أبناؤنا في عيوننا حملة لمعالجة ضعف النظر في ريف إدلب

"ويأتي هذا المشروع بسبب تفشي أمراض العيون بين الأطفال في إدلب، نتيجة الإهمال وقلة الوعي والجهل والفقر وانعدام المتابعة الصحية للأمهات الحوامل"

سونيا علي

كان الطفل وليد يقترب من شاشة التلفاز عند مشاهدته للرسوم المتحركة، وكان والده يطلب منه بحزم الابتعاد عن الشاشة، وبعد فحص نظره وقياس درجة رؤيته من خلال مشروع “أبناؤنا في عيوننا” تبين أنه يعاني من ضعف في النظر، حيث تم تركيب نظارات طبية لعينيه ومتابعة حالته.
أبناؤنا في عيوننا مشروع في ريف إدلب يشرف عليه المجمع التربوي في مدينة كفرنبل وبدعم من مبادرة تعلم. ويأتي هذا المشروع بسبب تفشي أمراض العيون بين الأطفال في إدلب، نتيجة الإهمال وقلة الوعي والجهل والفقر وانعدام المتابعة الصحية للأمهات الحوامل، مما قد يؤدي إلى ضعف البصر لدى الأطفال إلى وانعدامه إلى غير رجعة.
مدير المجمع التربوي في مدينة كفرنبل حسن الحسين (48 عاماً) يقول: “جاءت فكرة المشروع بعد ملاحظة المعلمين لوجود أعداد من التلاميذ يطلبون الجلوس في المقاعد الأمامية، وذلك لعدم رؤيتهم ما يكتب على السبورة بشكل واضح. لذلك أردنا فحص النظر عند طلاب المدارس لأن قدرة الطالب على الاستيعاب يحددها مستوى وضوح المشاهدة من عدمه، وكثيراً ما يكون سوء النظر أو انحراف القرنية وراء التأخر الدراسي الذي يجهل الأهالي أسبابه مع تهيئة كل السبل الضرورية للتحصيل العلمي الجيد”.
ويؤكد الحسين أن المشروع شمل كل القرى التابعة للمجمع التربوي في مدينة كفرنبل ومنها كفرومة، حاس، كفرنبل، بسقلا، جبالا وغيرها. وقد تم التعاقد مع أطباء عيون ومختبرات لتركيب النظارات الطبية، حيث تم خلال المشروع تركيب ٣٠٠ نظارة وإجراء ٨ عمليات جراحية وعلاج حوالي ٥٠ حالة بالأدوية إضافة لتحويل بعض العمليات الجراحية إلى مشفى باريشا للعيون.
الطبيب المختص بأمراض العيون وجراحتها حميدو الحميدو (45 عاماً) من مدينة كفرنبل يتحدث لحكايات سوريا عن أهمية المشروع قائلاً: “يجب على كل طفل أن يفحص نظره كل ستة شهور حتى يصل لعمر ١٨ عاماً، لأن حاسة البصر من أهم الحواس التي تكتسب لبناتها الأولى من مرحلة الطفولة”.
ويضيف الحميدو: “عملنا على فحص النظر عند الأطفال، لأن اكتشاف أمراض العيون في مرحلة عمرية مبكرة هو مفتاح العلاج لعيوب الإبصار والتمتع برؤية جيدة في المراحل العمرية مستقبلاً. بعض الحالات التي يصعب اكتشافها من قبل الأهالي تؤدي إلى إعاقة بصرية دائمة تؤثر على حياة الطفل وتعرقل مسيرته العلمية والعملية”.
وعن أمراض العيون التي تم الكشف عنها لدى الأطفال يتابع الحميدو: “وجدنا العديد من حالات كسل العين، وهو ضعف الإبصار في إحدى العينين، إذ يعتبر الحول وعيوب الانكسار والمياه البيضاء والمياه الزرقاء من أكثر المسببات انتشاراً لكسل العين، وإهمالها يفضي إلى فقدان البصر”.
كما يؤكد الحميدو بأن عيوب الانكسار أيضاً تقف على رأس قائمة أمراض العيون التي تم الكشف عنها خلال المشروع. حيث يصعب الكشف عنها من قبل الأهل لأنها تسكن في عين واحدة لا يشكو منها الطفل ولا يشعر بها، لذلك تؤدي إلى أخطار مستقبلية على عيون الصغار، لكننا عملنا على علاجها لأن التصحيح المبكر لهذه الأمراض يعطي نتائج أفضل”.
أيمن الأسود (12 عاماً) من مدينة كفرنبل يستخدم النظارات الطبية منذ زمن دون أن يتنبه أهله لضرورة مراجعة الطبيب لتغيير عدساتها، وبعد قياس درجة الرؤية لديه تبين نقص درجة النظر، فحصل من خلال المشروع على العدسات المناسبة لعينيه.
أم سعيد من قرية معرتماتر في ريف إدلب تتحدث عن استفادة ولدها من المشروع وتقول: “كان ولدي يقترب كثيراً من الكتاب عند القراءة أو الكتابة. ويشكو من تعب عينيه وإجهادها باستمرار، فظننت أنها حالة عرضية، لكن بعد فحص عينيه خلال المشروع تبين أن إحداهما مصابة بالكسل”.
وتضيف أم سعيد: “عمل الطبيب على تقوية الضعف بواسطة النظارات الطبية. مع طلب تغطية العين السليمة، والاكتفاء بالنظر من خلال العين المصابة بالكسل لتقوية عضلاتها. لقد تحسن مستوى نظره مقارنة مع الفترة السابقة لكنني أندم على ما فاته من وقت دون الخضوع للعلاج اللازم”.
أما الطفلة عليا المصطفى من قرية معرة حرمة فقد كانت متأخرة في المدرسة. وعلاماتها دائماً متدنية بالرغم من متابعتها من قبل والديها في البيت، وبعد فحص نظرها تبين إصابتها بقصر النظر، مايبرر المجهود الذي كانت تبذله لرؤية الأشياء، مما ضاعف المشكلة البصرية لديها.
والد عليا يعبّر عن حزنه لوضع ابنته قائلاً: “العجز وضيق الحال منعني من اصطحاب طفلتي إلى عيادة العيون للتأكد من صحة بصرها. بسبب ارتفاع أجرة المعاينة وثمن النظارات الطبية. لذلك أتوجه بالشكر والامتنان للقائمين على المشروع، لأنهم ساهموا في علاج أمراض النظر عند أطفالنا “.
الطبيب حميدو يشدد في الختام على “ضرورة توفير إضاءة كافية للأطفال عند القراءة أوالكتابة مع ترك مسافة بين العينين والمادة التي يقرأونها، والحصول على راحة كل فترة من الوقت إضافة إلى تجنب الاستلقاء أثناء مشاهدة التلفاز أو الجلوس قريباً منه. مع ضرورة إجراء الفحوصات الطبية للعينين بشكل دوري ومنتظم للحفاظ على صحة الأجيال الواعدة ولتظل ابتسامة أطفالنا مشرقة كإشراقة شمس الحرية التي يحلمون بعبقها كل يوم”.