ألواح الطاقة الشمسية للكراسي المتحركة
أحمد الخالد وقد جهز كرسيه المتحرك بلوخ زجاجي للطاقة الشمسية تصوير دارين حسن
"الشاب أحمد الخالد يتابع اليوم حياته رغم إصابته بشلل نصفي، وبعد تركيب ألواح الطاقة الشمسية لكرسيه المتحرك تمكن من ضمان استمرارية الحركة رغم انقطاع الكهرباء"
لم يكن مشهد تنقل الكراسي الخاصة بالمصابين بالشلل في بلدة كفرومة ما أثار الاهتمام، بفعل وجود العديد ممن أدت الحرب إلى جعلهم مقعدين في كراسيهم. إلا أن اللافت كان تلك الكراسي الكهربائي المجهزة بلوح زجاجي للطاقة الشمسية.
الشاب أحمد الخالد يتابع اليوم حياته رغم إصابته بشلل نصفي، وبعد تركيب ألواح الطاقة الشمسية لكرسيه المتحرك تمكن من ضمان استمرارية الحركة رغم انقطاع الكهرباء، وبات بإمكانه الخروج من المنزل متى أراد لقضاء حوائجه وتدبير أموره الخاصة.
خلفت الحرب السورية آلاف المصابين الذين يضطر معظمهم لاستخدام الكراسي المتحركة في حركاتهم وتنقلاتهم، وفي إدلب التي تشهد انقطاعاً للتيار الكهربائي في أغلب الأوقات لا يتمكن هؤلاء من شحن بطاريات كراسيهم بشكل دائم. لذلك قام شخصان من أهالي بلدة كفرومة في ريف إدلب بتركيب ألواح الطاقة الشمسية للكراسي المتحركة.
وليد الديك (45 عاماً) وهو أحد المساهمين في المبادرة يقول لحكايات سوريا: “لدي محل لبيع ألواح الطاقة الشمسية في بلدة كفرومة وكان أكثر ما يحزنني هو رؤية أحد جيراني الذي لا يزال في مقتبل العمر يستخدم كرسياً متحركاً يتنقل به من مكان لآخر، ولكنه قلما يخرج من بيته، وحتى في حال خروجه يعاني من صعوبة حركة الكرسي وثقل وزنه، وأحياناً ينفذ شحن بطارية كرسيه في الطريق فيتوسل إلى المارة لإيصاله إلى منزله، فقررت مساعدته ومساعدة غيره من ذوي الاحتياجات الخاصة”.
يوضح الديك أنه بحث عن طريقة لحل مشكلة نفاذ شحن البطاريات بسرعة فتمكن من استغلال الطاقة المولدة من الشمس التي أنعم الله بها على بلادنا، ونجح بتركيب ألواح الطاقة الشمسية بأعلى الكرسي المتحرك. وبعد عدة تجارب نجح في الحصول على طاقة مستمرة لحركة الكرسي ما يتيح التحرك باستقلالية وبالتالي تخفيف المعاناة المادية والنفسية.
وعن آلية العمل يضيف الديك: “نقوم بتركيب لوحي طاقة شمسية من الجهة العلوية أو الجانبية للكرسي مع دارة شحن وكابلات إضافة إلى محولة كهربائية ليتم شحن بطارية الكرسي بشكل متواصل عبر تلك الألواح.”
مشيراً إلى أن تكلفة تركيب الألواح للكرسي الواحد تبلغ حوالي 100 دولار أمريكي، ولأن تكلفة ألواح الطاقة قد تكون كبيرة على البعض، يعمل وليد وزميله أحمد جولاق (42 عاماً) إلى دراسة الحالة التي تحتاج للألواح، دون أن تقاضي أي بدل مادي في حال كان الشخص لا يستطيع تسديد التكلفة، أما بقية المستفيدين فيحصلون عليها بسعر التكلفة .
الابتكار الذي قدمه وليد الديك وصديقه توج بالنجاح، فخو مكّن العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة من التنقل بحرية واستقلالية دون الحاجة للآخرين .
عبد الكريم الحلبي ( 31 عاماً) من معرة النعمان أصابته شظية قذيفة استقرت في عموده الفقري وتسببت بشلل حركته. فاستقر به الحال على كرسي متحرك أصبح وسيلته في الحركة. خرج الحلبي من عزلته بعد أن استفاد من التجربة وتمكن بمساعدة أصدقائه أن يجد عملاً في مشغل للخياطة، وبات يذهب إليه كل صباح بسعادة وتفاؤل.
ويقول الحلبي: “لقد كان منزلي في نظري سجناً صغيراً، لأنني لا أستطيع مغادرته ولكنني بعد استفادتي من الطاقة الشمسية ضمنت حرية التنقل واستمرارية الحركة، وأصبح بإمكاني الذهاب إلى عملي بمفردي لأكسب رزق أطفالي بعرق جبيني وأعيل أسرتي بعيداً عن مرارة الحاجة .”
لا يمتلك الحاج أبو أسعد (51 عاماً) من معرة النعمان المال الكافي للاستفادة من منظومة الطاقة الشمسية. وكانت سعادته كبيرة حين حصل عليها مجاناً، وهو يقدم الشكر والامتنان لمن ساهموا بتخفيف معاناته، ومواجهة الواقع الذي فرض عليه .
تركت الحرب أثرها الكارثية على جسد الطفلة سارة (9 سنوات) من مدينة حاس، بعد أن فقدت إحدى قدميها في غارة جوية استهدفت قريتها. استفادت سارة أيضاً من ألواح الطاقة الشمسية التي ساهمت في تخفيف معاناتها والتغلب على المصاعب في حياتها.
وتقول سارة: “كنت أشعر بالحزن دائماً لأنني أشكل عبئاً على أمي وأحتاج لمساعدتها في جميع تحركاتي، وبعد حصولي على ألواح الطاقة الشمسية أصبح بإمكاني الاعتماد على ذاتي ومساعدة أمي أيضاً في قضاء بعض الحاجات، وبت أستطيع الخروج إلى الحي للعب مع صديقاتي .”
لا يخفي وليد الديك شعوره بالرضا والفرح بعد تمكنه من تقديم المساعدة لهؤلاء الذين يشكلون الحلقة الأضعف في الحرب الدائرة. وعن ذلك يقول الديك: “انعدام وسائل الحياة تجبرنا كسوريين على التأقلم مع أصعب الظروف وأقساها. أصبح شعارنا الحاجة أم الاختراع بعد أن أحيت الثورة روح الأمل في قلوبنا”.