تركنا أنا وأولادي وذهب إلى زوجته الثانية
انسة سورية تعطي درساً لاطفال نازحين داخل خيمة أقيمت كمدرسة مؤقتة لتعليم الأطفال في بلدة الغارية الشرقية بريف درعا الشرقي.
"لم يفعل شيئاً حرام، هو تزوج على سنة الله ورسوله، كانت زوجته الجديدة أرملة من ريف دمشق الغوطه حموريه. هكذا قال لي ابن عمي وأسكنته معها في منزلها كانت تريد زوجاً فقط."
تركنا أنا وأولادي وذهب إلى زوجته الثانية
ضحى عباس
(ريف إدلب-سوريا) لم أدرك حتى الآن ما حدث، ولكنني أفهم جيداً أن حياتي معه أصبحت مستحيلة. كانت ثقتي به عمياء، وحبي له بلا حدود. لم أكن لأتخيل أن كل هذا سيبدر منه، زوجي الذي أحببته وبيني وبينه أولادي، أيفعل كل هذا بي؟ لم أكن لأصدق!
كنت بحاجة إلى كل شيء، إلى المال والحب والأمان. لكنني كنت أتحمل كل شيء في سبيل أن تبقى أسرتي متماسكة. حاولت الاتصال به ليلتها كي أطمئن عليه، كان في نوبته كالعادة، في أحد المقرات في عفرين، في قرية ميدانكي. حاولت مراراً لكنه لم يجب لا بل أقفل خطه. انتبابني شعور بالخوف عليه.
وبعد ساعة تقريباً اتصل بي، ليقول أنه كان في نوبة رباطه (خدمته العسكرية) مع رفاقه، لذلك لم يستطع الرد، وكعادتي أنا صدقته. لم أفكر أبداً ولو للحظه أنه يكذب عليّ، ولكن كنت أحس أنه يخفي عليّ أمراً كبيراً. كنت أخاف عليه من الخلايا النائمة في منطقه عفرين. لم أدرك أن الخبث بداخله لهذه الدرجة.
اتصل بي أخي الذي كان معه في نوبة الرباط، ليطمئن علي وعلى أولادي. سألته عن زوجي كيف حاله. أخبرني أن زوجي غادر المقر أول المساء ولا أحد يعرف إلى أين ذهب. عندما سمعت هذا الكلام من أخي لم أخبره بما رواه لي زوجي.
توقفت الكلمات في حنجرتي وأنهيت مكالمتي معه. كنت مربكة جداً، من جهة خائفة عليه. ومن جهة أخرى استغربت كذبه عليّ. بدأت أتساءل أين هو الآن، ولماذا يكذب عليّ؟ لماذا أخبرني أنه بالمقر وعنده نوبة رباط على الحاجز. هناك سبب وراء كذبه، ولكن ماهو لا أعلم. أخي أكد لي أنه خارج المقر وهو يقول أنه هناك. ماذا يخفي؟
حاولت الاتصال به مجددا لكن خطه مقفل. لم أعد أفكر بشيء بل ذهبت إلى مكان نومي بجانب أطفالي، أحمل عبئاً ثقيلاً ووسواس يأكل باطن عقلي. أين هو الآن؟
لم أفكّر أبداً أنّه يخونني مثلاً مع امرأة أخرى، من تلك النساء اللواتي كنت أسمع عنهن في تلك المناطق. اعتقدت أنه يخفي امراً ما عنّي. كان ذلك الأمر يقلقن.ي فأنا لم اتعود أن يكذب عليّ. لم أتصل به بعد ذلك اليوم. كانت اتصالتته قليلة ومختصرة.
في اليوم التالي جلست مع زوجة أخي. أخبرتني عن أشياء أشعلت ناراً بداخلي. أخبرتني قصصاً عن النساء في المنطقة حيث يرابط زوجي، أخبرتني عن النازحات والأرامل من حمص ودمشق، اللواتي يقمن في عفرين… حديثها شغل بالي لكنني كنت أتناسى.
بعد أيام عاد زوجي إلى المنزل من رباطه. لكنه لم يكن كعادته، لم أحس أنه مشتاق لي أو للأولاد. فمن عادته أن يفرح جدا بلقائنا، لكنه اليوم وكأنه فارق أحداً يحبه أكثر منّا. كانت ملامح وجهه باردة ويبدو عليه الإرهاق والتعب والضيق.
حضرت له الطعام تناوله ثم نام ليلتها بعيداً عني بمفرده. حينها أحسست أن هناك أنثى غيري في حياته.
في الصباح بدأت بتهيئة اغراضي واستعداداً للذهاب إلى منزل أهلي. وعندما استفاق تعجب من أمري .
قلت له الحقيقة وما أشعر به، وأخبرته أنني اكتشفت كذبته عليّ تلك الليلة. وانه تغير معي ومع أولادي.
تظاهر بأنه متعب من السفر وانه منهمك في هموم الحياة، وهمه الوحيد كيف يؤمن لنا لقمه عيشنا. لكن حيلته لم تنطلِ عليّ. علمت أنه لم يعد زوجي الذي أحببته وتحملت معه الكثير من الهموم والفقر.
ذهبت نحو الباب وأطفالي يركضون خلفي ويبكون. لم أتألم على سنين قضيتها معه بحلوها ومرها وأيام صبرت بها على كل فقره وألم المعيشة معه بقدر ما تألمت لدموع أطفالي. عدت أدراجي إلى الوراء.
خيانة مشروعة لم يعترف بها أبداً. بعد يومين عرفت الحقيقة كاملة من ابن عمّي الذي كان في نوبته، نعم زوجي تزوج بأخرى. تزوج زواجاً شرعياً ليس عليه غبار. لم يكن ليلومه أحد. لم يفعل شيئاً حرام، هو تزوج على سنة الله ورسوله، كانت زوجته الجديدة أرملة من ريف دمشق الغوطه حموريه. هكذا قال لي ابن عمي وأسكنته معها في منزلها كانت تريد زوجاً فقط. وكان يقضي معظم وقته عندها عندما كان هناك.
وعندما جاء زوجي بدأت دموعي بالسقوط دون كلام. أنها صدمة كبيرة لم يراع عشرة الأيام ولم يراع الأطفال الذين بيننا. لقد راعى مشاعره ونزوته فقط. أخبرته بالحقيقة وأنني علمت كل شيء عنه وأخبرته أنني سأبقى عند أبنائي ولكن من المستحيل أن نعود كما كنا زوجين.
وبعد عراك طويل بيني وبينه تركني أنا وأبنائي وعاد إلى زوجته بعفرين. لقد قتلني من الداخل قتلني ولن تعود زهرة الحب بيني وبينه لتزهر من جديد.
ضحى عباس (40 عاماً) من ريف إدلب، ربة منزل، وأم لخمسة أبناء.