مشروع لدعم العائلات السورية والثروة الحيوانية
تسليم الأغنام للعائلات التي ستعتني بها
بعد معاناة مع الفقر والحاجة وجدت أم حمزة فرصتها للعودة إلى عملها الأساسي في تربية الأغنام، بعد أن شملها مشروع دعم الأسر المنتجة في ريف حلب الشمالي.
أم حمزة (35 عاماً) من بلدة قباسين في ريف حلب، أم لخمسة أبناء، فقدوا والدهم ومعيل أسرتهم خلال الحرب. تقول أم حمزة: “بعد موت زوجي لجأت إلى بيع المواشي التي كنت أمتلكها بأبخس الأثمان، لأتجه للعمل في الأراضي الزراعية بشكل متقطع، وبأجر يومي زهيد لا يكفي لتأمين حاجات المنزل الضرورية .”
استفادت أم حمزة من مشروع دعم الأسر المنتجة. حصلت على بعض الأغنام، وأصبحت تستفيد من لحومها وحليبها، مما مكنها من تحقيق الاستقرار المادي لعائلتها، وإعادة الابتسامة إلى وجوه أطفالها.
المشروع الذي أطلقته منظمة أيادي للإغاثة والتنمية بدعم من منظمة سوريات عبر الحدود يهدف لإنعاش قطاع الإنتاج الحيواني الذي أنهكته الحرب، وإيجاد مصادر دخل للعائلات المستفيدة، تجنبها طلب المساعدة من أي جهة، وتمكنها من مواجهة مصاعب الحياة بنفسها .
مدير مكتب الزراعة والثروة الحيوانية في مجلس قباسين، وأحد المشرفين على المشروع ياسر الحسن (32عاماً) يقول: “تم إطلاق هذا المشروع بالتعاون مع المجالس المحلية، إيماناً بقدرة السوريين على الكسب والإنتاج، والرغبة بتمكين الأسر الأكثر ضعفاً في المجتمع، وإتاحة الفرصة للأسر المستفيدة بأخذ زمام المبادرة في تأمين القوت والعيش الكريم بعيداً عن مد يد الحاجة لأحد”.
ويوضح الحسن “أن المشروع سيستمر حتى نهاية العام الحالي 2019، ويستهدف مناطق الباب وقباسين وبزاعة في ريف حلب الشمالي، مستهدفاً العائلات الأكثر احتياجاً، ضمن عدة معايير منها عدم وجود مصدر للدخل، ووجود عدد كبير من الأطفال، أو وجود حالات خاصة ضمن أفراد العائلة إضافة إلى الأسر التي تعيلها النساء” .
وبحسب الحسن فـ “أن المشروع يقدم لكل عائلة مستفيدة 3 أغنام مع حملانها، 5 دجاجات، مع تقديم أعلاف للماشية لمدة 4 أشهر. كما تحصل العائلات أيضاً على سلة غذائية شهرياً لمدة 4 أشهر، ومن المتوقع أن يصل عدد المستفيدين إلى 100 أسرة أو أكثر حتى نهاية العام”.
لاقى المشروع ترحيباً واسعاً من الأهالي لدوره في تمكين السوريين من كسب العيش وتعزيز اعتمادهم على قدراتهم ومهاراتهم، وتقليل الاعتماد على السلال الغذائية، باتباع مبدأ لا تعطيني سمكة بل علمني الصيد.
أبو محمد (51 عاماً) من مدينة خان شيخون أصيب في الحرب، كما فقد مصدر رزقه الوحيد أثناء خروجه من بلدته. يقول أبو محمد: “كنت أمتلك عدداً من الأغنام، وأعيش مع أسرتي من مردودها، لكن القصف على المدينة أدى إلى إصابتي ونفوق الأغنام، فأصبحت بعد ذلك عاطلاً عن العمل، ولكن المشروع عوضني بـ 3 رؤوس من الأغنام مع حملانها وأعلافها، لذلك سأسعى جاهداً لتطوير عملي أملاً بالعودة كسابق عهدي في تأمين حاجاتنا من منتجات المواشي، وبيع الفائض عن الحاجة .”
أم جميل (44 عاماً) من مدينة الباب وجدت في المشروع عملاً يسد حاجة عائلتها بعد اعتقال زوجها من قبل النظام السوري. تقول أم جميل: “أوضاعنا تدهورت في ظل غياب المعيل، وأصبح على عاتقي مشقة تأمين المصاريف لأولادي الخمسة، وبعد أن شملني المشروع وجدته أفضل بكثير من المساعدات المالية، لما يقدمه من مردود مالي وغذائي للعائلة على المدى الطويل، إضافة إلى تقديم الرعاية الكاملة للأغنام من قبل الاختصاصيين، وتعليمنا كيفية تربية الأغنام والتعامل معها، وشرح الأمراض التي تتعرض لها الأغنام، وأنواع اللقاحات التي يتوجب تلقيحها بها .”
وتشير أم جميل إلى أن المشروع ساهم في التخفيف من معاناة أسرتها، حيث أمّن لها مصدر دخل ثابت كما أمّن لطفلها الحليب، فقد كانت تعجز عن شراء الحليب لولدها بسبب غلاء أسعاره، واليوم باتت تؤمنه من الأغنام التي حصلت عليها من المشروع.
الطبيب البيطري عدنان اليوسف (41 عاماً) أحد العاملين في المشروع يقول: “يعتبر قطاع الثروة الحيوانية من أبرز قطاعات الإنتاج في سوريا، ولكن تعداد الماشية في المناطق المحررة أصبح يقل يوماً بعد يوم، بسبب ظروف الحرب القاسية التي أدت إلى استيراد الأعلاف بأسعار مرتفعة ونقص اللقاحات والأدوية، مما أثر بشكل سلبي على أعداد الثروة الحيوانية ومنظومة الأمن الغذائي، وعلى كمية الحليب واللحوم وجودتها في المناطق المحررة”.
ويضيف الطبيب اليوسف: “نقدم خلال المشروع الأغنام للمربين، ونعمل على توعيتهم بمختلف الأساليب والطرق التي من شأنها رفع مستوى جهوزيتهم من ناحية القدرة على الاعتناء بالماشية، سعياً لدعم قطاع الثروة الحيوانية، وتحسين ظروف الحياة للعائلات الأكثر ضعفاً في الشمال السوري .”
ويضيف اليوسف: “حاجة الأهالي لم تعد مقتصرة على طلب القوت من خلال سلة الغذاء الشهرية، بل يجب الانطلاق من قدرة السوريين على استغلال الموارد المتاحة ومساعدتهم على تحقيق اكتفائهم الذاتي، لذلك يقدم المشروع المواشي لتكون بذرة مشاريع صغيرة تؤمن لأصحابها دخلاً مادياً كريماً، لاسيما للعائلات التي حرمتهم الحرب من المعيل .”