أرملة سورية تعمل لتخلص بناتها من مرض نادر

محاسن سليمان مع بناتها في مخيم عطشانة تصوير أسعد الأسعد

تستيقظ محاسن في كل صباح، لتنتظر شاحنة صغيرة تقلها هي وجاراتها من نساء المخيم الذي تعيش فيه، الى عملهنفي الأراضي الزراعية، وهو العمل الذي من خلاله يؤمّنَّ قوتهنّ وقوت أطفالهنّ.

محاسن سليمان (41 عاماً)، من مهجري ريف حلب الجنوبي وتحديداً من قرية بانص، تم تهجيرها من بلدتها قبل 5 سنوات، وهي الآن تعيش في مخيم عطشانة جنوب شرق مدينة سرمدا شمال إدلب.

تسكن محاسن خيمتها التي تقع على قمة تلة صخرية مع بناتها الأربعة، أكبرهنّ سناً لم تتخطّ الـ 15 عاماً. فقدت محاسن زوجها جراء القصف الذي طال بلدتها. تخرج محاسن إلى لعمل في الأراضي الزراعية لتأمين ثمن الدواء الذي تحتاجه بناتُها اللواتي أُصبن بمرض هرموني نادر. تعاني بنات محاسن من مرض” البلوغ المبكر” الذي أصابهن قبل بلوغهن العشرة أعوام.

تقول محاسن عن مرض بناتها: “هالة ونهلى توأم (9 أعوام) آية (7 أعوام)، منذ حوالي السنة والنصف من لاحظت تغيرات جسدية تحدث في أجسامهن الصغيرة مثل انتفاخ الأثداء. بدأ المرض من التوأم هالة ونهلى، وبعد ذلك بشهرين بدأ المرض يصيب ابنتي آية”.

وتتابع محاسن: “في بداية الأمر كنت أظن أن الأمر مقتصر على إلتهابات تصيب البنات، لكن بعد انتقال الأعراض الى ابنتي الصغرى آية تأكدت أن الأمر ليس طبيعياً. قمت بمراجعة الطبيب وبعد أن فحص البنات أخبرني بأنهن مصابات بمرض البلوغ المبكر وقام بوصف حقن تساعدهن على الشفاء من ذاك المرض”.

وتضيف محاسن: “كنت أعمل لكي أجلب الطعام لهن فقط، ولكن بعد أن عرفت بمرضهنّ أصبحت أعمل لكي أجلب الطعام والعلاج، وكل ذلك مقابل يوم عملي الذي يبلغ قيمته ألف ليرة سورية، ذاك المبلغ بالمقارنة مع سعر الحقنة الواحدة لا يساوي شيئاً، فالحقنة باهظة الثمن وأنا أحتاج 3 حقن لكل جرعة”.

وعن الإشراف على علاج بنات محاسن وكيفية تأمين الجرعات لهن قال الصيدلاني أحمد المصطفى المشرف على العلاج: “أنا أتابع حالتهنّ فهنّ أصبنّ “بالبلوغ المبكر” الذي يصيب الأطفال جراء الحالة النفسية المتردية او ينتج عن حالة الحرب التي يعيشها الأطفال، فهو يُحدث نمواً سريعاً للعظام والعضلات، وتطرأ تغييرات في جسم الطفل المصاب، و في حالة البنات تظهر القدرة على الإنجاب”.

كما أضاف المصطفى: “طريقة العلاج من هذا المرض تكون عن طريق حقن تُؤخذ من منطقة الصرّة، جرعة كل 28 يوماً من شأنها أن تؤخر اكتمال نمو الأثداء وتأخير الحيض الى السن المناسب للبلوغ، يبلغ سعر الحقنة الواحدة من هذا الدواء حوالي 60 دولاراً امريكياً وهي ليست متوفرة بكثرة في الشمال المحرر لأن مصدر صنع هذه الحقن ألماني، إلا أنني أقوم بتأمين بعض الحقن بشكل مجاني عن طريق متبرعين للبنات الثلاث”.

يقوم أهالي مخيم عطشانة بمساعدة محاسن على تأمين ثمن الجرعات من خلال جمع بعض المال من سكان المخيم لمساندتها، إلا أن أحوالهم المادية ليست بأفضل منها، فأغلب الأحيان لا يستطيعون مساعدتها بالشكل الكافي.

وعن دور أهالي المخيم في مساعدة محاسن وبناتها يقول مدير المخيم مطيع أبو غازي: “نحاول أن نساعد محاسن وبناتها بقدر ما نستطيع، فمعظم أهالي المخيم يقومون بالتبرع بمبلغ مالي لها لشراء الدواء لبناتها، إلا أن الحالة المادية الضيقة لا تسمح للأهالي بالتبرع بشكل مستمر، كما أننا من مخيمنا نوجه النداء لأصحاب الخير للتكفل بعلاج البنات اللواتي تم حرمانهن من طفولتهن في وقت مبكر”.

ساحة مخيم عطشانة تفتقد ضحكات هالة ونهلى وآية وهن يلعبن مع أطفال المخيم، وقد سلبت منهن طفولتهن في وقت مبكر جداً، وسبب ذلك الحرب والتهجير والفقر.