مركز للدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في أعزاز
رعاية وتوجيه في مركز أعزاز لذوي الاحتياجات الخاصة
محمود (8 أعوام) يعاني من الخوف والعزلة، ولكن الدعم النفسي الذي تلقاه في مركز الإرشاد النفسي في مدينة اعزاز كان كفيلاً بتبديد مخاوفه. تحسنت حالته النفسية بشكل كبير، وبات أكثر اجتماعية .
المجلس المحلي في مدينة اعزاز في ريف حلب وبالتعاون مع الحكومة التركية افتتح مركز الإرشاد النفسي والاجتماعيمطلع العام الحالي 2019، بهدف تأهيل الأطفال أصحاب الإحتياجات الخاصة وتقديم الدعم اللازم لهم، والاهتمام بتنمية شخصية الطفل من النواحي الجسدية والعقلية والنفسية والاجتماعية .
والدة الطفل محمود تقول: “يعاني ولدي من مرض التوحد مما يعيق قدرته على معالجة المعلومات المحيطة به، ويسبب له صعوبات بالاتصال بمن حوله، ويؤثر على اكتسابه مهارات التعلم. تحسنت حالته بعد ارتياد مركز الإرشاد النفسي، زادت حركته داخل المنزل، وأصبح يلعب مع الأطفال الآخرين، كما أتقن مهارات معرفية جديدة كالقدرة على تمييز الأشكال، وجمع الكرات ووضعها في مكانها المخصص”.
مدير مركز الإرشاد النفسي والاجتماعي في مدينة اعزاز خالد نحل (40 عاماً) يقول لحكايات سوريا: “حرمت الحرب السورية الآلاف من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من الحصول على الرعاية والدعم النفسي. لذلك يعمل المركز على تغطية مناطق ريف حلب، حيث افتتحت صفوف للتعليم الخاص بريف حلب بدءاً من اعزاز، وخصصت 8 اقسام لمرضى التوحد وصعوبات التعلم، إضافة إلى فروع في المخيمات العشوائية والنظامية في صوران ومارع” .
ويبين نحل أن الفئة المستهدفة من هذا المشروع هي الأطفال في المدارس والمجتمع المحلي من عمر 4 حتى 14 عاماً ممن لديهم إحتياجات، كما سيهتم المركز بالأطفال الموهوبين، ويعمل على تنمية مواهبهم .
ويشير نحل إلى أن المركز يعمل على تغطية منطقة درع الفرات كاملة، وتشمل اعزاز ومارع واخترين وصوران والراعي والمخيمات. ويعمل المركز على حصر الحالات الموجودة، منها الحركية والسمعية والبصرية والذهنية والنطق، ثم يعمل على تأهيل الأطفال أصحاب هذه الإحتياجات، وافتتاح أقسام للتعليم الخاص لتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين حرمتهم حالاتهم من فرصهم في التعلم، إضافة للاهتمام بالأطفال الموهوبين، كما يقدم المركز الدعم النفسي للمحتاجين له، وكذلك التعامل مع صعوبات التعلم من خلال فريق مختص في الإرشاد النفسي وعلم الاجتماع.
ويشير نحل إلى وجود تعليم منزلي للأطفال الذين لا يستطيعون القدوم إلى صفوف التعليم الخاص، حيث يقوم فريق المركز بجولات ميدانية، وإجراء اختبار التعليم الخاص واختبار الذكاء بدقة قبل فرز الطفل إلى صفوف التعليم المناسب له.
المرشد النفسي عمر الرحمون (29 عاماً) من مدينة اعزاز يتحدث عن مدى حاجة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة لمراكز الدعم النفسي بقوله: “الدعم النفسي والاجتماعي هو سلسلة من الدعم والرعاية التي تؤثر في الفرد والبيئة الاجتماعية، ضمن علاقات تجمع بين التواصل والتفاهم والتسامح والقبول .”
ويضيف الرحمون: “الطفل صاحب الاحتياج الخاص له بناء نفسي خاص به، نتيجة إحساسه بالاختلاف عن غيره من الأطفال الآخرين، لذلك يحتاج هؤلاء الأطفال لمراكز تختص بتقديم المساعدة لهم، من أجل رعايتهم نفسياً وتربيتهم اجتماعياً، وحل مشكلاتهم اليومية، مما يساهم في تحقيق التوافق السوي لهم على كافة الأصعدة النفسية والسلوكية والاجتماعية، والحرص على معاملتهم بطريقة لا تشعرهم بأنهم دون غيرهم ذكاء أو مقدرة، وتحديد مواضع القوة لدى الطفل وتعزيزها، ومواضع الضعف ومعالجتها .”
الطفلة علا (10 أعوام) من ريف حلب تعاني من صعوبة في النطق، ولكن بعد انضمامها إلى زملائها في شعب التعلم الخاص أصبحت تكتب، وتقرأ الحروف بمساعدة معلمها في الصف.
يقول والد الطفلة علا: “كانت ابنتي تعاني من صعوبة في التعلم يؤثر على تحصيلها العلمي، إضافة إلى ضعف الثقة بنفسها والاعتماد على الآخرين في قضاء حوائجها، ولكن كانت فرحتنا كبيرة حين قمنا بتسجيلها في المدرسة، وبدأت تتقدم وتتحسن تدريجياً، لأن المدرسة هي الشريك الثاني للأهل في رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة .”
أحمد المصطفى (33 عاماً) يشرف على تعليم الأطفال ذوي الإعاقة وعن ذلك يقول: “انعكست الحرب سلباً على بنية المجتمع بكل فئاته ولاسيما الأطفال، وأثرت في حياتهم واستقرارهم وتعليمهم، لذلك تعد المدارس المدخل الأساسي للاستجابة لاحتياجات الأطفال، وتوفير الدعم اللازم لهم، أما الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة فيحتاجون إلى معلم متخصص بحالاتهم، حيث يصعب على المعلمين العاديين التعامل معهم، لأنهم قد يحتاجون إلى تعليم فردي حسب حالة كل منهم”.
ويبين المصطفى أننا يجب أن نحاول ضبط مشاعرنا أمام الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، حتى لا يشعر أنه مختلف عن إخوته أو أصدقائه، وإخفاء النظرات العاطفية المشفقة تجاهه.
ويختتم المصطفى حديثه بالقول: “الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة هم جزء من المجتمع، وليس لهم ذنب بما هم فيه، لذلك يجب أن ندرك هذه الحقيقة لنساعدهم في الاندماج بالمجتمع، وتنمية سلوكياتهم وشخصياتهم، وإشعارهم أن الحياة ممكنة، والكرامة لا تتأثر بوجود حالات خاصة لدى الإنسان، وتوفير بيئة آمنة واعية، إضافة لتشجيع الوالدين على توفير معاملة إيجابية تجاه أطفالهم .”