها رفضت إعطاءهم المفتاح! ظنّت أنّهم بذلك سيرحلون لكن قاموا بخلع قفل السيارة وأخذوها معهم، بحجة أنها “تعود للإرهابي والدي”… صارَ أخي الصغير يبكي، ونحنُ جميعاً نتوسلهم تركَ السيارة، لكن دون فائدة.
أوموا لنا أن يذهب والدي ليسترد السيارة. سرقوها، ويريدون نصبَ كمينٍ لهُ لإلقاء القبض عليه حين يذهب للمطالبة بها، أي يحققون هدفين من خلال السيارة!
ونحنُ لسنا بأغبياء كي يذهب أبي ويفعل ذلك… لكن خسرنا السيارة…
بعدَ أيامَ عادَ والدي إلى المنزل، ولا أنسى كيف كانت ردة فعله حين أخبرناه عن سرقة السيارة، هي تعبه وشقاء عمره… منذُ ذلك الحين أيقنا أكثر أنّ ذلك النظام الظالم، هو سارق أيضاً… ومنذُ ذلك الحين تعوّدنا على الخسارة المعنوية والمادية، على أمل أن تنتصر الثورة ونسترد ما خسرناه…
شهد العمري تقيم في ريف إدلب، كانت طالبة في كلية الآداب في جامعة إدلب – قسم التاريخ السنة الثانية، لكنها لم تستطع إكمال دراستها بسبب الأوضاع الأمنية في البلاد.