ننتظر أن يرزقنا الله بطفل

أستاذ سوري يجلس مع الأطفال على العشب أثناء أعطائه درس في الرسم بأحد روضات الأطفال في مدينة درعا جنوب سوريا.

أستاذ سوري يجلس مع الأطفال على العشب أثناء أعطائه درس في الرسم بأحد روضات الأطفال في مدينة درعا جنوب سوريا.

"اليوم ما زلنا نقاوم هذه الحياة الصعبة في بلاد الغربة، ونحلم بالرجوع إلى أرضنا ووطننا الحبيب سوريا، ولم الشمل مع الأهل والأقارب ورؤية أمي الحبيبة وإخوتي. "

تراكمت الديون على زوجي جراء العملية التي أجريتها. فقرر بدء عمل إضافي لكي يتمكن من تسديد الديون.
أصبح زوجي يخرج من بيتنا الصغير، المكون من غرفة واحدة، عند الساعة السابعة صباحاً. ولا يعود حتى الساعة العاشرة مساءً. وكنت أبقى وحيدة في المنزل أعاني الملل. كان الوقت يمر ببطء. ولا أعرف كيف أستغل هذا الوقت الضائع وأنا بانتظار زوجي لكي يعود من العمل.
بدأ زوجي يبحث لي عن حل لهذه المشكلة. وفي أحد الأيام أتى زوجي وأخبرني أنه قد وجد الحل لمشكلة وقتي الضائع والعزلة التي كنت أعيشها. وجد دورة لتعلم اللغة التركية عن طريق صديقته بالعمل.
بعد أيام ذهبنا أنا وزوجي سامي إلى هذه الدورة والتي كانت لا تبعد كثيراً عن مقر عمله. وكان العائق الوحيد أنني لا أملك إقامة رسمية في تركيا. وجاء رفض طلبي ولكن ساعدتني صديقة سامي بهذا الموضوع.
وفي اليوم التالي ذهبت وتقدمت بالطلب من جديد ولله الحمد تم قبولي. وبدأت بالدوام الرسمي بعد عدة أيام. وكانت الدورة ثلاثة أشهر متتالية، الشهر الأول لتعلم اللغة التركية وباقي المدة تعلم حرفة من حرف الحياة اليومية.
بدأت أتعرف على الناس وبتكوين صداقات جديدة. ولم أعد أشعر بالفراغ الذي كان يقتلني عندما كنت أجلس في البيت وحيدة. شعرت حينها ان الحياة والدنيا أجمل من الوحدة والعزلة في المنزل. زوجي كان يوصلني يومياً إلى مكان الدورة وبعدها يذهب إلى عمله سيراً على الأقدام. والأيام تمضي ونحن على حالنا ولم يتغير شيء. وكنت في هذه الأثناء كونت العديد من الاصدقاء بعدما كنت لا أعرف احداً في هذه البلاد. بدأت بالتعرف على الطرقات واكتشاف ما حولي من جمال هذه الدنيا.
كانت الآنسة عائشة هي مدرّستي وأمي الثانية في هذه الغربة. كانت تقف إلى جانبي في معظم المواقف والظروف. هي تركية الأصل ولكن تتكلم العربية بطلاقة وتساعد السوريات اللواتي شردتهن الحرب عن بلادهن وأهلهن.
عندما بدأت الدورة تقترب من أيامها الأخيرة أحسست أني سأعود كما كنت وحيدة في المنزل. وبدأت افكر في طريقة تسد هذه الفجوة. وفي هذه الأثناء كان زوجي ولله الحمد قد وفى جميع الديون المتراكمة علينا بسبب العملية.
وعند انتهاء الدورة فاجأني زوجي بقوله: سنغادر هذا الحي وهذه البناية وهذا المنزل الى منزل جديد. أكبر مساحة وأشرح مكاناً. وفي نهاية الشهر السابع من العام 2017، انتقلنا الى منزلنا الجديد.
وكان المنزل رائعاً جداً مقارنة بالغرفة التي كنا نعيش فيها. كان يتألف من غرفة وصالون ومطبخ معزول. ولم أعد أشعر بالشعور الذي كنت أشعر به في الغرفة القديمة. لقد كان أجمل بكثير ولله الحمد. وكان الجامع بجانب المنزل الجديد، كنت اتمكن من سماع الآذان في وقت وكأنه في بيتي.
كنت السورية الوحيدة في هذا المجمع السكني. وبعدها ولله الحمد والشكر عاد زوجي إلى عمله الطبيعي وتوقف عن العمل الإضافي.
كدنا أن نخسر البيت، يوم جاء صاحبه وأخبر زوجي أنه يجب عليه أن يدفع كل ٣ أشهر سوياً. وقرر زوجي حينها ان يترك المنزل لأنه لا يستطيع ان يدفع هذا المبلغ الكبير. وبعد مفاوضات اقتنع صاحب المنزل بأن يدفع زوجي كل شهرين سوياً.
ونسينا مراجعة الطبيب بعد العملية، والهتنا الحياة بمشاكلها التي لا تنتهي. والآن ولله الحمد نعيش في نفس المنزل. وأنا فرحة كثيرا بعد تعرفي على جيران جدد. وقد سجلت في دورة للغة التركية مجاناً قريبة من المنزل وأذهب إليها كل يومين.
ولا يبقى سوى أننا ندعو الله عز وجل ان يرزقنا بطفل في القريب العاجل لكي يضفي على حياتنا الفرحة والبهجة والسرور. وأتمنى من الله عز وجل ان يتم الأمن والأمان على بلدنا الحبيب سوريا ونرجع له سالمين غانمين.
اليوم ما زلنا نقاوم هذه الحياة الصعبة في بلاد الغربة، ونحلم بالرجوع إلى أرضنا ووطننا الحبيب سوريا، ولم الشمل مع الأهل والأقارب ورؤية أمي الحبيبة وإخوتي. أن نراهم جميعا بخير وسلام…
فاطمة سامي (20 عاماً) متزوجة وتقيم في تركيا.