لم تنجب له فتزوج بأخرى
"حزنت جداً، اتصلت بها وكانت منهارة. زوجها اتصل بها غاضباً يحملها مسؤولية ويذكرها برفضه لذهابها. لم يراع مشاعرها ول اتلك الحالة التي كانت بها. "
أماني أختي الحبيبة تبلغ من العمر 26 عاماً، تزوجت وهي في سن الـ 16، لكنها لم ترزق بالأولاد. أحبت زوجها كثيرا، كما أحبّها هو.
لا زلت أذكر جيداً كيف كانت تأتي إلينا فرحة جدا معه، ولكن بعد أن مضى على زواجها عامين، ولكثرة زيارارتها لأطباء من أجل الحمل، تأكد زوجها انها ليست قادرة على الانجاب. حينها بدأت نظرتها السوداويه للحياة.
تزوجت صديقاتها وأنجبن، وهي لم تنجب. تزوجت أنا وأخواتي بعدها وأنجبنا أيضا. وهذا الأمر زاد من حزنها. بعد مضي 10 سنوات على زواجها ذهبت إلى دمشق وهي تحلم بأن التلقيح الاصطناعي هو الحل. ذهبت وكل حلمها ان تلد طفلاً.
أتذكر ذاك النهار عندما ودعتها وهي ذاهبة، سألتها من أين ستؤمن تكاليف العمل الجراحي وزراعة طفل فهي تحتاج الى مبلغ كبير. أجابتني: “سابيع أساوري الذهب. ليس لدي بديل، إن لم انجب لزوجي طفلاً سيتركني. ويتزوج بأخرى”. ودعتها، ودعوت لها أن يتم حملها على خير.
رفض زوجها أن تذهب إلى دمشق. كان يريد مبرراً كي يتزوج بأخرى. نهرها وقال لها: “لن أساعدك أبداً ولن أعطيك قرشاً واحداً” . ذهبت ودموعها في عينيها.
تكلمت معها بعد وصولها إلى دمشق. قالت لي أنها بخير وأنها ستقوم بالذهاب الى طبيب مختص في مشفى البلسم بالجس الابيض في العاصمه في اليوم التالي. وأن الطبيب المختص بأطفال الأنابيب سيقوم بزرع، بعض النطف الخاصة بزوجها التي حملتها معها في أنبوب، داخل رحمها . وإن أراد الله ستحمل.
وبعد بضعة أيام على ذهابها اتصلت بها مطمئنة، قالت انها قامت بالعمل الجراحي. وهي نائمة على ظهرها حتى يثبت الحمل. فرحنا جدا لذلك الخبر، وجاء زوجها فرحاً لزيارتنا وكان قد تحدث معها. أحسسته فرحاً رغم انه لم يرد لها أن تذهب. ولكن بعد ذلك العمر الذي امضياه سوياً أحب أن يصبح أباً، كباقي إخوته ورفاقه.
سهرنا معاً تلك الليلة وكان الفرح بادياً في عينيه وكلامه. قال لي: يا بنت العم قريباً سأصبح أباً. دعونا له بالخير أنا وزوجي، وأن يتم حمل زوجته بسلام. وفعلا مضت فترة الحمل الأولى بكل سلام، حتى بدأت بالشهر الخامس وهي لا تزال في دمشق. تقليت اتصالا من والدتي تخبرني أن أختي أنجبت طفلها لكنه ولد ميتاً.
حزنت جداً، اتصلت بها وكانت منهارة. زوجها اتصل بها غاضباً يحملها مسؤولية ويذكرها برفضه لذهابها. لم يراع مشاعرها ول اتلك الحالة التي كانت بها.
عادت أماني بعد فتره من الزمن تجر خلفها ذيول الخيبه. ذهبت لاستقبالها، احتضنتني وأجهشت بالبكاء قائلة: “لم أستطع أن اصبح اما مثلكن لعل الله لا يريد لي ذلك”.
بقيت على حالتها الكئيبة عدة أشهر وبعد أن نزحنا من قريتنا. جئت وسكنت ببلدة كريعة أنا وأختي. زوجها قرر الرحيل إلى مدينة إدلب حيث وجد عملاً. وبعد أشهر علمت انه تزوج بممرضة تعرف عليها اثناء عمله. ولم تستطع أماني التعايش مع الفكرة.
كانت امي قد هاجرت إلى ألمانيا وبعثت نطلب لم الشمل لوالدي وإخوتي ميس واحمد. طلب والدي من اختي اماني المغادرة معهم. حصلت على الطلاق وعبرت الحدود التركية خلسة مع والدي وإخوتي. ولكن المشكله كانت أن أختي اماني لا تستطيع ان تغادر مع أبي بموجب لم الشمل .
بقيت اماني عند بيت خالي أكرم في تركيا. وهي حتى الان لا تزال هناك. مطلقة ووحيدة، بعيده عن أهلها وطليقها وبيتها ووطنها. بعيدة عنا كلنا.
أتواصل معها يومياً وأطمئن عليها. دعوتها كثيراً للعودة إلى هنا والسكن معي. لكنها تذرعت بأنني أسكن مع أهل زوجي وليس لدي بيت. ولن تستطيع العيش معي. بدأت أماني بالعمل بالأراضي الزراعية مع خالي . أعطوها غرفه لتسكن فيها. أحزن عليها فحالها حال الكثيرات ممن تشردن في بلادنا بين ترمل وطلاق ونزوح.
شيماء الفارس (23 عاماً) من ريف حماه الغربي خريجة جامعية، أم لطفلة.