وقف الدعم لم يوقف عمل مشفى كفرنبل الجراحي

إنخفض عدد المراجعين من المرضى في مشفى كفرنبل الجراحي من 5000 آلاف إلى ما دون 2000 مريض شهرياً. وليس السبب في هذا الانخفاض تحسّن صحة هؤلاء بل نتيجة توقف مؤسسة أورينت للأعمال الإنسانية عن دعم المشفى مالياً، وامتناع عدد من الأطباء عن العمل من دون أجر.
في 17 أيار/مايو 2016، رفع مجلس إدارة مؤسسة أورينت الدعم المالي عن مشفى كفرنبل الجراحي. ووضع كافة الأجهزة والمعدات الطبية و وأثاث المشفى بتصرّف المجلس المحلي للمدينة. ورغم هذا القرار ما تزال الخدمات تقدم في المشفى، ولكن من دون توفير أجور للعاملين.
رئيس المجلس المحلي في كفرنبل مصطفى علي الشيخ (43 عاماً) يقول: “تسلمنا كتاب مؤسسة أورينت. وكانت صدمة كبيرة وخسارة فادحة للأهالي. لم نتوقع استمرارية للمشفى، بسبب وقف دفع أجور العاملين فيها، لكن عند لقائنا بالمسؤولين عن المشفى، وجدنا إصراراً لا مثيل له على متابعة العمل تطوعيا من قبل كافة العاملين فيها باستثناء عدد قليل من الأطباء”.
ويتابع الشيخ: “لا يستطيع المجلس المحلي بإمكاناته الحالية تقديم أي دعم مالي للمشفى والعاملين فيه، وحتى هذه اللحظة لم نستطع تقديم إلّا بعض المواد والأدوات البسيطة. لكننا نعمل للتواصل مع بعض المنظمات الداعمة التي تهتم بالعمل الطبي من أجل الحصول على دعم مالي يعيد للمشفى ما خسره نتيجة قرار مؤسسة أورينت”.
مدير المشفى الدكتور زاهر حناك (42 عاماً) يقلّل من تأثير رفع الدعم المالي ويقول: “لم تتأثر الخدمات الطبية التي يقدمها المشفى، فمعظم العاملين فيه ما زالوا يقومون بمهامهم تطوعياً ودون أي تقصير، لأن دعم مؤسسة أورينت كان محصوراً بالأجور والمحروقات وبعض الأجهزة الطبية التي ما زالت تعمل على تنوعها، ولأن المواد الطبية الرئيسية ما تزال متوفرة لأنها تأتي من عدد من المنظمات والهيئات”.
الدكتور حناك وهو طبيب الجراحة البولية شكر لكل العاملين في المشفى متابعة عملهم تطوعياً ودون مقابل، كما شكر الأطباء الذين عرضوا خدماتهم للعمل في المشفى مجاناً قدر المستطاع وعند الحاجة، وأشار إلى”وجود أمل كبير بتأمين جهة داعمة جديدة في القريب العاجل”.

مدير المشفى الإداري المحامي ياسر السليم (43 عاماً) يقول في حديثه للموقع: “بفضل الله ما يزال المشفى يقدّم الخدمات الصحية للمواطنين، كذلك بفضل الكادر الطبي والإداري في المشفى، الذين أصروا على التطوع لمتابعة العمل مجاناً، رغم الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها بعض العاملين”. وأكّد “أن عدد العاملين لم يتأثر أمّا الأطباء بفبقي منهم طبيبان مختصان بالجراحة البولية والجراحة العامة. إضافة إلى انضمام طبيبي جراحة عامة وجراحة عظمية لفريق العمل المتطوع”.
ونفى السليم الإشاعات المغرضة التي نشرها بعض الأطباء عن قلة خبرة الكادر الطبي في المشفى، وأكد أن غالبية الممرضين يملكون شهادات تؤهلهم للقيام بعملهم إضافة إلى عدد سنوات الخبرة التي قضوها في مشافي الحكومة سابقاً، كما أكد أن إدارة المشفى تسعى جاهدة لتأمين الدعم المالي للمشفى والعاملين فيه.
محمود البيوش (35 عاماً) ترك عمله في إحدى اللجان الطبية المسؤولة عن إعفاء المطلوبين للخدمة الإلزامية في مشفى حلب العسكري بداية عام 2012، يقول البيوش: “أعمل حالياً رئيساً لقسم في مشفى كفرنبل الجراحي، وكنت أتقاضى 300 دولار أمريكي أجراً شهرياً، ومنذ أن توقفت مؤسسة أورينت عن تقديم الدعم المالي للمشفى لم أتقاضَ أي أجر، ولم أفكّر بترك عملي هنا مهما كانت النتائج، لأن تركي للعمل سيسبب مشاكل في القسم، وأنا على استعداد لمتابعة عملي مهما طالت مدة عدم تواجد الدعم”.
نهاية العام 2012، ترك فايز جعار (48 عاماً) عمله كممرّض في مشفى المزة العسكري في دمشق، وهو يعمل حاليا ضمن طاقم الممرضين في المشفى. ويؤكّد جعار على الاستمرار في تقديم الخدمات الطبية للأهالي بدون مقابل وكعمل تطوعي ويقول: “لم يتأثر أحد من طاقم التمريض بتوقف الدعم، وما نزال نمارس عملنا في المشفى كما في السابق”.
أما رئيس مجموعة الحراسة في المشفى عهد الحسين (43 عاما) فيقول: “لم يترك أي عنصر من عناصر حراسة المشفى عمله، ورغم ضعف الحالة المادية للعناصر فإنهم يتابعون عملهم العمل طوعياً على مدار الساعة، لكننا نأمل أن يتم تأمين الدعم المالي للمشفى لأن في ذلك مصلحة للأهالي وللعاملين في المشفى”.
أبو محمد (44 عاماً) المسؤول عن المختبر يقول: “العمل المخبري في مشفى كفرنبل الجراحي مستمر، ما زال عدد الفنيين المخبريين على حاله، ولم يتغير علينا أي شيء ما عدا عدد حالات التحليل المخبري التي كنا نقوم بها، حيث تدنى عدد طلبات التحليل المخبري من 2500 تحليل شهرياً إلى ما يقارب 800 تحليل و ذلك بسبب نقص عدد المرضى المراجعين للمشفى”.
“تعرّضت وفاء (11 عاماً) لألم شديد في خاصرتها، صادف ذلك في ثاني أيام عيد الفطر الماضي” تقول والدتها أم سامر (28 عاماً) وتضيف: “تم إسعاف وفاء إلى أقرب مشفى، وطلبوا منا في المشفى، وهو مشفى خاص، 75 ألف ليرة سورية لإجراء عملية جراحية لاستئصال الزائدة، لكننا فضلنا الذهاب لمشفى كفرنبل الجراحي كونه يقدم الخدمات مجاناً، رغم ادعاء أحد الأطباء بضعف خبرة الكادر الجراحي فيها. ما إن وصلنا المشفى حتى استقبلنا المسعفون بسرعة وتم اجراء الفحوصات اللازمة التي دخلت بعدها وفاء إلى غرفة العمليات. وتم إجراء العمل الجراحي لابنتي بنجاح، دخلت بعدها لقسم العناية المشددة لمدة يومين وبعدها تابعت العلاج المتبقي في المنزل دون دفع أي مبلغ، وباهتمام طبيعي من قبل العاملين في المشفى”.