وكان حفل الزفاف في تركيا
21. أطفال في احدى مخيمات ريف ادلب الجنوبي يحاولون الدراسة والتعلم تحت اشعة الشمس رغم كل ماسي المخيمات
"كان الجميع بانتظارنا. الأولاد والشباب والجميع وأنا وسطهم مستغربة. سامي يشجعني ويمسك بيدي ويقول لي: الآن أصبحنا سوية، فلنفرح. "
بعد أن وصلت إلى الشمال السوري المحرر، كان في استقبالي صديق خطيبي سامي. هناك بدأت بالاستعداد لرؤية خطيبي سامي وجهاً لوجه بعد هذه المدة وهذا الفراق الطويل بيننا.
في صباح ٢٧ ديسمبر/كانون الأول 2016، دخلت تركيا عن طريق معبر باب الهوى الحدودي. كنت في حيرة من أمري. وكأنه حلم ولكنه حقيقة جميلة بالنسبة لي. عند تقديمي الأوراق المطلوبة على المعبر كنت خائفة من ان يتم رفض الأوراق، بسبب التأخير الذي حصل معي اثناء قبول طلب لم الشمل.
ولله الحمد تم قبول الأوراق بعد جدال مع موظف المعبر، ودخلنا المرحلة الأولى من المعبر بنحاح. كنت أتوقع أنه عندما أنتهي من الموظف سألتقي بسامي مباشرة بعد الحاجز. ولكن الطريق داخل المعبر طويل جداً. ويجب أن أمر على أكثر من نقطة للتأكد من معلوماتي وصحتها.
وبعد وقت من انتظار انجاز المعاملات الخاصة بالعبور، تعرفت على فتاة معها هاتف برقم تركي داخل المعبر. استأذنتها استعماله التواصل مع سامي وإخباره بوجودي ضمن حدود المعبر.
وبعد فترة تجاوزت 3 ساعات وأكثر قالوا لي: هذه آخر نقطة تفتيش وبعدها تدخلين الى الجانب التركي والاراضي التركية. وهناك كان بانتظاري بالطرف المقابل خطيبي سامي.
وفعلا عندما انتهيت من آخر نقطة توجهت إلى المخرج الذي سيوصلني إلى خطيبي سامي ومن بعيد لمحته لأول مرة بعد هذه السنوات الطوال. وكنت كلما اقتربت منه أكثر خفقات قلبي تسرع أكثر وأكثر. كانت بأنتظاري مع سامي ابنت عمه الكبيرة.
وعندما وصلت لم أكن أعي ماذا أفعل في هذه اللحظة. اقترب سامي مني لكي يقبلني، فخجلت منه وتوجهت نحو ابنة عمه، وهو يقول لي: أنا سامي حبيبك وخطيبك. أنا سامي الذي انتظرتني كثيراً وانتظرتك.
وفعلا تصافحنا وضمني بشدة الى ضلوعه الدافئة، وأنا كأني غائبة عن الوعي ولا ادري ماذا يجري. كان قد جلب سيارة صديقه وركبنا السيارة وهو بجانبي، وقد أهداني ورده حمراء لازلت احتفظ بها حتى هذه اللحظة. أذكر أن دموعي انهارت على خدي وقتها.
سامي كلّم أهلي بالجوال وبدأت أتحدث مع أبي وإخوتي وأمي، كنا في طريقنا من المعبر الى انطاكيا حيث بيت صديق سامي. حينها أدركت أنه لم يعد بإمكاني الرجوع اإلى سوريا مرة أخرى. وأنه ستكون لي حياة جديدة في هذه البلاد، مختلفة كلياً عن حياتي السابقة.
وصلنا إلى بيت صديق سامي وكانت أمه وأخته الصغيرة بانتظارنا. أحببتهم كثيراً. كانوا طيبين جداً وارتحت لهم. وكأنهم أهلي وتناولنا الطعام وبعد الطعام استرحت قليلاً.
وبعد استراحتي لفترة قصيرة جاء سامي إلى الغرفة التي استريح بها وقال لي: هل أنت سعيدة بهذا؟ لقد تحقق حلمنا ولله الحمد . تجهزي لكي نغادر الى غازي عينتاب حيث مكان إقامتي وعملي، ولكي نرتب أمور العرس بإذن الله على اكمل وجه.
وليلتها لم أنم جيداً، وفي الصباح التالي كان سامي قد حجز لنا تذاكر سفر وركبنا البولمان. وكان سامي يجلس إلى جانبي وابنة عمه في الطرف المقابل. وبدأ البولمان بالمسير وأنا لا اعرف أين نذهب أو أي اتجاه نسلك في هذه البلاد العجيبة.
أناس كثيرة، سيارات وأضواء ومحلات تجارية وغيرها. لغتهم غير المفهومة بالنسبة لي. أصبحت أقارن كل شيء في هذه البلاد ببلادي سوريا الحبيبة. لماذا هنا الأمن والأمان وسوريا لم يعد فيها شيء من ذلك؟ كيف أصبحنا مهجرين في هذه البلاد الغريبة؟
كثيرة هي الهواجس التي كانت ترافقني أثناء رحلتنا في هذا الباص. خائفة من المجهول القادم، ولكن وجود سامي بجانبي كان يقويني ويساعدني على التغلب على هذا الشعور. نمت قليلاً بالباص لأصحو وإذ نحن وصلنا. كانت الشمس قد غابت فطلب سامي سيارة أجرة أجرة أقلّتنا إلى منزل ابنة عمه الثانية.
كان الجميع بانتظارنا. الأولاد والشباب والجميع وأنا وسطهم مستغربة. سامي يشجعني ويمسك بيدي ويقول لي: الآن أصبحنا سوية، فلنفرح. وبدأ يعرفني على أهله وأقاربه الموجودين. تلك الليلة لم ننم ونحن نتحدث ونتكلم عمّا سنفعله في الأيام المقبلة.
وبعد مرور اسبوع على وصولي حددنا موعد الزفاف في 6 يناير/كانون الثاني 2017. وبدأنا بالتجهيزات اللازمة للحفلة الكبرى التي ستحصل وتحضيرات من ألبسة وغيره من مواد وحلويات. وفي مساء ذاك اليومالذي صادف نهار الجمعة كنت فرحتنا الكبرى أنا وحبيبي سامي.
بعد الحفلة انتقلنا إلى منزلنا المكون من غرفه واحدة (استديو صغير). كنّا نعتبره قصراً لأنه يجمع بيني وبين حبيبي سامي. والله يديم المحبة بيننا طول العمر …
فاطمة سامي (20 عاماً) متزوجة وتعيش في تركيا.