الأمل لمرضى السرطان السوريين
من نشاطات جمعية أمل التوعوية صورة خاصة بالموقع
"وبين الأمل والألم يسعى مرضى السرطان لنسيان أوجاعهم والتمسك بالحياة."
تنتظر أم عدنان (29عاما) استكمال الإجراءات اللازمة بغية تأمين سفرها إلى تركيا لتلقي العلاج.
أم عدنان مصابة بمرض السرطان، حضرت إلى مركز جمعية الأمل لمكافحة السرطان في بلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي، وبعد المعاينة تقرر تحويلها إلى مركز الجمعية الأساسي في تركيا.
ويعانى مرضى السرطان في سوريا من انقطاع الأدوية وصعوبة الحصول عليها. إضافة لغلاء ثمنها بسبب ظروف الحرب الدائرة في البلاد.
وتسعى جمعية الأمل السورية جاهدة، من خلال مراكزها الموزعة في تركيا والداخل السوري، لمساعدة هؤلاء المرضى عبر توفير العلاج والإقامة لهم جنوب تركيا، حيث يشرف على هذه المراكز أطباء أخصائيون ومتطوعون.
تتحدث أم عدنان عن معاناتها مع المرض لحكايات سوريا فتقول “توفى زوجي، ووضعي المادي صعب جدا. وها أنا اليوم أعاني إضافة لذلك من أخطر مرض”.
تصمت أم عدنان ثم تتابع بحزن “أصابني اليأس ما إن علمت بطبيعة مرضي وهو سرطان الدم، ولم أعد أعرف ما الذي يمكن أن أفعله، فليس هنالك مراكز متخصصة في الداخل السوري المحرر ولا أملك المال للعلاج، بل ولا لقوت نفسي وأولادي”.
غير أن أم عدنان تعرّفت وبمساعدة أحد الأطباء على مركز جمعية الأمل الذي افتتح مؤخرا في حاس. وبناء على حالة أم عدنان تقرر تسفيرها إلى تركيا، وتقديم العلاج لها بشكل مجاني، وهي الآن تنتظر فرجا يعيد لها الأمل بالحياة من جديد.
جمعية الأمل لمكافحة السرطان تتعامل مع الأمراض المستعصية التي تغفل عنها معظم المنظمات والجمعيات في سوريا. وأمام تدني مستوى القطاع الصحي بشكل عام بسبب الحرب، بدأت الجمعية عملها في بداية عام 2013 على علاج الحالات السرطانية في سوريا ودول اللجوء.
تركز الجمعية عملها بحسب رئيس مجلس ادارتها الدكتور عبد الرحمن زينو (40 عاما) على ثلاث قطاعات وهي القطاع الصحي، القطاع التوعوي، وقطاع الأبحاث.
وللجمعية عدة فروع في تركيا، ومنها في غازي عينتاب، أضنة، استنبول، أورفة، هاتاي، مرعش. “في هذه المراكز يتم استقبال المرضى بغية تقديم كل ما يلزم لمساعدتهم. ونقوم بالتنسيق مع الحكومة التركية لإدخال المريض على الحدود ومن ثم نؤمن له الإقامة و العلاج المجاني. وأحياناً نضطر لجلب العلاج من الدول الأخرى وبتكاليف مرتفعة بغية مساعدة المرضى وخاصة الفقراء منهم “.
الطفل سليم المحمد (6 سنوات) مصاب بالسرطان ويعاني من انقطاع الأدوية الخاصة لعلاجه. قامت جمعية الأمل بتأمينها له وبشكل مستمر منذ أكثر من ستة أشهر.
تقول والدة سليم وهي سيدة أربعينية “إن وجود هذه الجمعية خفف كثيرا على مرضى السرطان، فهي تقدم لهم الدعم المادي والمعنوي من خلال الحفلات وفعاليات الدعم النفسي التي تجريها كل فترة للترفيه عن مرضى السرطان”.
والدة سليم أن تشكر الجمعية إلّا أنها تتمنى لو أن هناك مراكز علاج في الداخل السوري لأن ذلك سيوفر على مرضى السرطان معاناة التنقل والسفر والابتعاد عن منازلهم.
ويجول فريق التوعية لدى جمعية الأمل على قرى ريف إدلب بهدف نشر ثقافة التوعية لضرورة الكشف المبكر عن السرطان، من خلال ندوات ضمن المراكز النسائية وفي المنازل أيضا. كما يوجد فريق آخر مهمته التوعية في المخيمات وعلى الشريط الحدودي مع تركيا.
إحدى اعاملات في فريق التوعية في ريف إدلب مريم الأعرج (21 عاما) تعدّد مراكز الجمعية في الداخل السوري ومنها في ريف إدلب في مشفى السلام بمدينة معرة النعمان، وأيضا مركز جمعية الأمل في قرية حاس وغيرها.وتقول الأعرج “يتم في هذه المراكز الكشف المبكر عن السرطان من خلال التوعية واجراء الفحوصات الكاملة للمريض وبشكل مجاني”.
رئيس مكتب الأبحاث والمشرف الطبي في الجمعية الدكتور محمود أبو عيش (43 عاما) يقول لحكايات سوريا “لكل نوع من أنواع السرطان عمر محدد، مثلاً سرطان الكولون والثدي يأتي في مراحل عمرية متقدمة، أما عنق الرحم فيحدث في أعمار مبكرة، وبالنسبة للسار كوم وهي جميع أنواع السرطان التي تصيب النسيج الشحمي أو العظام فهي حسب النسيج التي ينشأ منها السرطان”.
ويشير الدكتور أبو عيش إلى أهمية الكشف المبكر عن السرطان ودوره في الاسراع بشفاء المرضى بشكل تام، حيث ممكن أن تصل نسبة الشفاء منه لأكثر من 90%.
هذا ما تؤكده أم خالد (45 عاما) والتي أصيبت بسرطان الثدي وشفيت منه بشكل تام. تقول أم خالد لحكايات سوريا: “لقد سارعت لإجراء التحاليل ما إن شعرت بظهور كتلة صغيرة في صدري. وفعلا تبين بأنها ورم سرطاني، باشرت العلاج فورا بمساعدة جمعية الأمل واستمر علاجي مدة عامين كاملين وبعدها شفيت تماما من المرض والحمد لله”.
أم خالد توجه رسالة لجميع مرضى السرطان بالثقة بالله دائما وعدم اليأس، ثم متابعة العلاج وعدم توقفه.
تعمل جمعية الأمل على تأمين العلاج المناسب للمرضى المراجعين بالتعاون مع المستشفيات المختصة. وتقدم استشارات علاجية لتضمن للمريض أفضل البرامج العلاجية الممكنة. كما وتهتم الجمعية بالرعاية الصحية النفسية للمرضى وأسرهم ضمن ورشات علاج نفسي فردية وجماعية.
إضافة لعقد مؤتمرات وندوات علمية وتثقيفية خاصة بالسرطان والمستعصي من الأمراض، فيما لا يغيب عن الجمعية دعم وتشجيع الأبحاث العلمية والدراسات الخاصة بهذه الأمراض، والاطلاع على أحدث وسائل الكشف المبكر وطرق العلاج والعمل على تطويرها.
بلغ عدد مراجعي الجمعية من مرضى السرطان أكثر من 4500 مريض من مختلف المناطق السورية. قامت الجمعية بتوثيق جميع هذه الحالات ونوعها وتقديم كل ما يلزم للمساعدة في علاجها. جرعات من العلاج الكيماوي والإشعاعي يتلقاها نساء، أطفال ومسنون تحت مظلة جمعية الأمل، وبين الأمل والألم يسعى مرضى السرطان لنسيان أوجاعهم والتمسك بالحياة.