النازحون يتركون خيامهم إلى الغابات والأنهار بفعل حرارة الصيف

تتميز مناطق ريف اللاذقية بجوها المعتدل صيفاً وبجمال طبيعتها. وكانت قرى جبلي الأكراد والتركمان تعد من مناطق الاصطياف. يقصدها معظم سكان سوريا من مختلف المحافظات. لاسيما مصيف سلمى في جبل الأكراد وبلدة ربيعة في جبل التركمان. ولكن نتيجة تقدم قوات النظام وسيطرتها عليها وحرق أغلب غاباتها بفعل القصف والمعارك، تحول سكانها إلى نازحين في المخيمات  يبحثون عن حلول لموجة حر فصل الصيف.

أكثر من 80% من سكان الريف زحوا باتجاه مناطق ريف إدلب الغربي، ليسكنوا المخيمات بالقرب من الحدود التركية كونها مناطق أمنة بعض الشيء. يواجه معظم النازحين صعوبة في التعايش مع الحرارة المرتفعة في مناطق ريف إدلب، خصوصا أنهم يسكنون الخيم، ما يزيد من درجات الحرارة.

ويحاول بعض النازحين التغلب على حرارة فصل الصيف بحلول مبتكرة. أم خالد (43 عاماً) تشكو صعوبة البقاء في الخيمة خلال النهار بسبب الحرارة المرتفعة. وتقول أم خالد “بعد شروق الشمس أخرج أنا والأطفال من الخيمة ونقصد الغابة القريبة من المخيم، لنمضي يومنا هناك برفقة نساء المخيم. وهناك نقوم بتحضير الطعام للعائلة تحت ظل الأشجار، ما يسهل علينا العمل.  خصوصا أننا نعتمد على الحطب في الطهي لعدم توفر الغاز.

الهرب من مخيمات النزوح إلى مياه النهر بسبب الحرارة تصوير أحمد حاج بكري

من جهته قال الحاج أبو محمد (64 عاماً) وهو نازح من مصيف سلمى في جبل الأكراد “في مثل هذه الأيام من السنوات الماضية كنت أمضي يومي بالعمل بالأرض التي أملكها بجانب منزلي، وهي كانت بالنسبة لي أجمل ما أملك. لم تكن الشمس تصيبني وأنا داخل الأرض ولم أكن أشعر بحرارة فصل الصيف بسبب المناخ الجميل الذي كنا نعيش به، وهو مناخ مختلف بشكل كبير عن هذه المناطق”. ويتابع أبو محمد قائلا “رغم القصف العنيف الذي كان يتعرض له مصيف سلمى، إلّا أني لم أترك منزلي، وقلت أكثر من مرة لعائلتي أفضل أن أموت هنا على أن أترك أرضي و منزلي. ولكن بعد تقدم النظام وتدخل الطيران الروسي أجبرت على تركهم  والنزوح إلى هذا المخيم”.

يمضي أبو محمد نهاره بالتجول في الغابة القريبة من المخيم، على أمل أن يعود إلى منزلي عن قريب ويقول أبو محمد “أعمل في أرض هنا تشبه أرضي لكونها مزروعة بشجر التفاح، ولكني أجد صعوبة بالعمل صباحا بسبب الحرارة المرتفعة، وأقوم بالعمل قبل مغيب الشمس لساعات قليلة. أنام في قطعة الأرض صباحاً، لأن النوم تحت شجر التفاح أفضل من النوم بالمخيم حيث تصل درجة الحرارة في بعض الأيام الى أكثر من 40 درجة أما بمصيف سلمى فلم تتكن تتجاوز درجات الحرارة الـ 30 درجة في أكثر الأيام حراً”. ويبقى أكثر ما يواجهه أبو محمد من صعوبات هو عدم توفر خيم لجميع العائلات النازحة. يتجاوز عدد أفراد عائلة أبو محمد وعائلة إبنه الـ 11 شخصاً وهم يقيمون جميعاً في خيمة واحدة رغم كل هذا الطقس الحار.

أما الشباب فيقصد أغلبهم الأنهار الموجودة في المنقطة بهدف السباحة، كونها أكثر ما يشتهر به أبناء الساحل. علي وهو مقاتل في صفوف الفرقة الأولى الساحلية، يقول “أعود إلى المخيم بعد إنتهاء  الحرس على خطوط الجبهة، ولكني أجد صعوبة في الاستراحة داخل خيمتي بسبب الحرارة المرتفعة، ما دفعني الى التوجه بشكل شبه يومي بصحبة رفاقي الى نهر قريب من المخيم أمضي به أغلب وقتي وأقوم بالسباحة، ما يذكرني بالبحر وأيام الساحل وهذا ما يشعرني بالراحة، فضلا عن أنها فرصة بالنسبة لي  للقيام بما يشبه السياحة التي حرمت منها خلال الثورة. بالإضافة إلى لقائي بالكثير من الأصدقاء على النهر حيث نجلس ونتبادل أحاديث الجبهات والمعارك ونمضي يومنا بعيدا عن حرارة الشمس إلى حد ما” .

يذكر أن مخيمات ريف إدلب الغربي تضم أكثر من 20 ألف مدني من نازحي جبلي الأكراد والتركمان يواجهون حر الصيف، في ظل إنقطاع الكهرباء وإرتفاع درجات الحرارة بشكل كبير بحسب تقدير المنظمات الإغاثية العاملة في المنطقة .

 

من جهتها مديرية الصحة في الساحل، التابعة لوزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة، تقوم بحملات لقاح دورية ضد أمراض الحصبة وشلل الأطفال واللشمانيا، والأمراض الأخرى التي تسببها الحرارة المرتفعة والتي من المحتمل أن تنتشر بين سكان المخيمات في ظل غياب الرعاية الصحية والبناء العشوائي لمخيمات النازحين.