معهد للتنمية الإدارية أحدث منشآت كفرنبل العلمية

معهدالإدارة والتنمية الإدارية في كفرنبل تصوير مها رباح

معهدالإدارة والتنمية الإدارية في كفرنبل تصوير مها رباح

تصدرت أبنية مهدمه بدا عليها آثار القصف واجهة الطريق في أحد أحياء كفرنبل الشمالية، وفي الجهة الثانية أبنية أخرى بدا عليها الحداثة. من بينها بناء ذو طابقين، يخرج ويدخل إليه طلاب بدا على وجوههم الهمة والتفاؤل. “أسرع فقد بدأ الدوام” يقول وائل لزميله .

في المناطق السورية المحرره حاول الكثيرون تجديد الأمل عبر تحسين ظروف الحياة الثقافية والعلمية. من أجل حياة أفضل ومن أجل الأخذ بيد الطلاب للعلم وتوفير الفرصة لهم. وذلك عبر بناء معاهد بفروع متعددة  كان آخرها معهد الإدارة والتنمية في كفرنبل …

تبرز أهمية معهد الإداره من الحاجة الماسة لكوادر إدارية تكون قادرة على إدارة المناطق المحررة، سيما وأن هذه المناطق تفتقر لهذا الأمر على كافة الأصعدة والمستويات.  كان هناك عدة نشاطات علمية من قبل بعض المهتمين بعد الثورة. وأقيمت معاهد طبية  وثقافية  عديدة في المنطقة.  كمعهد إعداد المدرسين في قرية الباره في ريف إدلب. وجامعة طبية في كفر تخاريم وجامعة أكسفورد في حارم ومعهد شاين لتقنيات الحاسوب في معرة النعمان .

مدير معهد الإدارة والتنمية في كفرنبل الدكتور حسن الفارس (60 عاماً) من كفرزيتا يقول: “العلوم الإدارية لها أهمية مختلفة وخاصة، فهي العلامة الفارقة لتطور الأمم وتقدمها”. ويضيف: “الكثيرون ينظرون الى الإدارة على أنها ترف فكري ولا يحتاجها إلا من يتنصبون مناصبها والحقيقة ان علوم الإدارة يحتاجها كل الناس حتى بشؤونهم اليومية”.

وبحسب الفارس، المعهد جاء ببرنامج علمي متكامل ينطلق من مبادئ الإدارة ولا ينتهي بالإدارة الاستراتيجية. حيث سيقوم بدور الريادة في إعداد وتأهيل كوادر إدارية محترفة ومتمكنة وبأسس عملية علمية آكاديمية.

ولكي تعم الفائدة على أكبر شريحة ممكنة من الناس الراغبين، تم تقسيم الدراسة فيه لعدة مستويات تدريسية.

المستوى الأول، مخصص لكل مبتدئ وراغب. وهذا المستوى وضع لمن حرمته الظروف في سوريا من تحصيل الشهادة الثانوية، ومدته شهر ونصف الشهر. المستوى الثاني، لحاملي شهادة الثانوية العامة والمعاهد المتوسطة والمتفوقين من المستوى الأول ومدته شهرين ونصف الشهر، ثم يخضع لفحص أدق من سابقه. المستوى الثالث لخريجي الجامعات والمتفوقين من المستوى الثاني ومدته سنة. أما المستوى الرابع فينبثق عن المستوى الثالث وهو تخصص لعدة إدارات، كإدارة الأزمات وعلاقات دولية ومشاريع زراعية وإدارة تسويق وإدارة إعلام.

يشير الدكتور الفارس إلى أنه استفاد من التجربة الألمانية في الحرب العالمية الثانية بالنسبة لإتاحة الفرصة للطلاب الذين منعتهم ظروف الحرب من الحصول على الشهاده الثانوية، وقبولهم للتقديم على المعهد ضمن المستوى الأول، مع إجراء فحص قدرات بعد إنهاء دراسة المستوى الأول، لتقرر الإدارة استمراره في الدراسة من عدمه.

يؤكد الدكتور الفارس “أن الطالب سيتخرج متسلح بالعلم ومتحصن بالشريعة الإسلامية وسيتم منح شهادة لكل مستوى من المعهد، وهي تعادل شهادة ماجستير بأي كلية إدارية مع اختصار لأهم مواد البكالوريوس، وما يناسب ويتناسب مع الشريعة الإسلامية”. وعن سبب اختياره وزملائه لهذا الفرع من المعاهد للعمل عليه وإقامته يوضح الفارس “أن التميز الإداري أصبح أحد مؤشرات تقدم الأمم وتطورها، وكان هو الدافع للتسابق الكبير بين مختلف الأفراد والمنظمات في عصرنا الحالي نحو تعلم الإدارة بمختلف فنونها وعلومها، والسعي الدؤوب لاكتساب مهاراتها وتطبيق أحدث نظرياتها. لكي نبني بلدنا بحرفية عالية وندير موارده، بالشكل الامثل ونحقق التنمية على كل المستويات علينا أن نخوض هذا السباق ونكون أصحاب الريادة”.

وائل (20 عاماً) مسرور بالدروس التي يتلقاها في المعهد ويصف مواده بأنها أهم مواد اشتملت عليها علوم الإدارة والأحدث على مستوى العالم. يقول وائل “يبلغ  عدد المواد  30 مادة تعليمية متنوعة، فثلث  المحاضرات من الشريعة الاسلامية كفقه المعاملات المالية والحلال والحرام ومكارم الأخلاق وآداب التعامل والكاريزما في الإسلام من خلال السيرة النبوية الشريفة. وثلث آخر محاضرات  في الادارة والمهارات القيادية. والثلث الأخير موزع بين الإقتصاد والإحصاء والمحاسبة”.

رامية (32 عاماً) نازحة من حمص، حاصلة على  شهادة  ثانوية ولم تكمل دراستها بعد ذلك بسبب ظروف الحرب والنزوح. لم تمنعها مسؤولية الزواج وتربية الأولاد من الدراسة. استغلت رامية وجود المعهد في مكان نزوحها في كفرنبل  وانتسبت إليه لإكمال دراستها. تقول رامية: “أحببت الدراسة في المعهد كي أطور مهاراتي وأزيد من فرصي بإيجاد العمل .”

يبلغ عدد طلاب المعهد نحو 354 ، ما بين طالب وطالبة، موزعين على المستويات الدراسية كافة. المعهد مجاني لجميع الطلاب.  فهو يحظى بدعم مادي من جمعية الوابل الصيب التابعة لوقف الخير السعودية

ابو عبادة الحموي أحد الإداريين في المعهد يحدد أهدافه بأنها تتمثل بـ”إعداد المجازين والقائمين على مهام إدارية من جميع الفئات، إعداداً علمياً بما يحقق الإرتفاع بمستوى الإدارة. إجراء البحوث العلمية في مجال التنمية الادارية واختيار الكفاءات المتميزة لتشكيل فريق أزمات وإخضاعهم لدورة شهرين في إدارة الأزمات”.

خالد (28 عاما) من قرية حاس شرق كفرنبل، يملك شهاده جامعية ويرغب في افتتاح مشروع جديد يفيد به المنطقة ويستفيد منه مادياً. انتسب للمعهد واختار تخصص إدارة مشاريع لاكتساب خبرة أكبر في الإدارة تمكنه من إدارة مشروعه بشكل جيد. يقول خالد: “ترتيبي الدراسي في المعهد هو في المستوى الثالث الذي مدته سن’. وأنا اعتبر ان دراسة علوم الإدارة سوف تمكنني في المستقبل من إدارة وقتي بشكل جيد، وأن أعتمد على نفسي، وأنمّي مهاراتي القيادية وأكتسب خبرة تساعدني على التفكير واتخاذ القرارات الصحيحة. وإدارة أي مشروع أنوي افتتاحه ”

فادي الموسى (53 عاماً) من كفرنبل  لا يملّ من اقتراح المشاريع التنموية لريف إدلب، والعمل عليها مع بعض أصحابه. فادي  نزح الى تركيا عام 2013، وخضع في مدينة غازي عينتاب التركية لدورة إدارة مشاريع من قبل فريق متخصص. وبعد أن عاد إلى بلده في ريف إدلب، تحديداً كفرنبل.  استفاد من خبرته في هذا المجال و فكّر بإنشاء مركز رؤيه للتنمية المجتمعيه ويقوم بإدارته. المعهد حاليا يقدم خدمات ثقافيه وعلمية  للمنطقة لا يستهان بها بحسب ما يقول فادي الموسى .

الموسى الذي يملك إجازة في اللغة العربية، أحبّ مهنة الإدارة والتنمية الإدارية، واستفاد من الدورات التي خضع لها.  وهو يخطط الآن لإنشاء مشروع جديد، وهو مجلّة الشرطة الحرّة. وهي مجلّة توعوية ثقافية. ويقول الموسى “عندما نعمل على بناء عقول إدارية، وشخصيات معززه بالثقة، نستطيع تجاوز جميع الصعوبات وتحقيق التنمية رغم الحرب المدمرة”.