أمل جديد للنساء السوريات في سرمدا
ورش تدريبية للنهوض بالمجتمع في سرمدا تصوير نهى الحسن
تنطلق الأرملة الصغيرة سعاد الصبيح (17 عاماً) بهمة عالية وإرادة صلبة صباح كل يوم إلى مركز التدريب المهني في مدينة سرمدا، بغية تعلم مهنة الخياطة.
فقدت سعاد زوجها قبل أشهر، جراء غارة استهدفت مدينة معرة النعمان، وترك لها طفلهما وسام الذي لم يكمل عامه الأول. نزحت سعاد الصبيح مع طفلها إلى مدينة سرمدا وهي تأمل بأن تتمكن من خلال الخياطة من إعالة نفسها وطفلها.
تم افتتاح مركز التدريب المهني في سرمدا نهاية العام 2017، بالتنسيق مع منظمة بيبل إن نيد. مديرة المركز ضياء الشيخ علي (38 عاماً) تقول: “هدفنا تعليم الفتيات اللواتي لم تسمح لهن ظروف الحرب القاسية متابعة الدراسة، لكي يتمكنّ من تعلم مهنة تساعدهن في حياتهن المستقبلية”.
وتضيف الشيخ علي: “يستقبل المركز النازحات وبنات الشهداء والمطلقات والأرامل، وذوي الاحتياجات الخاصة. الأنشطة تتضمن تعليم مهنة الخياطة مع التريكو والتطريز، مهنة التجميل وتصفيف الشعر، ومهنة التمريض. ويستقبل المركز الفتيات من عمر 14 حتى 18 عاماً. وخلال السنتين الماضيتين تم تخريج 150 طالبة، أما هذه السنة فقد تم تدريب وتخريج ما يزيد على 450 طالبة”.
وتشير الشيخ علي إلى أنه “من أبرز الصعوبات التي تواجه عمل المركز حالياً هي قلة الدعم، إضافة لضيق المكان وعدد الغرف القليل، حيث الطموح أن يكون عدد الغرف أكثر من ذلك حتى يتم استيعاب وإفادة أكبر عدد ممكن من الطالبات” .
وحول تفاعل المتدربات مع الدورات تقول أم يزن (43 عاماً) وهي إحدى المدربات في المركز: “معظم الفتيات استطعن تعلم المهن بمهارة عالية، وأخذن يمارسنها بكل حرفية وإبداع مشيرة إلى أن السبب الرئيسي للنجاح يكمن في الرغبة القوية بالمنافسة لدى المتدربات”.
رنا الصالح (18 عاماً) من بلدة راس الحصن القريبة من سرمدا، بعد اعتقال والدها من قبل النظام، وجدت نفسها وحيدة مع أمها وأخويها الصغيرين دون معيل، وبسبب مرارة الحاجة وقسوتها اضطرت الصالح لترك الدراسة، والتدرب على مهنة تستطيع من خلالها تأمين مصروف البيت بعيداً عن الذل والحاجة.
وتقول الصالح لحكايات سوريا: “التحقت بدورة في مركز التدريب المهني في سرمدا، وتدربت بكل عزيمة وإصرار على مهنة التمريض التي حصلت بموجبها على وظيفة في أحد المشافي الميدانية. أشعر بالرضا في عملي على الرغم من مشقته كوني أساهم ولو نوعاً ما في التخفيف من آلام أهلنا السوريين الذين تفتك بهم صواريخ الغدر يوميا بلا كلل ولا ملل”.
عضو المجلس المحلي في سرمدا أبو فراس (45 عاماً) يقول: “9 أعوام من الحرب الدامية، كابدت المرأة السورية خلالها الكثير متحملة أعباء الصراع وسط تغير دور الرجل أو غيابه لأسباب عديدة كالاختفاء القسري أو القتل أو الاعتقال”.
ويضيف أبو فراس: “أصبحت المرأة أحياناً المسؤولة الوحيدة عن حماية نفسها ورعاية عائلتها والإنفاق على أطفالها، ومثل هذه المراكز تعمل على حماية المرأة من آثار الحرب من خلال تنمية مهاراتها وقدراتها بشتّى المجالات كي يكون لها دور مؤثر وفاعل في المجتمع مستقبلاً”.
وينوه أبو فراس بأنه “على الرغم من كل التضحيات والتحديات التي واجهتها المرأة السورية، ماتزال بعض شرائح المجتمع ترفض فكرة كسر الصورة النمطية للمرأة وتبوئها لمناصب قيادية في المجتمع، بيد أن الثورة السورية عملت على كسر العديد من تلك القيود الاجتماعية”.
ويشير أبو فراس: “أن سوريا مابعد الثورة تختلف عن سوريا ما قبل الثورة، فاليوم يوجد مجتمع مدني نشيط نوعاً ما، يحاول خلق وعي لدى الناس حول أهمية وفاعلية المرأة في المجتمعات المحلية”.
أحمد الصح (48 عاماً) وهو أحد سكان مدينة سرمدا يعبّر عن إعجابه بفكرة تفعيل دور المرأة وتمكينها في جميع المجالات. ويدعو الصح لتقديم شتى أنواع الدعم في سبيل استمرار دور المرأة الذي بات ضرورة وحاجة ملحة .
تعاني المرأة في سوريا عموما من الضعف والانكسار والتهميش في ظل الواقع المرير الذي تشهده البلاد. ولأن تجاهل المرأة في المجتمعات يؤدي إلى ضعف في بنيتها، تحاول منظمات المجتمع المدني في إدلب وريفها انتشال المرأة من دائرة الخوف لتكون ركيزة أساسية وفاعلة في المجتمع السوري .