طب الأعشاب البديل عن المشافي المستهدفة والأدوية المفقودة
أخيراً وجدت إيمان (39 عاماً) الحل البديل لعملية القثطرة القلبية الخطيرة والمكلفة التي كانت بحاجة لإجرائها، هذا البديل هو طب الأعشاب، الذي تقول عنه أنه “الأسهل والأجدى والأقل عناءً وتكلفة”.
إيمان واحدة من عشرات المرضى في ريف إدلب الذين لجأوا للتداوي بالأعشاب. في ظل تردي الأوضاع الصحية الناتجة عن غلاء ونقص الدواء، بالإضافة لغياب الرقابة الصحية ممثلة بتدهور القطاع الصحي، جراء الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من خمس سنوات. وهجرة معظم الأطباء إلى الدول الأخرى حيث الأمان والعروض المغرية.
تقول إيمان “كنت قلقة من احتمال عدم استطاعتي إجراء العملية، لعدم قدرتي على تسديد نفقاتها وبالتالي ازدياد حالتي سوءًا، ولكنني ما إن سمعت بفعالية الطب العربي الذي انتشر هذه الأيام حتى قصدته كملاذي الأخير”. وتلفت إيمان إلى أن وضعها بات أفضل بكثير بعد مداومتها على العلاج الذي وصفه لها “العطّار”، وهي التسمية التي يطلقها الأهالي على من يعمل في طب الأعشاب.
العطّار أبو عمر الصوراني (43 عاماً) يلقّبه أهالي كفروما في ريف إدلب بـ”الحكيم”، وهو يمتلك عيادة لطب الأعشاب منذ فترة طويلة، ولديه خبرة في الأعشاب الطبية اكتسبها من والده، ثم تحول إلى صنع الخلطات وتجهيزها للمرضى. يقول الصوراني “ثمة أنواع مختلفة من الأعشاب التي تعمل على شفاء العديد من الأمراض، فلكل عشبة ميزاتها وفوائدها”. ويعطي أبو عمر مثالاً على هذه الأعشاب فيقول ”هنالك أعشاب تغني عن القثطرة وتنقي الدم من الكوليسترول والدهون الثلاثية وتنقي الأمعاء والكبد والكلى”. ومن هذه الخلطات من الأعشاب بحسب أبو عمر “الثوم مع قشرة ليمون، زيت زيتون، ماء وزنجبيل طازج، هذه المواد تخلط مع بعضها ويتم تناول فنجان منها صباحاً وفنجان مساءً ولمدة إسبوع”. ويؤكد أن النتائج ستظهر واضحة بعد هذه المدة، تماما كما أكدت إيمان وبعض المرضى الذين تماثلوا للشفاء.
ويضيف الحكيم الصوراني “أن هنالك أدوية لحالات مرضية أخرى كشعر الذرة الذي يستخدم من أجل حل مشاكل الجهاز البولي وذلك لاحتوائه على البوتاسيوم الذي يلطف بطانة الجهاز البولي. وهنالك زيت بذر الكتان الذي يعمل على توازن سكر الدم”.
سليم الحسن (50 عاماً) وهو أحد مرضى السكري يقول “مشكلتي أنني لا أستطيع الاستغناء عن دواء السكري لكوني أعاني من هذا المرض منذ سنوات. ولكن الذي حدث مؤخرا بأن أدوية السكري فقدت من الصيدليات، وإن وجدت فهي ليست جيدة لأنها ذات مفعول ضعيف” ويرد الحسن سبب ضعف الدواء كون “مصدره تركيا، ومن المعروف عن الدواء التركي قلة فاعليته” على حد قوله. وأمام هذه المشكلة أخذ الحسن يرتاد عيادة أحد العطارين الذي وصف له زيت بذر الكتان، وبعد استخدامه وجد الفرق، ويشير الحسن إلى أن تناول “هذا العلاج أفضل بكثير من الأدوية الكيميائية لأن ليس له من أعراض جانبية، كما أنه متوفر وبكثرة لدى العطارين.”
سهير (18 عاماً) تعاني من طفح ومرض جلدي تسبب لها بحكة ومشكلة نفسية. حالتها تزداد سوءاً مع ازدياد تأثير مرضها على شكلها الخارجي. تقول سهير “حاولت الإستعانة بالأدوية لأشفى، ولكن دون جدوى، فقصدت أحد العطارين الذي وصف لي خل التفاح بأن أدهن به موضع الإصابة “. وجدت سهير فرقاً بعد استعمال العلاج بالأعشاب خلال مدة قصيرة.
وعن الفوائد الأخرى لخل التفاح يقول أبو عمر “إن خل التفاح من المواد الطبيعية الفعالة التي تعمل على مقاومة البكتيريا لاحتوائه على العناصر النادرة مثل البوتاسيوم، الكالسيوم، المغنيزيوم، الكلور، الصوديوم وغيرها، وهو يعالج بالإضافة للحساسية والطفح وحب الشباب علامات التقدم في العمر ونقص الوزن والإمساك، وذلك من خلال زيادة حركة الأمعاء لاحتوائه مادة البكتين التي تساعد على تحسين الهضم وتنظيم الحموضة في المعدة.”
ومن جهة أخرى يحذر أبو عمر من أن ثمة آثار جانبية خطيرة لخل التفاح إذا لم يتم استعماله بنسب معقولة، لأن كثرة تناوله قد تؤدّي الى تحلل الطبقة التي تغطي الأسنان وتحميها، مما قد يسبب إصفرار وحساسية الأسنان للحرارة والبرودة، ولذلك يجب أن يستعمل خل التفاح مخففا بالماء لتفادي هذه الأعراض.
أبو محمد (39 عاماً) أحد أهالي مدينة كفرنبل يرجح أن يكون سبب ارتياد معظم الأهالي في ريف إدلب لعيادات طب الأعشاب كونها لا تتطلّب البقاء داخل العيادة لفترة طويلة بانتظار مراجعة الطبيب، وإنما يعتمد العلاج على استخدامه في المنزل، وهو مايعتبره أكثر أمانا من النوم في المشافي والتردد إليها، في وقت أصبحت المشافي الأهداف الأولى لغارات الطيران.
على الرغم من انتشار ظاهرة طب الأعشاب في ريف إدلب إلا أن عياداتها غير مرخصة، وإن لم يصدر عنها أي خطأ طبي أو مشاكل دوائية حتى الآن.
تركي (52 عاماً) وهو خبير بالأعشاب بحسب ما يعرّف عن نفسه، يقوم بتجهيز عيناته من الأعشاب والزهور المتواجدة في المنطقة، ويؤكد بأنه عالج العديد من الأمراض ومنها الكولون، الشقيقة، ارتفاع ضغط الدم والشحوم والكولسترول وغيرها.
أم محمد (46 عاماً) تعاني من مشاكل قلبية، وقد استفادت من خبرات تركي، “كنت أعاني من خفقان في القلب، ولم تجدِ أدوية الصيدليات معي نفعاً، فقصدت خبير الأعشاب الذي وصف لي القرنفل مع العسل والخل، فوجدت الفرق منذ أول أسبوع بعد العلاج”. وتشير أم محمد إلى أن ابنتها أيضا كانت تشكو من الغثيان المتكرر فوصف لها الخبير الرمان المحلى بالعسل فشفيت أيضاً. وتعبر أم محمد عن سعادتها بشفائها وشفاء ابنتها وتقول أم محمد “لطالما كانت الطبيعة ومازالت نعمة من ألله أنعم بها علينا، فهي ذاتها عبارة عن صيدلية متكاملة، وهي مصدر الدواء الناجع لكل داء، وليس من وقت أحوج من وقتنا هذا للعودة إليها والتداوي بأعشابها”.