مركز لتوثيق اللاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري

يساعد المركز على تسهيل الحصول على أوراق ثبوتية للاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري تصوير سونيا العلي

لم يعد أبو عمار يعاني من أزمة الأوراق الثبوتية بعد حصوله على بطاقة شخصية من مركز توثيق اللاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري. وبذلك استطاع الاستفادة من خدمات المجالس المحلية، وتسجيل أولاده للحصول على حقهم في التعليم والخدمات الصحية وغيرها.

الكثير من الفلسطينيين رافقوا السوريين في نزوحهم وتهجيرهم، ويعاني معظمهم من فقدان أوراقهم الثبوتية، وعدم وجود مراكز تهتم بشؤونهم، وانتشار حالات التزوير للوثائق الرسمية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين لتسهيل معاملاتهم المدنية. لذلك قامت الحكومة السورية المؤقتة بافتتاح مركز توثيق اللاجئينفي مدينة عفرين في ريف حلب لتوثيق الواقعات المدنية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين من ولادة وزواج وطلاق ووفاة أصولاً بعد ورودها من السجلات المدنية المنتشرة في الشمال السوري، ومنحهم الوثائق التي تثبت ذلك.

أبو عمار(35 عاماً) يتحدث عن استفادته من خدمات المركز بقوله: “فقدت أوراقي الثبوتية أثناء قصف منزلنا الكائن في منطقة مخيم اليرموك، وبعد تهجيرنا إلى الشمال السوري لم أستطع استخراج أوراق بديلة لصعوبة الحصول عليها من مناطق سيطرة النظام السوري، وعدم إمكانية الذهاب إليها خوفاً من تعرضي للاعتقال، وبعد افتتاح مركز التوثيق حصلت على بطاقة تعريفية وبطاقة أسرية لتأمين الحماية القانونية لي ولأطفالي”.  

مدير مركز اللاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري أبو مهند يتحدث لحكايات سوريا عن افتتاح المركز قائلاً: “أكثر من 1500 عائلة فلسطينية وصلت إلى الشمال السوري من أنحاء سوريا، وخاصة من مناطق جنوب دمشق. توزعت العائلات في مناطق عفرين وجنديرس ودير بلوط وإدلب. لذلك تواصلت مع الإدارة العامة للشؤون المدنية التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة السورية المؤقتة لطرح ملف اللاجئين الفلسطينيين والضغوطات التي يتعرضون لها، وقد تمت الاستجابة من قبلهم وافتتاح المركز بتاريخ 25 شباط/فبراير عام 2019.”

وعن عمل المركز يضيف أبو مهند: “يتواجد في مناطق سيطرة النظام دائرة أحوال مدنية خاصة باللاجئين الفلسطينيين، ومركز التوثيق يعتبر بديلاً عنه في المناطق المحررة. ويهدف المركز لمساعدة من لايملكون أوراقاً رسمية على استصدار ثبوتيات منها البطاقات التعريفية إضافة إلى تثبيت عقود الزواج، حيث يقوم الزوج باستصدار إخراج قيد من المركز، ثم يقوم بتثبيت زواجه في إحدى المحاكم في المنطقة، ليحصل بعد ذلك على البطاقة الأسرية”.

ويبين أبو مهند أن الشخص الذي لا يملك أية أوراق ثبوتية يقوم أولاً بتنظيم ضبط شرطة في منطقته، ثم يقدم شاهدين يؤكدان هويته، وبناء على ذلك يصبح للشخص ملف في المركز، ويستطيع بموجبه أن يحصل على البطاقة الأسرية .

كما يشير أبو مهند إلى وجود حالات تزوير للوثائق الشخصية من قبل بعض اللاجئين. ويقوم المركز باتباع الإجراءات القانونية السليمة في التعامل مع هذه الحالات للحفاظ على حقوق الأهالي، وضمان حصولهم على وثائق سليمة تستوفي الشروط القانونية .

وعن الصعوبات التي تواجه عمل المركز يقول أبو مهند: “يفتقر المركز للإمكانيات التشغيلية والمعدات، كما أن انتشار الفلسطينيين في أماكن متعددة يجعل آلية العمل صعبة ومكلفة أحياناً، إضافة إلى عدم دراية بعض المؤسسات المدنية العاملة في الشمال السوري بالقوانين الناظمة التي تخص اللاجئين الفلسطينيين في سوريا”.    

أم عامر(32 عاماً) تهجرت إلى الشمال السوري وحصلت مع أولادها على أوراق ثبوتية من مركز التوثيق. تقول أم عامر: ” الوثائق الصادرة عن المركز هي أوراق رسمية من الحكومة السورية المؤقتة، ويتم التعامل معها بشكل قانوني أمام كافة الجهات الحكومية والأمنية والإغاثية في الشمال”.

أم عامر سافرت مع أسرتها إلى تركيا، وهناك استطاعوا الحصول على بطاقات الحماية المؤقتة بناء على هذه الأوراق الثبوتية التي حصلوا عليها من المركز .

المحامي بلال العبود (41 عاماً) يقول: “تعاني المناطق المحررة من أزمة الأوراق الثبوتية، حيث فقد الكثيرون أوراقهم في الحرب، دون أن يتمكنوا من استخراج أوراق بديلة لأن النظام السوري يطلب عادة من الراغبين استخراج أوراقهم الحضور شخصياً وهو ما يخشاه كثر خوفاً من  الاعتقال، كما لا يسمح باستخراج تلك الأوراق عن طريق السماسرة والوسطاء إلا بعد دفع مبالغ مالية كبيرة ليس بمقدور الكثيرين دفعها”.

ويشير العبود إلى أن سوريا كانت من الدول التي استقبلت الفلسطينيين بعد النكبة، وبعد سنوات طويلة وجدوا أنفسهم مهجرين مجدداً من مخيمات وأحياء استقروا فيها على خلفية الاضطرابات في دولة اللجوء، ليستقروا في الشمال السوري، حيث يعيشون ظروفاً صعبة بعد تخلي كافة المنظمات المعنية بهم عن دورها في دعمهم كمنظمة التحرير الفلسطينية، ووكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

ومن هنا تكمن أهمية استصدار الأوراق الثبوتية الخاصة بهم من مركز اللاجئين لدورها في تأمين حقوقهم الشخصية والمدنية، لتسيير أمورهم الحياتية، والحفاظ على حقوقهم القانونية وهويتهم الفلسطينية كلاجئين متمسكين بحقهم في العودة إلى ديارهم، وعدم طمسها وذوبانها في المجتمع السوري.

وشأنهم شأن السوريين عانى اللاجئون الفلسطينيون من الحرب السورية حيث قتل بعضهم وجرح آخرون بينما اضطر من تبقى للنزوح والتهجير، لذلك يعتبر مركز توثيق اللاجئين أول مؤسسة رسمية ثورية تختص بشؤونهم، حيث أصبح بإمكان اللاجئ الفلسطيني الحصول على وثائق ثبوتية تسهل إجراء المعاملات المدنية الخاصة به، وتسجيل الواقعات المدنية مما يحفظ له هويته الفلسطينية ويمكنه من التماشي مع قوانين المجتمع المدني .