المكتب الطبي في ريف إدلب خدمات مجانية للنساء والأطفال

لم تتردد جمانة (35عاما ) بقصد المكتب الطبي النسائي في كفرنبل بعد اكتشافها وجود كتلة في صدرها. سارعت بطلب تحليلها ومعرفة ماهيتها بعدما سمعت عن خدمات المكتب المجانية.  جمانة واحدة من مرضى كثر يعانون من الأوضاع المادية الصعبة في ظل الظروف المعيشية القاسية التي تشهدها البلاد. فكان المكتب الطبي النسائي الأمل لهؤلاء المرضى في المنطقة.

تقول جمانة “لقد شعرت بالخوف من وجود هذه الكتلة، ولأنني لا أملك نفقات المعاينة والتحليل لجأت للمكتب الطبي الذي قدم لي هذه الخدمات بشكل مجاني”. وبعد التحليل تبين أن الكتلة ليست خبيثة وتم استئصالها من قبل الطبيب المختص، وبدورها جمانة تشكر جميع العاملين والداعمين لهذا المكتب.

عن المكتب الطبي النسائي في كفرنبل تتحدث آلاء (22عاما) وهي المختصة بمتابعة عمل المكتب والمشرفة على العمليات ومساعدة الطبيبة المديرة. تقول آلاء “تأسس المكتب في 1 آب/أغسطس 2015،  ويضم عدة أقسام، ومنها قسم المعاينة، وقسم الصيدلية وقسم الانتظار”. وتضيف آلاء شارحة آلية العمل “يتم الكشف على المرضى وتشخيص المرض من قبل الطبيبة هلا، وبعدها نقوم بوصف الدواء اللازم من صيدلية المكتب ومنحه للمريض بشكل مجاني. المكتب يستقبل المرضى من نساء وأطفال، كل يوم إثنين من الصباح وحتى الثانية بعد الظهر، بينما هناك جولات على القرى والبلدات في ريف إدلب بواسطة عيادة متنقلة في بقية أيام الأسبوع.”

الطبيبة هلا (28 عاماً) المتخصصة بطب العيون، ومديرة المكتب تقول “نحن متعاقدون مع أطباء من كافة الاختصاصات، حيث يعطى المريض بطاقة تحويل إلى الطبيب المختص، وبناء عليه يقوم الطبيب بفحص المريض ويقدم للمكتب تقريراً عن الحالة ومدى أهمية العملية، ونحن نتكفل بإجرائها للمريض في إحدى المشافي الخاصة التي يعمل فيها الأطباء الذين تعاقدنا معهم، وعلى نفقتنا الكاملة”. وتشير الطبيبة إلى الاختصاصات الموجودة بأنها أمراض داخلية، أطفال، أنف وأذن وحنجرة، بالإضافة لطبيبة نسائية.

أم محمد (38 عاماً) من قرية بسقلا، احتاج ولدها إلى عملية في الحنك، وهي عملية مكلفة وضرورية بنفس الوقت. ونظراً لأحوالها المادية السيئة قصدت المكتب الطبي ليتكفل بإجراء العملية لطفلها. وتقول أم محمد “لقد وجدت تجاوباً سريعاً من كادر المكتب، حيث اتفقوا مع الطبيب المختص لإجراء العملية، وتكفلوا بكافة المصاريف حيث وصلت تكلفة العملية لأكثر من 200 دولار أميركي”.  وتوضح أم محمد بأن وضع ابنها أصبح على ما يرام، مبدية تمنياتها للمكتب بالاستمرارية والتوفيق.

خلال معاينة أحد الفتيان في المركز الطبي تصوير آلاء

أكثر من 10 عمليات جراحية يجريها المكتب شهريا بحسب الطبيبة هلا، وهناك شروط يجب أخذها بعين الاعتبار، وهي أن يكون المريض فقيراً فعلياً، وعمليته لا تحتمل التأجيل. من العمليات المتنوعة التي أجراها المكتب حتى الآن قيصريات، لوزات، شق حنك للاطفال، وعمليات عظمية وغيرها.

يستقبل المكتب أكثر من 75 مراجع أسبوعيا، فيتم علاج الحالات المستعجلة والحرجة منها. أما الحالات الباردة والتي تؤجل فيتم تأجيلها لبقية أيام الأسبوع، في حال لم يخرج الكادر بجولاته الأسبوعية المعتادة.

سارية (28 عاماً) يشكو ولدها من إلتهاب متكرر في بلعومه، قصدت المكتب الطبي وتم فحص الطفل من قبل الطبيبة التي أكدت بأنه بحاجة لعملية استئصال لوز، وبالفعل تم إجراء العملية للطفل وهو الآن بصحة جيدة.

“نحن مستعدون لإجراء أي عملية نراها ضرورية بالنسبة للمريض، حتى ولو كانت قلب مفتوح”. تقول الطبيبة هلا وتشير لأن عمل المكتب لا يقتصر على المعاينات والعمليات و الفحوصات والجولات على القرى، وإنما أيضا يقوم بتأمين كافة الأدوية اللازمة للمريض. ذلك أن هناك بعض الأدوية مفقودة حالياً من الصيدليات بسبب أوضاع الحرب، فيعمل المكتب على تأمينها من مناطق النظام أو دول الجوار مثل حماه أو دمشق أو ربما من تركيا أو لبنان، عن طريق التعاقد مع صيدلي يتولى مهمة تأمين الأدوية غير المتوافرة.

أم غسان الخمسينية تعاني من أمراض الضغط والسكري، وهي أرملة وفقيرة. تقصد المكتب بشكل شهري للحصول على أدويتها، علماً أن معظم هذه الأدوية مفقودة من الصيدليات المحلية. تقول أم غسان “لم أكن أعرف كيف سأتدبر مشكلة تأمين الدواء لولا مساعدة هذا المكتب، جزاهم آلله كل خير” .

أما بالنسبة للأمراض المستعصية وتحديداً مرضى السرطان، فيعاني المكتب من صعوبة مساعدة هؤلاء نظراً لانعدام تواجد الأطباء الاختصاصيين. إضافة لفقدان الأجهزة المطلوبة. ومع ذلك فإن المكتب يعمل على تأمين جرعات دوائية للمرضى الذين يتابعون العلاج. هذا ما توضحه الطبيبة هلا مردفة بأن المكتب يساعد بحسب الحالة الإنسانية، والامكانيات المتوفرة في كل شهر.

أمل امرأة في الأربعين من عمرها تعاني من سرطان الثدي. أجرت عملية استئصال للورم في مشفى دمشق منذ أكثر من عام وهي الآن تأخذ جرعات كيميائية كل عشرين يوم لضمان عدم عودة المرض ثانية. ولكن هذه الجرعات باهظة الثمن فهي تضطر لدفع أكثر من  250 دولار أمريكي ثمن الجرعة الواحدة. ولأنها لم تعد تستطيع تأمين ثمن الجرعات، كما أنها لا تستطيع أن تقصد مناطق النظام للحصول على هذه الجرعات مجاناً في مشافيه كونها أم لشابين منشقين عن النظام، فهي قصدت مؤخراً المكتب الطبي النسائي الذي وعدها بالمساعدة وتأمين هذه الجرعات لها.

أما بالنسبة للجهة الداعمة لهذا المكتب فهي منظمة اتحاد المكاتب الثورية اليو ار بي. وحول هذا الموضوع يتحدث مدير المنظمة رائد الفارس (43 عاما) فيقول “أنشىء هذا المكتب نظرا للحاجة الملحة لوجود جهات تقدم عناية طبية وصحية في المناطق المحررة، في ظل ازدياد الحالات المرضية المترافقة مع الفقر وانعدام الدخل”. ويلفت الفارس إلى أن المشروع بدأ منذ خمسة أشهر وقد لقي نجاحاً واقبالاً منقطع النظير.

“أما عن التكلفة الشهرية لهذا المكتب فهو  5 آلاف دولار أمريكي. هذا الرقم ممكن أن يكبر أو يصغر بحسب الاحتياجات الشهرية هذا” ما يقوله الفارس مؤكدا أنه ليس ثمة داعمين آخرين لهذا المكتب عدا عن وجود مساهمات لأفراد أو بعض الجهات التي تقوم بتوفير بعض الأدوية. كما أن هناك أطباء ممكن أن يتبرعوا بشكل شخصي بإجراء بعض العمليات للمرضى.

ويختتم الفارس حديثه بالقول “نحن مستمرون في هذا المشروع ونعمل على تطويره ليكون هناك مركز عمليات جراحية خاصة به، كل مانهدف إليه من وراء ذلك  أن  لا يبقى أي مريض فقير دون عناية أو رعاية صحية”.

بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي